يبدو أن الخلافات بين الحكومة السودانية والمعارضة بشأن تأجيل الانتخابات العامة أو إجرائها في موعدها لن يتوقف إلا بتوجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع في الحادي عشر من أبريل/نيسان المقبل.
كما يبدو أن الموقف غير المتجانس لشريكي الحكم (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان) سيؤثر كثيرا في قرار التأجيل من عدمه.
ففي حين يتمسك مرشح حزب المؤتمر الوطني الرئيس عمر البشير بقيام الانتخابات في موعدها، أعلنت الحركة الشعبية أنها ستعيد تقويم مشاركتها في الانتخابات المقبلة على ضوء تهديدات البشير بطرد المراقبين الدوليين "ما يؤكد سيطرة المؤتمر الوطني ورئيسه على العملية الانتخابية والمفوضية". بحسب أمينها العام باقان أموم.
مقابل ذلك يتجه تحالف المعارضة في الأيام المقبلة لوضع حد نهائي للمشاركة في الانتخابات التي يصفها سلفا بالمزورة والابتعاد عن إعطاء شرعية لنظام لم يأت به الشعب بحسب الناطق الرسمي باسم التحالف فاروق أبو عيسى.
خيارات محدودة
ويري مراقبون ومحللون سياسيون أن خيارات مشاركة القوى السياسية المعارضة في العملية الانتخابية ربما باتت محدودة بل تشكل النسبة الأقل في كافة الاحتمالات المتوقعة.
وكان الرئيس البشير قد أكد رغبته بعدم تأجيل الانتخابات حتى "ولو ساعة واحدة" مطالبا القوى السياسية بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع لحسم من يحكم السودان في الفترة المقبلة.
بينما أكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي سليمان حامد أن حزبه لم يغلق ملف الانسحاب بالكامل "لكننا نرى أن قرار تأجيل الانتخابات قد تجاوزه الزمن".
وقال للجزيرة نت إن المسوغات القانونية لتأجيل الانتخابات قد انتفت بسبب مفاوضات الدوحة بشأن دارفور بين المؤتمر الوطني وحركة العدل والمساواة والتي لم تشهد أي تعثر.
وأكد حامد رفض حزبه تأجيل الانتخابات دون الاتفاق على حكومة قومية انتقالية محايدة إضافة لتأجيل الاستفتاء لتمكين الحكومة الجديدة من معالجة المشكلات العالقة، مستبعدا أي تأثير لمقاطعة قوى المعارضة للانتخابات "ما لم تجد سندا وموقفا قويا من الحركة الشعبية".
أما الأمين السياسي للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف فأشار إلى ما سماه تعويق المؤتمر الوطني لقرار التأجيل، منبها إلى وجود قرار بتأجيل جزئي يشمل بعض الولايات الشمالية.
لكنه قال في تصريح للجزيرة نت إن الخيار الأقوى لقوى المعارضة هو مقاطعة الانتخابات بشكلها الحالي "حتى يتيقن العالم أجمع من اتهامات المعارضة ويعرف المؤتمر الوطني على حقيقته".
من جانبه اعتبر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري أن كل المؤشرات تشير إلي تمسك المؤتمر الوطني بإجراء الانتخابات في موعدها دون تأجيل.
قرار المفوضية
وقال للجزيرة نت إن قرار التأجيل تملكه المفوضية القومية للانتخابات "لكنها عمليا تعمل في بيئة سياسية ينحصر فيها القرار بين شريكي الحكم".
واعتبر أن المعارضة تعيش بين نارين "فتأجيل الانتخابات يعني استمرار حكومة الإنقاذ، وإجراؤها في هذه الظروف يعطي الشرعية الشعبية لذات الحكومة".
وأكد موضوعية مبررات التأجيل "لأن هناك مناطق ما تزال غير آمنة في كثير من الولايات السودانية" متوقعا أن تؤدي مقاطعة الحركة الشعبية مع تحالف المعارضة إلى استقطاب دولي داعم للتأجيل و"سيحمل المؤتمر الوطني مسؤولية ما ينشأ من مشكلات إثر ذلك".