الجزائر

تواصل السلطة الجزائرية استعداداتها لتمرير الدستور الجديد، والذي ينتظر أن يعرض على البرلمان في الثالث من شباط/فبراير، بعد أن فصل المجلس الدستوري بشأن الطريقة التي سيتم بها تمرير هذا التعديل، إذ أقر المجلس خيار تمرير الدستور الجديد على البرلمان دونما حاجة لعرضه على الاستفتاء الشعبي، دون أن يكون ذلك مفاجئا، خاصة وأن السلطة قررت منذ البداية أن يمر التعديل على البرلمان، وأن المجلس الدستوري لا يمكنه الخروج عن إطار ما قررته السلطة السياسية.


كما تواصل السلطة عملية الترويج للدستور الجديد، وهي عملية يقوم بها، في غياب الرئيس، كل من الوزراء وقادة أحزاب الموالاة، ووسائل الإعلام التابعة للسلطة وتلك المحسوبة عليها أيضا، بل إن وزارة الشؤون الدينية حشدت أيضا الأئمة لهذه المهمة، لكن الجميع يعلم أن عملية الترويج في غياب صاحب المشروع لن تأتي بالنتائج المرجوة، كما أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يسمح بعملية ترويج في المستوى المطلوب، لذا فان الذهاب إلى استفتاء شعبي هو عملية انتحار سياسي، لأن الرهان غير واضح بالنسبة للشعب، والسلطة لا تمتلك الإمكانيات المالية في هذه الفترة بالذات «لتسوق» مشروعها شعبيا، الأمر الذي يجعل سيناريو تمرير الدستور عن طريق البرلمان هو الأضمن حتى وان لم يكن هو الأمثل والأجمل.
من جهتها تواصل المعارضة رفضها لمشروع تعديل الدستور، فالأحزاب والشخصيات المنضوية تحت ما يعرف بتنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ترى أن الدستور الذي يتم الإعداد لتمريره ليس دستورا توافقيا، وأن الوعود التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 2011، عندما كشف عن حزمة الإصلاحات السياسية، والتي كان يفترض أن تتوج بدستور توافقي لم تتحقق.
كما ترى المعارضة أن مشروع تعديل الدستور ليس أولوية بالنسبة للوقت الراهن، لعدة اعتبارات أولها أن مشكل الجزائر لم يكن أبدا في القوانين والدساتير، بل في عدم احترامها والدوس عليها من طرف الذين يضعونها، ثانيا الأزمات المتعددة التي تتخبط فيها البلاد على عدة مستويات والتي تنذر بانفجار اجتماعي، تحتاج في الوقت الراهن إلى حوار حقيقي ومفتوح بين السلطة والمعارضة تتم فيه طرح كل الملفات دون خطوط حمراء، وفي مقدمة ذلك سيناريو العودة إلى الشعب من خلال انتخابات مبكرة، لإعادة بناء المؤسسات على أسس شرعية، وتعتقد أنه كلما تعنتت السلطة وأصرت على المواصلة في النهج نفسه، فإن مخاطر انفجار الوضع تتعاظم، وحظوظ الخروج بأقل الأضرار تتقلص. المعارضة التي شكلت أكبر تكتل في تاريخها ترى أن الدستور الذي يتم الإعداد له هو دستور مرحلة ما بعد بوتفليقة، وأنه لم يرالنور، إلا بعد أن اتفق الممسكون بزمام القرار على ترتيبات المرحلة المقبلة، وأن الدور الذي تطلبه السلطة من المعارضة هو تزكية مشروعها وإعطاؤه شرعية، وهذا الأمر الذي ترفضه المعارضة وتمنع نفسها عن السير فيه. السلطة من خلال مسؤوليها وأحزاب الموالاة تتهم المعارضة بنشر بذور اليأس عند المواطنين، ورسم صورة قاتمة وسوداء للوضع، والتنكر لكل الانجازات التي حدثت منذ وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما تتهمها بممارسة معارضة الصالونات، مثلما قال مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي اتهم هذه المعارضة بأنها بعيدة عن الواقع الذي يعيشه الجزائريون، وأنها تراهن على انفجار الشارع، وهذا خطأ.
وأضاف أحمد أويحيى أن المعارضة تقول إن الدستور الحالي ليس توافقيا، في حين أنه لا يمكن بناء توافق مع معارضة رفضت المشاركة في مشاورات تعديل الدستور التي دعيت إليها، وترفض أيضا الاعتراف بشرعية السلطة، وتتنكر للإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
في ظل استمرار حوار الطرشان وتبادل الاتهامات بين السلطة والمعارضة، سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر، فالسلطة طالما استطاعت الحفاظ على التوازنات الكبرى والسلم الاجتماعي فإنها ستواصل في مشروعاتها، وحتى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد فإن آثارها الحقيقية والأكثرة قسوة لن يشعر بها المواطن قبل سنتين أو ثلاث، في حين تعول السلطة على استرجاع سعر النفط مستويات أعلى من تلك التي يباع بها حاليا، أما المعارضة فطالما لم تسلم لها السلطة بصحة طروحاتها فإنها لن تتوقف عن المطالبة بانتخابات مبكرة، ولا عن الطعن في شرعية السلطة الحالية، في حين يبقى الشعب مراقبا من بعيد لهذا الصراع، الذي لا يرى نفسه معنيا به، على الأقل حتى الآن.
القدس العربي


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو