شيعت الأوساط الأدبية والثقافية في ليبيا أمس بمدينة بنغازي جثمان الشاعر محمد الشلطامي (65 عاما) الذي توفي إثر مرض عضال لم يمهله طويلا.
واعتبر المشاركون في التشييع رحيله خسارة "فادحة للمشهد الشعري الوطني والعربي"، وقال الكاتب محمد المفتي إن الفقيد "قامة سامقة في الشعر الليبي الذي ردد قصائده المتمردة والمدافعة عن الحرية والإنسان، إبان عقدي الستينيات والسبعينيات".
وأشار المفتي إلى أنه على الرغم من أن الراحل لم يعرف على الصعيد العربي "فإن عطاءه الشعري يضعه في مصاف الشعراء العرب الكبار في نهاية القرن العشرين"، مضيفًا أن الشلطامي قاسى مرارة التعسف وتعرض للسجن عدة مرات.
من جانبه قال الشاعر إدريس بن الطيب "برحيل الشلطامي تفقد ليبيا نموذجا فريدا من شعراء هذا العصر، لم تنحن قامة كلماته أمام سلطان".
ضد العسكر
وأضاف أن قصائد الراحل "لم تنحن تحت وطأة التعذيب عام 1976، ولا تحت ضرب عساكر الأمن، ورسم لشعره خطا متميزًا تجعلك تشعر رائحة الاحتراق فيه، وقد سخرها للناس يكتب لهم وعنهم ضد الهمجية والحروب والعسكر".
وأكد ابن الطيب أن نجم الشلطامي لن يتكرر في ليبيا، إلا بعد مئات السنين وهو القائل "أغلقوا الكوة في أعلى الجدار، إن يكونوا عصبوا عيني، من يعصب قلبي؟".
واعتبر ابن الطيب نفسه من تلاميذ الشلطامي قائلاً إنه تعلم منه الصرخة في شكل قصيدة.
من جانبه قال الكاتب عبد الله مليطان إن رحيل الشلطامي "حدث جلل، وقيمته الشعرية لا تقل عن شعراء العرب المعاصرين، وإن شعره ليس قليلاً أو غزيرًا، لكنه على الناقد التوقف عنده".
وأضاف "إن شعره لم يكتبه أحد من شعراء ليبيا، روحه ونفسه وقضاياه لم يتطرق إليها أحد من الشعراء الليبيين".
وأكد أن الكثيرين "سوف يدرسون شعر الشلطامي، ويلتفتون إليه لأنهم سوف يدركون قيمة كتابته الآن".
أما الشاعر السنوسي حبيب فقال إنه من الصعب تعويض شاعر مثل الشلطامي, وإن ليبيا فقدت علما من أعلامها الكبار، كما وصف الكاتب سالم العبار الشلطامي بأنه شمس قائلاً إنه يعني الحرية والتراب والمكان.
سيرة ذاتية
ولد الشلطامي في مدينة بنغازي عام 1945، وعرف عنه معارضته لما هو سائد، مما أدى إلى سجنه عدة مرات في عهد الملك، وحتى بعد وصول الزعيم الليبي معمر القذافي إلى السلطة إثر انقلاب عسكري عام 1969.
وعمل الشلطامي في بداية حياته الوظيفية مدرسا بالمرحلة الإعدادية في إحدى مدارس بنغازي، وبعد إنشاء دار الكتب الوطنية انتقل للعمل بها، كما عمل في إذاعة "صوت الوطن العربي الكبير" بمدينة بنغازي.
نشر الفقيد إنتاجه الأدبي والشعري في الصحف والمجلات الليبية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات مثل صحف "الحقيقة" و"جيل" و"رسالة" و"قورينا" وغيرها، وكانت تربطه علاقة صداقة حميمة بالمفكر الليبي الصادق النيهوم ورئيس تحرير صحيفة "الحقيقة" الصحفي رشاد الهوني.
وللراحل عدة دواوين شعرية منها "منشورات ضد السلطة" الذي نشره عام 1964 وديوان "يوميات تجربة شخصية" عام 1967 وديوان "الحزن العميق" وقد نشره عام 1972 وديوان "تذاكر الجحيم" الذي نشره 1974.
كما نشر أيضا عام 1984 ديواني "أفراح سرية "و"تحقيق سريع مع السيد الجهل"، وله أيضا مجموعة شعرية بعنوان "قصائد عن شمس النهار" و"قصائد عن الموت والحب والحرية" ومجموعة أخرى بعنوان "الليل في المدائن الكبرى".