اشتدت الأزمة بين الأمم المتحدة والمغرب خلال اليومين الماضيين، حول ملف الصحراء الغربية،
وذلك عقب تصريحات الأمين العام، بان كي مون، التي وصفتها الرباط بالاستفزازية؛ لأنها تشير إلى اتخاذ موقف ضدها في الأزمة، الأمر الذي قررت على أثره الرباط تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
سبب الأزمة الأخيرة
كان بان كي مون، وصف خلال زيارته لمخيمات لاجئي الصحراء الغربية، سيطرة المغرب على المنطقة المتنازع عليها بـ”احتلال”، واقترح إجراء استفتاء لتحديد مصيرها، الأمر الذي أثار حفيظة المغرب، التي تقول إن المنطقة الغنية بالفوسفات جزء من أراضيها، كما أكد وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، الذي شارك في مظاهرة بوسط الرباط احتجاجًا على تصريحات “كي مون”، إن تصريحات الأمين العام تعد استفزازا لمشاعر المغاربة.
وعلى أثر ذلك أبلغ “كي مون” “مزوار” بأنه يشعر بغضب وخيبة أمل من مظاهرة الرباط، معتبرا أن مثل هذه الهجمات تظهر عدم الاحترام له وللأمم المتحدة.
لم تكن الأزمة الأخيرة ناتجه عن زيارة “كي مون” للصحراء الغربية، حيث اتهمت المغرب “كريستوفر روس”، مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، بالانحياز للطرف المواجه للمغرب، مما تسبب في توقف جهوده الدبلوماسية لمدة قبل أن يتم استئنافها فبراير 2015، وأعقب ذلك زيارة إلى المنطقة في سبتمبر، ونوفمبر الماضيين.
وأكد “كي مون”، خلال زيارته إلى الجزائر، إنه طلب من كريستوفر استئناف جولاته في المنطقة، سعيًا إلى إحياء المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهو ما ردت عليه المغرب بأنه سواء تعلق الأمر بمجريات هذه الزيارة أو بمضمون التصريحات التي تخللتها، فإن الأمين العام للأمم المتحدة تخلى عن حياده وموضوعيته.
تزايد التوتر بين المغرب والأمم المتحدة جاء بعد أن قرر “كي مون” زيارة الصحراء الغربية والجزائر دون أن يزور المغرب، وهو ما اعتبره محللون مغربيون أنه تخلي عن الحياد، واتهمت المغرب الأمم المتحدة بأنها تدعم انفصال الصحراء.
ما أزعج الرباط مؤخرا في تصريحات بان كي مون، هي أنها تأتي قبل أسابيع من مناقشة مجلس الأمن الدولي للأوضاع السياسية والحقوقية والاجتماعية في المنطقة، ومدى التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار بمنطقة الصحراء، قبل أن يصدر تقريره السنوي المعتاد بهذا الشأن إبريل المقبل.
تاريخ قضية الصحراء الغربية
بدأت مشكلة الصحراء الغربية عندما احتلت إسبانيا مناطق كبيرة من الساحل الغربي للمغرب، الواقعة على المحيط الأطلنطي في القرن الخامس عشر، لكن بانحسار النفوذ الإسباني وظهور النفوذ الإنجليزي والفرنسي، فإن المناطق التي بقيت تحت النفوذ الإسباني تقلصت حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
وسيطرت المغرب بعد استقلالها بعشرين عامًا على مساحة 70 ألف ميل مربع من الأراضي الصحراوية الغنية بالفوسفات في إبريل عام 1976، بعدما كانت تحت الاحتلال الإسباني، مما دفع سكان البوليساريو إلى التمرد على السلطات المغربية وأعلنوا استقلال ذلك الإقليم في فبراير 1976، وهاجموا القوات المغربية، فى نفس الوقت، ووقفت الجزائر لتدعم موقف البوليساريو، لكن عندما استعادت موريتانيا الأراضي التى كانت قد ضمتها البوليساريو، استولت المغرب عليها عام 1980، ليتحول النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، حتى وصلت الأوضاع إلى الهدوء النسبي حيث تسيطر القوات المغربية على الحواضر ويعيش البولساريو في الصحراء.
ومنذ بدء الأزمة التي تصنف على أنها من أقدم النزاعات الإفريقية، تصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح تطبيق حكم ذاتي موسع تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم بعد استعادة المغرب له إثر انتهاء الاحتلال الإسباني، وتشرف الأمم المتحدة، بمشاركة جزائرية وموريتانية، على مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو.