اجتمعت غرفتا البرلمان الجزائري برئيسيهما العربي ولد خليفة وعبدالقادر بن صالح، أمس الأحد، من أجل دراسة ترتيبات تعديل الدستور المنتظر خلال نهاية الأسبوع القادم، بعد إقرار الرئيس بوتفليقة التعديل في المجلس الوزاري الأخير عبر البرلمان وليس عن طريق الاستفتاء الشعبي.
وذكرت مصادر من داخل الغرفة الأولى لـ"العرب"، أن الاجتماع درس تشكيل لجنة مشتركة بين الطرفين لإدارة التحضيرات، تحسبا للدعوة المنتظرة من قبل الرئيس بوتفليقة للانعقاد من أجل تزكية التعديلات الدستورية، وهي الدعوة المنتظرة منتصف الشهر الجاري.
وفيما يتطلع المتتبعون لطبيعة التعديلات المعلنة، فإن الأذرع السياسية للسلطة أعلنت حالة الاستنفار في هيئات أركانها، من أجل تمرير التعديلات بعيدا عن التأويلات السياسية وضغوط المعارضة، خاصة في ظل الانتقادات التي تطال البرلمان الجزائري، على خلفية شبهات الشرعية المهزوزة والانتخابات التشريعية المزورة للعام 2012. وفي هذا الشأن يرتقب اجتماع للمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم نهاية الأسبوع الجاري لدراسة الملف، كما ينتظر أن يلتقي أحمد أويحيى مع مكتبه في حزب التجمع الوطني الديمقراطي لنفس الغرض، والأمر ينسحب على جميع أحزاب السلطة المؤيدة لبوتفليقة، على غرار الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس، وتجمع أمل الجزائر “تاج” لعمار غول.
وتتوقع مصادر مقربة من محيط الرئيس، أن تذهب أحزاب السلطة إلى تشكيل لجنة مشتركة بينها لتنسيق أعمالها والسهر على تعبئة نوابها، من أجل إنجاح المشروع الذي تعول عليه الموالاة للاستمرار في السلطة والحفاظ على مواقعها في المشهد السياسي الجديد، خاصة في ظل التغييرات التي ستتوج مرحلة تعديل دستور البلاد والتي ستمس بالدرجة الأولى الحكومة الحالية. وتتداول كواليس المؤسسات الموالية للسلطة، تغييرات هامة سيجريها الرئيس بوتفليقة عقب تعديل الدستور، تمس بالدرجة الأولى الحكومة والرئاسة والسلك الدبلوماسي والبرلمان، بمناسبة تعيين الثلث الرئاسي، تماشيا مع نصوص الدستور التي تستوجب استقالة الحكومة.
وفي هذا الشأن تتحدث مصادر مطلعة عن رحيل رئيس الوزراء الحالي عبدالمالك سلال إلى منصب دبلوماسي، في ظل الأحكام الدستورية المنتظرة، التي تتحدث عن إسناد رأس الحكومة لحزب الأغلبية في البرلمان، بالإضافة إلى تعيين مدير جديد لديوان الرئاسة خلفا للرجل الأول في حزب السلطة الثاني أحمد أويحيى. وفيما تترقب أحزاب السلطة والشخصيات المستقلة الموالية للسلطة توصلها بالنسخة الجديدة للدستور خلال الأيام القليلة القادمة، وفق ما جاء في بيان المجلس الوزاري الأخير، الذي أقر بتحويل نسخ من الوثيقة للأحزاب والجمعيات والشخصيات التي شاركت في المشاورات السياسية الأخيرة، فإن النسخ المنتظرة لا تكون إلا للإطلاع ولا مجال فيها للتشاور أو النقاش. وتضاربت التأويلات بشأن طبيعة التعديلات التي أدرجها الرئيس بوتفليقة، بين الطابع الشكلي وبين التعديلات العميقة، إلا أن مختصين في القانون الدستوري أجمعوا على طبيعتها الشكلية بالنظر للاكتفاء بالبرلمان لتزكيتها دون المرور على الاستفتاء الشعبي.
وسبق للأستاذ والخبير القانوني عامر ارخيلة أن صرح لـ”العرب”، بأن التعديلات إذا تقرر تمريرها خلال شهر يناير الجاري، فإنها ستكون شكلية، ولا تتناول إلا المسائل المطروحة على الساحة السياسية، كغلق العهدات الرئاسية لرئيس الجمهورية، وإعادة توزيع بعض الصلاحيات على مؤسسات الحكومة والبرلمان والطبقة السياسية. ورغم الأغلبية التي تحوز عليها الموالاة داخل البرلمان، إلا أن سيناريو المشادات التي وقعت بينها وبين نواب المعارضة عند عرض قانون الموازنة السنوية الشهر الماضي، بات يؤرق السلطة، فأي انزلاق أو تشنج بين الطرفين، سيعمق من هشاشة الوثيقة الجديدة، فهي حينها علاوة على عدم حصولها على الأغلبية المطلقة داخل البرلمان، ستبقى تهم عدم شرعية البرلمان الحالي وتزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة تلاحقها وتهز مصداقيتها.