حظيت حكومة الوفاق الوطني الليبية بدعم داخلي مهم مع اعلان بلديات عشر مدن ساحلية غرباً تاييدها لها، أملاً في ان تتمكن هذه الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي من انهاء النزاع المسلح والفوضى الأمنية ووقف التدهور الاقتصادي.
ويشكل خروج المدن الممتدة من طرابلس وحتى الحدود التونسية عن سلطة الحكومة غير المعترف بها دولياً في العاصمة، ضربة لهذه السلطة التي تفقد بذلك السيطرة على الجزء الاكبر من الغرب الليبي، في وقت بدأت تشهد طرابلس تحركات مدنية مناهضة لها.
ورغم ان رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وستة اعضاء آخرين لم يغادروا قاعدة طرابلس البحرية منذ وصولهم اليها الاربعاء، الا انهم نجحوا في يومين من اللقاءات مع شخصيات سياسية ومالية في اطلاق عملهم بشكل رسمي متجنبين الاصطدام المباشر مع السلطة الحاكمة.
وتحظى حكومة الوفاق بدعم مجموعة مسلحة رئيسية في المدينة يطلق عليها اسم “النواصي”، وهي تتبع وزارة الداخلية في الحكومة غير المعترف بها، وتتمتع بقدرة تسليحية عالية. ويشير هذا الدعم الى انقسام في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في طرابلس.
ويعد السراج وحكومته الليبيين بتوحيد البلاد بعد اكثر من عام ونصف من المعارك التي قتل فيها الآلاف، وببناء جيش وطني يضع حداً لنفوذ الجماعات المسلحة، وباصلاح الوضع الاقتصادي حيث تشهد البلاد ازمة مالية خانقة مع نقص السيولة في المصارف.
وفي بيان مشترك، دعا رؤساء وممثلو البلديات العشر عقب اجتماع في صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) مساء الخميس الليبيين الى “الوقوف صفا واحدا لدعم حكومة الوفاق الوطني”.
وقال هؤلاء في البيان الذي نشر على الصفحة الرسمية لبلدية صبراتة في موقع فيسبوك ان بلديات مدنهم الواقعة بين طرابلس والحدود التونسية غرباً، تدعم وصول “حكومة التوافق الى العاصمة طرابلس″.
ودعوا الحكومة الى العمل على “السعي لانهاء الصراعات المسلحة وبشكل عاجل بكامل التراب الليبي”، وعلى اصلاح الوضع الاقتصادي.
والمدن الليبية العشر التي خضعت لاكثر من عام ونصف لسلطة طرابلس وتحالف “فجر ليبيا” المسلح هي زلطن، ورقدالين، والجميل، وزوارة، والعجيلات، وصبراتة، وصرمان، والزاوية الغرب، والزاوية، والزاوية الجنوب.
وقبيل ذلك، تظاهر نحو 300 شخص في ساحة الشهداء في طرابلس تأييداً لحكومة الوفاق، في اول تاييد علني في العاصمة الليبية لهذه الحكومة منذ اعلان تشكيلها.
وهتف المتجمعون وهم رجال ونساء واطفال “ارحل ارحل يا الغويل” في اشارة الى خليفة الغويل رئيس حكومة طرابلس و”الشعب يريد حكومة الوفاق”، ورفعوا اعلاماً بيضاء واعلاماً ليبية.
وقال احد المتظاهرين سليم العويل “نريد دولة مؤسسات اليوم قبل الغد، سئمنا الفوضى في كل شيء”.
وانتشر عناصر من الشرطة التابعة لسلطات طرابلس حول الساحة.
وتحمي الشرطة عادة كل يوم جمعة التظاهرات التي كانت تخرج لمعارضة حكومة الوفاق والتي كانت تجمع دوريا مئات المتظاهرين.
وتشهد طرابلس صباح اليوم حالة من الهدوء، فيما لم تسمع في الليل اصوات اشتباكات او عمليات اطلاق نار او قذائف.
- مساعدة عسكرية -
وكانت حكومة الوفاق الوطني بدأت الخميس محاولة تثبيت سلطتها من مقرها في قاعدة طرابلس البحرية، حيث عقدت سلسلة اجتماعات مع عمداء بلديات وشخصيات سياسية اخرى.
وقال المكتب الاعلامي للسراج على صفحته في فيسبوك ان اعضاء حكومة الوفاق التقوا محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير وبحثوا معه “مشكلة توفير السيولة وتأمين المصارف”.
وتشهد طرابلس منذ اسابيع ازمة سيولة في مصارفها تدفع مئات المواطنين، الى الاصطفاف منذ الصباح الباكر امام ابوابها سعياً لتحصيل مرتباتهم او سحب بعض اموالهم من حساباتهم فيها.
ويتزامن ذلك مع غلاء في المعيشة في ليبيا الغنية بالنفط، بلغ مستويات قياسية بفعل الاضطرابات السياسية والخضات الأمنية وضعف القدرة على الاستيراد وصعوبة تحصيل العملة الصعبة لشراء المواد الغذائية وغيرها من الخارج.
وولدت حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق سلام موقع في كانون الاول/ديسمبر برعاية الامم المتحدة.
وينص الاتفاق على ان عمل حكومة الوفاق يبدأ مع نيلها ثقة البرلمان المعترف به، لكن المجلس الرئاسي اعلن في 12 اذار/مارس انطلاق اعمالها استناداً الى بيان تأييد وقعه مئة نائب من اصل 198 بعد فشلها في حيازة الثقة تحت قبة البرلمان.
وتطعن حكومة طرابلس بشرعية حكومة الوفاق الوطني، وكذلك الحكومة الحكومة الموازية في شرق ليبيا والمدعومة من البرلمان المعترف به.
ودفع المجتمع الدولي في اتجاه تشكيل هذه الحكومة ووعد بدعمها مالياً وعسكرياً، وعلق عليها آمالاً للوقوف في وجه تمدد تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا والعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية بين السواحل الليبية والاوروبية.
واكد الرئيسان الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند الخميس ،في واشنطن ضرورة دعم الحكومة الليبية الجديدة لمنع تنظيم الدولة الإسلامية من جعل ليبيا “قاعدة جديدة له في المستقبل”.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت في مقابلة مع صحيفة “ويست فرانس″ المحلية نشرت الجمعة، ان على المجتمع الدولي الوقوف على أهبة الاستعداد لمساعدة حكومة الوفاق الوطني الجديدة في ليبيا في حال هي طلبت، بما في ذلك عسكرياً.