أثار قرار الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" معاملة مواطن سعودي الجنسية معاملة المصريين والسماح له بتملك قطعة أرض قرب العاصمة القاهرة حالة من الاستياء لدى قطاع من المصريين بينما أحدث القرار جدلا بين فقهاء للقانون في مصر.
وبحسب صحيفة "رأي اليوم" فاجأ الخبر قطاعاً من المصريين الذين توقعوا اتجاه الرئاسة للتهدئة مع الشارع المحتقن عقب توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود مع في أبريل/نيسان الماضي والتي تضمنت القول بأحقية "الرياض" في جزيرتي "تيران" و"صنافير" في البحر الأحمر واللتين كانتا تحت السيادة المصرية وما أعقب ذلك من احتجاجات ضد الاتفاقية وحملة اعتقالات طالت العشرات من المحتجين.
بطل الخبر هو رجل أعمال سعودي يدعي "حمود بن محمد الصالح" صدر له قرار رئاسي أمس الأول الخميس بمعاملته كمصري وتمليكه قطعتي أرض بمحافظة الجيزة غرب العاصمة بعد أن اشتراهما من ورثة متوف مصري، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تطايرت التعليقات الرافضة للأمر والمذكرة بقضية جزيرتي "تيران" و"صنافير".
"حازم عبدالعظيم" القيادي السابق بحملة السيسي الانتخابية انتقد القرار مغردا عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا: "بما أن القرار ده منشور ولم تنفه الرئاسة؛ ممكن نسأل عن كينونة الأستاذ حمود الصالح ولا هنبقى من أهل الشر؟!" (في إشارة إلى من يتهمهم السيسي بالتربص بالبلاد ويصفهم مرارا عبر خطاباته بـ"أهل الشر").
وعبر "فيسبوك" كتبت ندى محسن (ناشطة سياسية): "مع احترامي الشديد.. من هذا الحمود هي الأرض المصرية بقت (أصبحت) رخيصة كده؟ كفاية استفزاز حرام عليكم مش كفاية الجزيرتين".
منتقدون آخرون لقرار الرئاسة المصرية اعتبروا أن السعودية لا يمكن أن تسمح بالمثل بالنسبة للمصريين.
وفي هذا الصدد قال حساب "أبو علي" عبر "فيسبوك": "ينبغى للرئيس السيسى أن يطالب السعودية بالمعاملة بالمثل بمعنى إلغاء نظام الكفيل والسماح للمصريين بتملك الأراضي في السعودية هكذا تكون المعاملة".
من جانبه أوضح "عصام الإسلامبولي" الفقيه الدستوري والقانوني المصري في حديث مع "الأناضول" أنه "يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرار جمهوري بتمليك غير المصريين أراضي مصرية بشرط موافقة مجلس الوزراء وفقا للمادة 12 من القانون 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية" مضيفا أنه "بخلاف هذا الاستثناء فلا يجوز مطلقا تمليك أو تخصيص أراض مصرية لغير مصريين وفقا لنص المادة الأولى من القانون لسنة 1988".
وأضاف "الإسلامبولي" مستدركا: "لكن القانون لا يعطي هذا الحق لرئيس الجمهورية على الإطلاق ولكنه مشروط بشخصية الممنوح حيث يتعين أن يكون صاحب هذه المنحة قدم خدمات كبرى أو تفانى في خدمة الدولة المصرية ليستحق أن يعامل كمصري وفقا للقانون والدستور".
وأعرب الفقيه الدستوري والقانوني المصري عن رفضه بشدة لمنح هذا الحق على سبيل المجاملة أو الهدية أو تقديم تنازلات من قبل الدولة المصرية أو رئيسها؛ لأن الأراضي المصرية "ليست منحة" على حد تعبيره.
من جانبه قال "رمضان بطيخ" أستاذ القانون الدستوري بـ"جامعة عين شمس" المصرية إن "قرار معاملة سعودي الجنسية كمصري وتمليكه أراضي داخل القطر المصري قرار سيادي غير قابل للطعن عليه من المحكمة الدستورية (التي تنظر في مدى دستورية القوانين والقرارات)؛ لأنه يتعلق بالعلاقات مع الدول الخارجية؛ ولأن الرئيس المصري استخدم حقه الدستوري وعليه أن يتحمل مسؤولية قراراته أمام الشعب".
واستبعد "بطيخ" أن يترتب على القرار خروج تظاهرات معارضة امتدادا لاحتجاجات اتفاقية إعادة ترسيم الحدود مع السعودية التي شهدتها القاهرة والعديد من المحافظات في أبريل/نيسان الماضي.
أيضا لم يستبعد أن يفتح القرار الرئاسي المصري الباب أما الأجانب لتملك أراضي مصرية بموافقة الرئاسة بحجة الاستثمار وجذب الأموال.
وقال إنه "يحق لأي دولة تمليك أراض لغير مواطنيها في ظروف خاصة يحددها قانون كل دولة وربما تلجأ المملكة العربية السعودية لقرار مشابه متى توفرت لديها الإرادة التي توفرت لدى الرئيس المصري".
وبينما يتواصل هذا الجدل بشأن قرار الرئاسة المصرية لم يصدر عن الأخيرة حتى الساعة (18:28 تغ) أي تعليق عن أسباب القرار وبشأن حالة الجدل التي أثارها.
لكن بعض الصحف المحلية المعروفة بقربها من النظام رأت "السيسي" حقق بهذا القرار "أمنية" لمواطن سعودي.