عبد الرحمن سهل-نيروبي
تشهد العلاقات الصومالية الكينية توترا هذه الأيام بسبب خلاف بشأن القوات الصومالية التي تلقت تدريبا عسكريا على أيدي ضباط كينيين داخل الأراضي الكينية.
فقد أكدت مصادر كينية وصومالية رفيعة للجزيرة نت وجود تباين في المواقف بشأن الجهة الصومالية التي تشرف على هذه القوات، هل هي وزارة الدفاع أم وزارة النقل التي ستواصل الإشراف على هذه القوات حتى نهاية المشوار، أي دخول القوات في معارك مع حركة الشباب المجاهدين في مناطق جوبا الصومالية المحاذية لكينيا.
فبينما تريد الحكومة الانتقالية الصومالية وضع هذه القوات تحت تصرف وزارتي الدفاع والشؤون الداخلية، تتمسك كينيا بعدم نقل مسؤولية القوات من وزير النقل إلى أي جهة صومالية أخرى خوفا من إرسال القوات إلى العاصمة مقديشو.
وفي مسعى للتوصل إلى حل نهائي حول تلك القضية الشائكة، عقد رئيس الوزارء الصومالي عمر عبد الرشيد سلسلة من اللقاءات المكثفة مع المسؤولين الكينيين خلال الأسبوع المنصرم لشرح وجهة نظر حكومته حيال قواتها الموجودة في كينيا، غير أنه عاد يوم الجمعة الماضية إلى مقديشو دون التوصل إلى حل، وفق مصادر صومالية مطلعة.
شريف وكيباكي
وقد سلم عبد الرشيد الرئيس الكيني مواي كيباكي رسالة من نظيره الصومالي شريف شيخ أحمد بخصوص القوات الصومالية في كينيا.
وعلمت الجزيرة نت أن شيخ أحمد طلب من كيباكي نقل مسؤولية القوات الصومالية بكينيا من وزير النقل محمد عبده محمد غاندي إلى وزير الدفاع عبد الله بوس أحمد ووزير الدولة للشؤون الداخلية عبد الرشيد محمد حدك، غير أن الحكومة الكينية رفضت طلب شيخ أحمد، وفق ذكرته للجزيرة نت مصادر صومالية كينية رفيعة المستوى.
إستراتيجية كينيا
وتقضي الخطة الكينية بعدم تغيير القيادات السياسية والعسكرية للقوات الصومالية التي أكملت تدريباتها على أراضيها لوجود علاقات عشائرية متينة تربطها مع القبائل الصومالية بالجنوب الصومالي المحاذي لكينيا، وكون القوات الصومالية في كينيا موالية -وفق مصادر مطلعة- لعشيرة أوغادين ذات الأغلبية السكانية في مناطق جوبا.
وأشارت المصادر إلى أن هناك مخاوف كينية من أن يؤدي تغيير القيادة الحالية للقوات الصومالية بكينيا إلى نقل هذه القوات إلى مقديشو، الأمر الذي يفشل المساعي الكينية الرامية إلى خوض معارك ضد حركة الشباب المجاهدين، علما أن الاتفاقية العسكرية الموقعة بين البلدين كانت تنص على تدريب قوات صومالية لمناطق جوبا وفق رؤية وزير النقل محمد غاندي.
وفي المقابل فإن هناك مخاوف لدى الحكومة الانتقالية الصومالية من إنشاء حكم ذاتي في مناطق جوبا شبيه ببونت لاند (أرض الصومال) والذي سيتمتع باستقلال إداري وأمني وسياسي، ولو محليا، وسيكون مرتبطا بكينيا على طريقة بونت لاند التي تربطها علاقات وثيقة مع إثيوبيا.
وبدد وزير النقل الخصم العنيد -كما يقال- للرئيس شريف مخاوف الحكومة الصومالية من إنشاء حكم ذاتي، غير أنه كشف للجزيرة نت خططهم الرامية لإنشاء نظام خاص للإقليم في إطار النظام الفدرالي للحكومة الصومالية، وهو ما قد يؤدي إلى تفكيك جمهورية الصومال في الوقت المنظور، حسب رأي المحللين للشؤون الصومالية.
ويرى محللون لشؤون العلاقات بين كينيا والصومال أن "هذه هي المرة الأولى التي تلتقي فيها مصالح كينيا مع عشائر أوغادين في مناطق جوبا".
ويطلق البعض على القوات الصومالية في كينيا اسم صحوات صومالية جديدة، حيث ستحارب كينيا -من خلال دعمها للعشائر الصومالية في مناطق جوبا- حركة الشباب المجاهدين التي أصبحت مصدر قلق لكينيا بعد سيطرتها الكاملة على مناطق جوبا الإستراتيجية المجاورة لكينيا في ديسمبر/كانون الأول 2009 بعد سلسلة من المعارك خاضتها الحركة مع مقاتلي الحزب الإسلامي الصومالي.
ويرى مراقبون أن كينيا تحاول خلق حزام أمني حدودي مع الصومال بالتعاون مع العشائر أسوة بإثيوبيا التي تتعاون مع العشائر الصومالية عبر الطرق الصوفية، وقد حققت إثيوبيا جزءا من إستراتيجيتها الرامية إلى إبعاد عناصر حركة الشباب من المناطق الحدودية من خلال دعمها العسكري والسياسي لمليشيات صومالية صوفية ذات طبيعة عشائرية.