استنكرت أوساط دبلوماسية وبرلمانية في مصر الحملة التي يشنها مسؤولون وصحف حكومية على الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بسبب تصريحاته عن الوضع السياسي في مصر.
وزادت من الهجمات حالة الغموض التي يفرضها موسى على مستقبله بعدما أعلن عن نيته عدم الترشح مجددا للمنصب العربي الرفيع.
وبدأت الحملة على موسى من جانب الصحف الحكومية المصرية -خاصة تلك القريبة من الحزب الحاكم- بعد تصريحات وصف فيها الوضع في مصر بأنه "يمثل حالة من الاضطراب وعدم الارتياح بل والخلل التي يعانى منها الآن المجتمع المصري".
ويرفض موسى تأكيد أو نفي عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية القادمة عام 2011 التي زاد الجدل حولها مع صعود نجم المدير العام السابق للوكالة الذرية محمد البرادعي في الشارع المصري.
لكن مقربين من موسى يقولون إنه لن يترشح إذا ما قرر مبارك إعادة ترشيح نفسه، بيد أن الأمر لن يكون كذلك إذا اتخذ الحزب الحاكم قرارا بترشيح جمال نجل الرئيس حسني مبارك للانتخابات.
عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق
أبو الغيط وموسى
ورأت صحف حكومية في تصريحات موسى محاولة لحصد مكاسب شعبية على حساب النظام الحاكم، وتسجيل نقاط على نظام الرئيس مبارك، مذكرة بأن موسى ظل لنحو عشرين عاما جزءا من هذا النظام ويعمل وفق أطره وتوجيهاته.
غير أن الهجوم على موسى اتخذ منحى آخر عندما تحدث وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في مقابلة صحفية عن عدم أحقية "موسى" في الحديث والتدخل في الشأن الداخلي لأي من الدول العربية بطبيعة منصبه.
وذكّر بالمبدأ العربي العام وهو أن الأمين العام للجامعة العربية لا يتحدث في الشأن الداخلي لأي من الدول العربية، وزاد أبو الغيط "إنه (عمرو موسى) يستلم راتبه من الدول الأعضاء في الجامعة".
هذه التصريحات قابلها موسى بهدوء وردود اتسمت بالاتزان لكنها حملت نبرة تحد ترفض ما اعتبره الرجل حرمانه من حقه في الاهتمام بأمر بلده، إذ قال موسى ردا على أبو الغيط "كلنا مصريون ومهتمون بمصر ولا يوجد تدخل (في الشأن المصري)".
انزعاج
أما عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق فاعتبر أن تصريحات أبو الغيط ومقالات الصحف الحكومية ضد موسى "تعكس انزعاجا وقلقا كبيرين لدى مؤسسة الرئاسة والرئيس مبارك من إمكانية دعم موسى للدعوات المطالبة بترشيح (الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد) البرادعي للرئاسة".
وأضاف للجزيرة نت أنه "ربما كان القلق مبعثه الخوف من طموح موسى نفسه في مقعد الرئاسة.. فالرجل (موسى) معروف بطموحاته غير المحدودة".
وأشار الأشعل إلى اللقاء الشهير الذي جمع البرادعي وموسى في مكتب الأخير بمقر الجامعة العربية بعد أيام قليلة من عودة المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى القاهرة، والذي قالت الصحف المصرية إنه تطرق للقضايا السياسية الداخلية.
وأردف قائلا إن "استقبال موسى للبرادعي خالف مقتضيات وظيفة الأمين العام وهو ما تنبه له الرئيس حسني مبارك ومساعدوه، واستشعروا من خلاله إمكانية إقامة تحالف بين الرجلين وهو ما يحرج النظام المصري بشكل كبير".
وبرأي الدبلوماسي السابق، فإن تأخر حملة انتقاد موسى على لسان المسؤولين الحكوميين والصحف الرسمية يؤكد أن هذه الحملة تمت بأمر مباشر من الرئيس مبارك الذي فضل نقد موسى برفق ودون تصعيد خشية إلقاء مزيد من الضوء على التحالف المحتمل بين موسى والبرادعي.