فضحت جبهة القوى الاشتراكية زيف التوضيح الذي قدمته السفارة الفرنسية بالجزائر، بشأن التصريحات التي صدرت عن مسؤولها الأول، بيرنار إيميي، والتي كشف فيها عن المعاملة التمييزية لسكان منطقة القبائل وطلبتها مقارنة ببقية الجزائريين، فيما تعلق بحجم التأشيرات التي تمنحها القنصليات الفرنسية.
وأكد شافع بوعيش وهو رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية بالغرفة السفلى للبرلمان، أن السفير الفرنسي أدلى حقيقة بالتصريحات المنسوبة إليه بخصوص ولايتي تيزي وزو وبجاية، وهي التصريحات التي خلفت غضبا لدى السلطات الرسمية وعموم الجزائريين بسبب هذه "الخرجة" غير المحسوبة العواقب.
وأوضح القيادي في "الأفافاس" على صفحته في "فيسبوك"، أنه تأكد من صحة ما نسب للسفير الفرنسي، من خلال ما سمعه من ممثلي حزبه عن ولاية تيزي وزو بالمجلس الشعبي الوطني، الذين حضروا احتفالية الدبلوماسي الفرنسي، قبل أن يتساءل بوعيش: "لماذا لا تمنح فرنسا التأشيرات لبقية الجزائريين المنحدرين من مناطق أخرى من البلاد؟ وهل لذلك علاقة بإستراتيجية فرنسا الرامية إلى فصل منطقة القبائل عن الجزائر؟.. هذه مجرد تساؤلات"، يضيف المتحدث.
وكانت وسائل إعلام محلية قد أوردت الأربعاء المنصرم أن السفير الفرنسي بالجزائر قال في زيارة له لولاية تيزي وزو، إن 60 بالمائة من التأشيرات التي تمنحها المصالح القنصلية لبلاده بالجزائر، تذهب لسكان ولايتي تيزي وزو وبجاية، و50 بالمائة لفائدة طلبة الولايتين، غير أنه وبعد انتشار الخبر ووقوف الممثلية الدبلوماسية الفرنسية على جسامة الخطأ الذي وقع فيه مسؤولها الأول، سارعت إلى توزيع بيان صحفي (منشور حاليا على موقعها الرسمي) على الصحافة، حاولت من خلاله إصلاح ما أفسدته تصريحات بيرنار إيميي.
السفارة أكدت في بيانها أن السفير "لم يقل أبدا إن القنصليات الثلاث تمنح التأشيرات وفق منطق الحصص"، وأوضحت أن بيرنار إيميي لاحظ أن سكان منطقة القبائل يأخذون دورهم بشكل كامل في التبادل بين الجزائر وفرنسا، قبل أن تأسف لما اعتبرته تأويلا لكلام السفير.
ويبلغ عدد سكان ولايتي بجاية وتيزي وزو نحو 2 مليون نسمة مجتمعتين (1.1 مليون سكان تيزي وزو و0.9 مليون سكان بجاية)، أي ما يعادل 6.2 بالمائة من مجموع الجزائريين البالغ عددهم 40.4 مليون نسمة، ما يعني أن في الأمر "إن كبيرة".
ومعلوم أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، قد استهجن تصريحات السفير الفرنسي، عندما قال: "مثل هذه التصريحات لا تضيف اية قيمة للعلاقات الثنائية، وهي لا تخدمها بتاتا"، وقصف لعمامرة بيرنار إيميي: "مهمتنا كدبلوماسيين تشجيع التصريحات التي تجمع وليس تلك التي تفرق.. في مهنتنا، يجب ألا نميز بين أبناء البلد الذي نعمل فيه.."، الأكيد أن هذا التصريحات لم تكن لتصدر عن لعمامرة لو لم تتأكد الوزارة مما قيل.
وتأتي زيارة الدبلوماسي الفرنسي لمنطقة القبائل وإدلائه بهذه التصريحات المريبة، في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية حالة من التصعيد غير المسبوق، وهو ما يدفع لطرح جملة من الأسئلة، أولها لماذا اختار السفير الفرنسي الذهاب إلى منطقة القبائل في مثل هذا الظرف؟ وما الهدف من إبلاغ أبناء هذه المنطقة الحساسة أن باريس تحابيهم على حساب بقية أبناء وطنهم في مجال التأشيرات؟ وماذا كان ينتظر منهم؟ هل سيشكرونه على هذا الفعل؟ أم أنهم سيعتبرون ما قاله احتقار لهم وامتهان لوطنية أبناء هذه المنطقة التي دفعت قوافل من الشهداء وسيولا من الدماء من أجل طرد بلاده فرنسا، من الجزائر؟
الأكيد هو أن تلك الزيارة لم تأت في وقتها حتى ولو كانت بريئة.. والآن وبعد أن تأكد أن السفير ارتكب خطأ جسيما وأن السفارة حاولت التغطية على هذا الخطأ، لكنها فشلت.. فما الذي سترد به الحكومة على فعل من هذا القبيل، هل سيتوقف الأمر عند الأسف، أم أن هذه المرة سيكون الأمر مختلفا.. وتبقى الكرة في مرمى الحكومة إلى أن تتخلص منها.