تعكس طبيعة الصين ومدى طموحاتها العالمية دورها في التنمية الاقتصادية والبنية التحتية بالكونغو، بينما تركز الولايات المتحدة على المؤسسات السياسية والأهداف الإنسانية؛ لتثبت أنها مهتمة بفرص العمل والنمو الفعلي بالقارة السمراء.
وقال موقع «ساوز تشاينا مورنينج بوست» إن معظم البصمات المتنامية في إفريقيا مصنوعة في الصين وآسيا، وتكشف العلاقة بين الصين والكونغو عن مدى تفاعل الصين مع القارة، وعدم قدرة الولايات المتحدة على تحقيق التوازن فيها.
وتابع الموقع الصيني أن السبب الأساسي لهذا الوضع هو أن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية والصينية في إفريقيا تختلف إلى حد كبير. فوفقًا لدراسة أجراها مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي 2013، فإن أهداف أمريكا هي بناء الديمقراطية وتعزيز التنمية، ودعم التجارة وتعزيز الأمن. أما بكين فعلى النقيض من ذلك، حيث تؤكد رسالتها على إقامة علاقات أوثق مع الدول الإفريقية، وتشمل السعيإلى المنفعة المتبادلة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الإفريقية.
وتدرك الصين والولايات المتحدة أن الدول متحفظة بطبيعتها في الدفاع عن سيادتها، لكن ما هو أكثر إثارة للاهتمام أن الشعب الكونغولي نفسه مثال لتفضيل الأفارقة بشكل عام للاستثمار الاقتصادي الصيني، كبديل عن المساعدات الإنسانية الأمريكية ودعوتها إلى تعزيز الديمقراطية، الذي تعتبره إفريقيا نوعًا من التدخل والسيطرة.
ومن الواضح أن الشعب الكونغولي معجب بالنموذج الصيني، الذي أسس المشاريع الخاصة في إفريقيا، مع عدم التدخل في سياستها الداخلية، لكن ليس معنى ذلك أن الأفارقة غير مبالين بضرورة الهياكل الديمقراطية، بل إن الأفارقة يعلمون أن المعايير السياسية الغربية السليمة جوفاء، وأن التنمية الاقتصادية والبنية التحتية، اللتين ينشدونهما غير كافيتين على الإطلاق في تلبية الاحتياجات المادية الأساسية.
الكونغوليون لديهم أولويات مهمة، فالاقتصاد أولى من السياسة لأسباب واضحة. أولًا أنها من أكثر دول العالم فقرًا، حيث وصل نصيب الفرد من الدخل القومي 380 دولارًا في عام 2014، ومعدل الفقر وصل إلى 63% في عام 2012، وكانت الكونغو في المرتبة 176 من أصل 187 دولة في مؤشر التنمية البشرية العام الماضي.
يرى البنك الدولي أن الاستثمارات المطلوبة في الكونغو هي واحدة من أعلى المعدلات في إفريقيا. ودعم البنك دراسة خاصة بالكونغو تشمل إطار الأولويات للبنية التحتية، ووضع نطاق الاحتياجات الاستثمارية بنحو 5 مليارات دولار سنويًّا. ويؤكد الخبراء أن معاملة البلدان النامية بهذة الطريقة ستواجه مجموعة من القيود، وستكون غير منتجة.
أما الصين فأنشأت الفرق الحاسم، الذي يستهدف سياسة الكونغو على وجه التحديد في تطوير البنية التحتية، تماشيًا مع منهج الاقتصاد في جامعة هارفارد. بالنسبة للصين نجدها قد حولت الطرق والمدارس والمستشفيات إلى آفاق اقتصادية، وبالفعل شاركت الكونغو بمتوسط معدل للنمو الاقتصادي السنوي لما يقرب من 8% منذ عام 2010، أي أعلى بكثير من المتوسط بالنسبة لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
اليوم الصين تعمل على تأسيس شركات محلية في الكونغو لتصدير السلع إلى القطاع الصناعي الخاص بها. وتحصد الصين نصيب الأسد من أرباح هذه الشراكة، لكن الكونغوليين أيضًا يستفيدون، فعلى سبيل المثال كان عجز الكونغو لخفض تجارة الماس عبئًا على التنمية، إلَّا أن الشراكة مع الصين عوضت ذلك.
ورغم أن الخصومة بين الصين والولايات المتحدة ليست حادة كما كان العداء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال التدافع على الحرب الباردة لإفريقيا، إلا أن التنافس اليوم حقيقي، كما هو الحال في الشرق الأوسط، والصين تحصد المكاسب في إفريقيا؛ لذا تحاول الولايات المتحدة الطعن فيها؛ للحفاظ على الوضع الاستراتيجي القائم.