تونس

تعيش تونس منذ اسبوع على وقع احتجاجات شعبية عارمة انطلقت شعلتها من ولاية القصرين وسرعان ما امتدت كالنار في الهشيم إلى باقي الولايات الداخلية مثل سيدي بوزيد وبعض مناطق الشمال الغربي وغيرها.


ولئن كان محمد البوعزيزي قد اشعل «الثورة» التونسية منذ قرابة الخمس سنوات احتجاجا على البطالة، فان مقتل الشاب رضا اليحياوي الحاصل على شهادة جامعية حرقا بصعقة كهربائية حين كان يحاول صعود عمود للتيار الكهربائي أثناء وقفة احتجاجية، أثار غضبا شعبيا عارما خاصة انه كان يعبر عن استنكاره وغضبه بسبب حذف اسمه من قائمة المقبولين للعمل في وزارة التربية. فتظاهر آلاف من الشبان أمام مقر الولاية في القصرين في أخطر مواجهات واحتجاجات تشهدها البلاد منذ 2011.
غليان أمني وسياسي
تأجج الأوضاع دفع السلطات التونسية إلى فرض حظر التجول ليلا في محاولة للقضاء على الانفلات الأمني في أعقاب قيام بعض المحتجين بحرق مراكز للشرطة. كما ان حالة التسيب دفعت البعض إلى استغلال الاحتجاجات للقيام بالاعتداء على بعض الأملاك الخاصة وسرقة محتوياتها في سيناريو شبيه بما حصل ليلة 14 كانون الثاني/يناير من عام 2011.
ولم تقتصر الاحتجاجات على المناطق المهمشة الداخلية في الولايات التونسية بل وصلت إلى العاصمة مع اشتعال «حي التضامن» الشعبي، حيث وقعت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين.
ويرى البعض ان ما يحصل اليوم كان متوقعا، بسبب فشل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة في تأمين مطالب الشباب بالعمل والكرامة. وتفيد آخر الاحصاءات الرسمية بارتفاع نسب البطالة إلى15.3 في المئة العام الماضي مقارنة مع 12 في المئة في عام 2010 . كما ان العام الماضي سجل تراجعا في النمو بالتزامن مع هروب رؤوس الأموال إلى الدول المجاورة لتونس بحثا عن مناخات أكثر ملاءمة للاستثمار.
ويرى خبراء الاقتصاد ان تصاعد موجة الاضطرابات التي عمت عديد القطاعات الاقتصادية ومطالب العمال بزيادة الاجور وغيرها أيضا أثرت سلبا على عجلة الاقتصاد التونسي خلال الأعوام الماضية. ومما زاد الأوضاع سوءا عجز الحكومات المؤقتة المتعاقبة عن معالجة كل هذه الأزمات المتراكمة منذ الثورة بسبب قيامها أساسا على المحاصصة الحزبية وليس على معيار الكفاءة. ويبدو ان خطاب الرئيس الباجي قايد السبسي ووعوده بتأمين ستة آلاف فرصة عمل لشباب القصرين لم يفلح في تخفيف غضب المحتجين، ويخشى البعض من ان تستغل أطراف خارجية الظروف الحالية من أجل مزيد اشعال الوضع .
كما ان الأنباء تحدثت عن استغلال المجموعات الإرهابية للاحتجاجات من أجل تنفيذ مخططاتها واستهداف رجال الأمن والشرطة التونسية. فخلال اليومين الماضيين اشتبكت قوات الأمن مع مجموعات إرهابية حاولت التسلل من جبال القصرين إلى داخل المدن .
ويرى البعض ان ما عاشته تونس منذ ثورة 2011 إلى اليوم هو نتيجة حتمية للسياسات التي اتبعها الحكم منذ الاستقلال، حيث كانت كبرى المشاريع الاقتصادية والتجارية تتركز في المناطق الساحلية وتحظى بدعم هائل من ميزانيات الحكومة، في حين بقيت المناطق الداخلية مهمشة وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، فباتت تونس تشهد تفاوتا حقيقيا بين المناطق وتوزيعا غير عادل للثروة.
وزاد على ذلك انشغال الطبقة السياسية الحاكمة بصراعاتها الداخلية على الحصص والمناصب . فطوال الشهور الماضية كانت أزمة الحزب الحاكم «نداء تونس» هي المسيطرة على المشهد السياسي. وغفل هؤلاء السياسيون المتصارعون عن المطالب الحقيقية التي أطلقت الحراك والانتفاضة في عام 2011 .
والمفارقة ان شهر كانون الثاني/يناير عرف في تونس بشهر الأزمات والثورات والاحتجاجات دون منازع. ففيه انطلقت الثورة التونسية ضد الاستعمار الفرنسي، وفيه أيضا اشتعلت أحداث ساقية سيدي يوسف سنة 1958 واستهدفت حينها فرنسا تونس بسبب مساندتها للثورة الجزائرية. كما ان هذا الشهر سجل انتفاضات عدة ومنها أحداث الخميس الأسود سنة 1978 وفيه وصل الصدام بين المنظمة الشغيلة في تونس «الاتحاد العام التونسي للشغل» والنظام إلى مستوى غير مسبوق. إضافة لأحداث قفصة سنة 1980 وانتفاضة الخبز سنة 1984. واليوم يضرب شباب تونس موعدا جديدا مع الاحتجاجات التي انطلقت شعلتها قبل اسبوع ولا أحد يعرف إلى أين قد تصل.
القدس العربي


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو