أثار الإعلان عن مشروع قانون جديد يلزم العسكريين بواجب التحفظ في الجزائر الكثير من الجدل، خاصة وأن الكثير من المراقبين وصفوه بقانون الصمت، فالمشروع الذي عرض على مجلس الوزراء من أجل مناقشته والموافقة عليه ينتظر أن ينزل البرلمان قريبا.
المشروع لم يتم الكشف عن تفاصيله كاملة، لكن التخوفات بدأت تظهر على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية، وخاصة من طرف عسكريين اختاروا الكلام في الموضوع دون الكشف عن هوياتهم، خوفا من تعرضهم الى تبعات، ومن المتوقع أن يخرج الكشف عن تفاصيل القانون الكثير من الضباط السامين السابقين عن صمتهم قبل أن يجعلهم القانون صامتين الى الأبد.
ويطرح هذا المشروع عدة تساؤلات حول خلفياته، فما الدافع وراء الزام ضباط سابقين بالصمت حيال القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعد خروجهم الى التقاعد، أوليس المصطلح المستخدم لوصف العسكريين الذين يغادرن الخدمة هو العودة الى الحياة المدنية، فالعسكريون مواطنين كغيرهم يتساوون في الحقوق والواجبات، وفي مقدمتها الحق في المشاركة في الحياة العامة وحرية التعبير والرأي المكفولة دستوريا بالنسبة لجميع المواطنين.
لكن هذا المشروع يأتي على خلفية الضجة التي أثارها وقد يثيرها عسكريون سابقون، مثل الجنرال المتقاعد حسين بن حديد الذي يقبع في السجن منذ أكثر من ثمانية أشهر، بسبب تصريحات صحفية انتقد فيها قائد أركان الجيش وشقيق الرئيس ومستشاره السعيد بوتفليقة، فضلا عن إدلائه بتصريحات بخصوص تعاطي الجيش مع الجماعات الارهابية صنفت في إطار إفشاء اسرار عسكرية، كما أن الجنرال المتقاعد خالد نزار وزير الدفاع الأسبق يخرج بين فترة وأخرى عن صمته ليقصف من يتولون تسيير شؤون البلاد، والذين توعدهم في آخر تصريحاته بأنه لن يصمت على ما يقومون به من تصرفات، والذي يهدد استقرار ومستقبل البلاد.
وكان مجلس الوزراء الأخير قد ناقش وصادق على مشروعي قانونين عرضهما نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح، و يتعلق الأمر بمشروع القانون المعدل والمتمم للقانون الأساسي العام لضباط الاحتياط، وكذا القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين.
وقال بيان مجلس الوزراء إن الهدف من هذين القانونين هو تعزيز القواعد المسيرة لواجب التحفظ بالنسبة للضباط العاملين والضباط السامين المتقاعدين.
وعلق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على القانونين قائلا “إننا ارتأينا من أجل الحفاظ على الصورة اللامعة للجيش الوطني الشعبي في مجتمعنا، و إبقاء هذه المؤسسة في خدمة الجمهورية لا غير، و جعلها فوق أي رهانات سياسية أو سياسوية، أنه من الضروري إعداد مشروعي القانونين اللذين قمنا اليوم بالمصادقة عليهما”.