كشفت مصادر "الشروق" من داخل ليبيا، أن مخططا أمريكيا خطيرا بأيادي دولتين خليجيتين يسعى إلى تقسيم الجنوب الليبي إلى دويلات.
وهذا عن طريق سلسلة من المفاوضات واللقاءات السرية التي تتمّ بين الدولتين الخليجيتين وبين أطراف ليبية مهمة تساعد على ذلك، حيث تتنافس هاتان الدولتان على استضافة بعض العناصر من التوارق والتبو في عواصمها والصرف عليهم فقط لدعم فكرة الانفصال عن ليبيا، وإقامة دويلات عرقية لهم، وهو ما أثار استهجان الليبيين، ومنهم التوارق أنفسهم.
مصادر "الشروق" كشفت عن وفدٍ ليبي مهمّ موجود هذه الأيام لدى إحدى الدول الخليجية المهمّة المعروفة بسياستها المُساعِدة لحكومة طرابلس، أما الشخصيات الليبية الكبيرة التي تقود اللقاءات السرية فهي شخصية تارقية كبيرة اصطحبت معها إلى تلك الدولة شخصياتٍ من مالي والنيجر وبعض الشخصيات الأزوادية، رفقة ضبّاط ومؤسسات المجتمع المدني من بعض أطراف التوارق وبعض الأعيان، وهذا كله تحت ستار إيقاف الحرب بين التوارق والتبو.
أما التبو، يضيف مصدرُنا، فإن وفدهم ترأسه شقيقُ نائبٍ بالبرلمان الليبي في طبرق، ويُعتبر من الشخصيات البارزة المهمّة في السلك الدبلوماسي الموجود في تلك الدولة الخليجية، إلى جانب أعيان من التبو والكمنجي وهي قبيلة من تشاد، وكذا بعض أعيان قبائل شمال تشاد.
الاجتماعات والمفاوضات السرّية التي تقودها دولٌ خليجية بين التوارق والتبو، خلق أزمة كبيرة بين أمريكا التي تقود مساعي التقسيم بأياد ليبية، وفرنسا التي أحسّت أنها بدأت تخرج من ساحة الأجندة الليبية وصحرائها الشاسعة، ما خلق توترا ورفضا وتدخلا من قبل أجهزة الأمن الفرنسية التي بدأت في مساع جديدة للعودة بقوة، وهذا عن طريق استدعاء الموالين لها في ليبيا من بعض التوارق والتبو والاجتماع بهم في دولةٍ مجاورة كنوع من العودة القوية وإفساد الأمر على مخطط التقسيم الذي تقوده الدولتان الخليجيتان.
مخطط التقسيم الذي سُرِّب لـ"الشروق"، يتركّز على إقامة دويلات داخل الجنوب الليبي تتوسّع امتداداتها إلى دول الجوار، أما التقسيم فسيشمل ثلاث دويلات هي "دولة التوارق" و"دولة التبو" و"دولة القبائل العربية فزان"، هذه الأخيرة التي تُعتبر أهمّ منطقة ليبية مليئة بالثروات كالذهب واليورانيوم والنفط والغاز والمياه وغيرها...
مصادر "الشروق" أكّدت أيضا أن الدولتين الخليجيتين اللتين تسعيان إلى خلق التقسيم في الجنوب الليبي، تعمل كل واحدة منهما على حدى، لأنّ لكل واحدة منهما أجندتها وسياستها القائمة على دعم طرف من الأطراف الليبية المتنازعة، خاصة وأن إحدى هاتين الدولتين متحكّمة بشكل جيد ودخلت بقوة في الجنوب الليبي، وهذا عن طريق قاعدة "الواو" العسكرية الجنوبية التي تقع تحت سيطرة قبائل التبو في الجنوب الليبي، وهنا، يضيف مصدرنا، أنزلت هذه الدولة منذ أيام قليلة 300 عسكري إفريقي بليبيا، وهي ليست المرة الأولى التي تقوم فيها بمثل هذه العمليات، يضيف المصدر، الذي تحدّث عن إنزال سابق للذخائر والأسلحة وحتى المواد الغذائية في القاعدة نفسها، وكلها لصالح الموالين لهم من التبو وبعض التوارق.
وعن جبهة الأزواد، يقول محدّثنا إنها لم تسلم هي الأخرى من المخطط الجديد؛ إذ يسعى كل طرف إلى ضمّ هذه الجبهة إليه، وهذا عن طريق تقديم عروض وامتيازات لها، ولكل التوارق في منطقة الساحل، لكن أطرافاً كثيرة في التوارق ترفض هذا المخطط التفتيتي الخطير لما له من انعكاسات وخيمة على المنطقة برمّتها.
يأتي هذا في ظل توتر كبير تشهده منطقة الجنوب التي باتت بؤرة حقيقية لتجارة السلاح ومعاقل أكبر التنظيمات الإرهابية التي تفرّ من دول الجوار وتتخذ من الجنوب الليبي مركزاً وغرفة عمليات كبيرة خاصة بها.