أفاد شهود عيان في ليبيا أن طائرات حربية مجهولة قصفت أمس الأول مواقع لتنظيم داعش بمنطقتي “السبعة والظهير” جنوب غرب مدينة سرت، وأن تنظيم داعش يسيطر على تلك المدينة الساحلية منذ أشهر، ويستخدمها كقاعدة يحاول منها تعزيز وجوده في ليبيا، مضيفين أن الدخان تصاعد من معسكر جنوب المدينة لساعات، بعد تعرضه لأكثر من أربع ضربات جوية من قِبَل هذه الطائرات.
واعتمد الشهود في ترجيحهم أن تكون هذه الطائرات أجنبية أن الطيران الليبي لا يملك القدرة على توجيه ضربات ليلية ودقيقة؛ بسبب ضعف إمكانياته التكنولوجية، بالإضافة إلى أن سلاح الجو الليبي لم يعلن مسؤوليته عن الغارات الجوية، كما لم تعلن الحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا في طبرق أو الحكومة الموازية بطرابلس أو أي من الأطراف المتصارعة الأخرى في ليبيا مسؤوليتها عن الضربات.
الغارات الجوية تزامنت مع إعلان حرس المنشآت النفطية عن صده هجومًا من جهة البحر، استهدف حقل الزويتينة بالهلال النفطي.
بعد يوم من التكتم على الغارات الجوية تداولت مواقع إخبارية على الشبكة العنكبوتية خبرًا مفاده أن مصدرًا لم تذكر اسمه، ووصفته بـ “رفيع المستوى ومقرب من القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية” كشف عن جنسية الطائرات المقاتلة التي قصفت داعش في ليبيا، موضحًا أن سلاح الجو الفرنسي بالتنسيق مع غرفة عمليات القوات المسلحة الليبية نفذ ضربات جوية استهدفت مواقع للتنظيم الإرهابي في سرت، ودمر عربات عسكرية ومخازن للذخيرة، وأضاف أن الطائرات المقاتلة من نوع (رافال) قامت بشن 4 غارات هجومية، بعد تقديم تقارير استخباراتية من قِبَل القيادة العامة للجيش عن المواقع المذكورة، مشيرًا إلى أن المعلومات الآولية تفيد بمقتل 14 من عناصر داعش بينهم قياديون بارزون.
ونوه المصدر بأن الضربات ستتواصل بشكل مستمر خلال الأيام القادمة، بالتنسيق المسبق مع سلاح الجو الفرنسي، بناء على طلب ليبي؛ بهدف تدمير القدرات الهجومية لداعش.
المفارقة هنا أنه حتى اللحظة لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة الفرنسية يؤكد تنفيذ قواتها الجوية غارات ضد داعش ليبيا؛ ما يؤكد كلام هذا المصدر رفيع المستوى، كما أن هذه ليست المرة الأولى التي تخترق فيها طائرات مجهولة السماء الليبية. ويبدو أنها لن تكون الأخيرة.
ففي 23 أغسطس 2014 قصفت طائرات مجهولة مواقع ميليشيات مسلحة ليلًا؛ ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص. وحسبما قال متحدث باسم فجر ليبيا: تعرفنا على الطائرة التي شنت الهجوم مثل الطائرات التي أغارت علينا قبل ذلك، في إشارة واضحة إلى أن هذه الغارة لم تكن الأولى.
مساء 16 فبراير 2015 قالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن طائرات وصفتها بأنها مجهولة نفذت سلسلة غارات على مدينة درنة، التي تخضع لسيطرة داعش، في أول إعلان رسمي ليبي يعقب تأكيد الجيش المصري تنفيذ غارات في ليبيا.
وقتها لم تذكر الوكالة هوية الطائرات المهاجمة، ولكن الجيش المصري أعلن أن طائرات حربية مصرية قصفت في 16 فبراير الماضي مواقع لـ “داعش” في ليبيا بعد ساعات على إعلان الفرع الليبي للتنظيم في فيديو قطع رأس 21 مصريًّا قبطيًّا خُطِفوا مؤخرًا في هذا البلد.
غارات الجيش المصري كانت قد استهدفت معسكرات ومناطق تمركز ومخازن أسلحة وذخائر تابعة للتنظيم في ليبيا.
وفي صباح الاثنين 18 أغسطس من العام الماضي أغارات طائرات مجهولة المصدر على مواقع عسكرية في طرابلس من المطارات المحلية. وقتها كشف بيان للقوات الجوية الليبية أن الطائرات المغيرة استخدمت قنابل موجهة لا توجد في ليبيا، كما أنه لا توجد طائرات ليبية قادرة على استعمالها؛ ما شكك في مزاعم اللواء خليفة حفتر، حيث أعلن صقر الجروشي قائد السلاح الجوي التابع للواء حفتر أن قواته هي من نفذت ضربات جوية على بعض مواقع مليشيات مصراتة.
وفي 23 نوفمبر الماضي أفاد شهود عيان بمدينة سرت بأن طائرات حربية مجهولة المصدر شنت غارات على مواقع داعش في وادي بي بمدينة سرت بتقاطع طريق النهر، بأربعة صواريخ من نوع “سي فايف”. وقتها وردت أنباء عن مقتل المسؤول الإعلامي لداعش في ليبيا محمد التويعب.
الجدير بالذكر أنه قبل أسبوع من هذه الغارة شنت الطائرات الأمريكية غارة جوية ضد داعش في ليبيا، استهدفت قياديًّا داعشيًّا من أصل عراقي.
وفي 20 أكتوبر قصفت طائرات مجهولة الهوية مواقع لتجمعات تنظيم داعش الإرهابي في مدينة سرت الليبية، ويوم 29 من الشهر ذاته كان هناك خبران متناقضان: الأول أن طائرة حربية مجهولة قصفت موقعين لتنظيم «داعش» بمدينة سرت الليبية بمنطقة الظهير، ولم ترد معلومات عن طبيعة الموقعين وحجم الخسائر المادية أو البشرية الناجمة عن القصف.
والخبر الثاني يفيد بأن طائرات مجهولة قامت بدعم داعش، حيث تداولت المواقع خبرًا قالت فيه مصادر مقربة من تنظيم “داعش” بمدينة سرت إن طائرات أسقطت السبت في غياب المراقبة الجوية العسكرية أسلحة وذخائر لعناصر التنظيم في المدينة، فيما لم توضح المصادر مصدر هذه الطائرات.
الجيش الفرنسي استخدم طائرات استطلاع، ونفذ عمليات مخابراتية في ليبيا خلال نوفمبر الماضي، بينها عمليات في مناطق يسيطر عليها التنظيم الإرهابي.
وحتى الآن لا يوجد تبرير واضح لاستخدام الطائرات المجهولة في قصف ليبيا، خاصة مع وجود حكومة ليبية. ففي السابق كانت التصريحات الغربية تركز على إيجاد حلول في ليبيا بسبب غياب الحكومة، حيث قال دبلوماسي غربي كبير: لا نملك وقتًا لنضيعه. إذا لم نتمكن سريعًا من تشكيل حكومة، فسنبدأ في البحث عن إجراءات يمكن تطبيقها لضمان ألا تنزلق ليبيا أكثر في الفوضى، وتصبح ملاذًا للإرهابيين. إذا لم يُحسَم الاتفاق، فسيكون علينا ضمان أمننا. لكن في الوقت الراهن، وفي ظل وجود حكومة معترف بها دوليًّا، يعد هذا انتهاكًا للسيادة الليبية.
كما أن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس قال الجمعة 11 ديسمبر: نحن نعيش مع التهديد الإرهابي. لدينا عدو مشترك، هو داعش، وينبغي أن نهزمه، وندمره في العراق وسوريا، وربما غدًا في ليبيا.
البديل