في كل عام تفقد إفريقيا ما بين 30 و60 مليار دولار من التدفقات المالية غير المشروعة، طبقًا لتقرير لجنة اقتصاد إفريقيا بالأمم المتحدة، والجزء الأكبر من هذه التدفقات كما تقول اللجنة يذهب إلى مناطق الملاذات الضريبية، مثل بنما وجزر فيرجين البريطانية وسيشيل وولايات أخرى تحتل مكانة بارزة في تسريب أوراق بنما.
وقال موقع أوول أفريكا قبل أيام قليلة من تسريب “أوراق بنما” أطلقت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة التقرير الرابع للإدارة والحكم في إفريقيا بعنوان “قياس الفساد في إفريقيا – مسائل البعد الدولي”، وكانت رسائل التقرير الأساسية تتوافق بشدة مع ما جاء في أوراق بنما المسربة.
كانت التسريبات تؤكد حقائق هامة: أولًا وجود ممارسات واسعة في النشاط المصرفي لغرض التهرب من دفع الضرائب وغيرها من الأنشطة غير المشروعة. ثانيًا أن ضخامة حجم هذه المعاملات المالية السرية حوالي 215,000 شركة وهمية فى الخارج وأكثر من 14,000 عميل وأكثر من 11.5 مليون وثيقة مع ملايين الدولارات المخفية وراءها.
يتضمن التقرير عددًا من الرسائل الأساسية، أولها أن هناك حاجة لإعادة التفكير فى الفهم الحالي والتدابير القائمة حول مقاييس الفساد فى إفريقيا، حيث إنك لا يمكنك فهم المدى الحقيقى للمشكلة بذكر الأسماء وفضح المتورطين فقط، لكن يجب البحث عن كيفية معالجتها.
وثانيها عدم الاعتراف بما فيه الكفاية بدور الجهات الدولية الفاعلة فى ممارسات الفساد بما فى ذلك التدفقات المالية غير المشروعة (IFF) – كما نرى مع شركة موساك فونسيكا ومعاملاتها الماسية فى إفريقيا.
والثالث أن مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة ستعزز تعبئة الموارد المحلية فى القارة، والرابع أن هناك حاجة لتحسين إدارة المؤسسات وضمان تأكيد نظام عادل للضرائب؛ من أجل مكافحة الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة وتعزيز تقديم الخدمات العامة والاندماج الاجتماعى.
وأخيرًا من المهم أن نقوم بإصلاح التعاون الدولى، ولا سيما فيما يتعلق بالقضاء على الملاذات الضريبية والتشريعات السرية وتنفيذ استرداد الأصول.
وتلك الشركات السرية في إفريقيا لها استخدامات غير مشروعة، ورغم ذلك نجد على سبيل المثال شركة موساك فونسيكا، التي انتشرت من خلالها التسريبات، تزعم أنها تعمل فوق الشبهات في موطنها وفي دول أخرى؛ حيث تمتلك استثمارات.
وتؤثر خسائر إفريقيا من تلك التدفقات المالية غير المشروعة على النمو الاقتصادي للقارة، كما أنها تفوق حجم المساعدات الخارجية التي تتلقاها القارة، حيث تقدر منظمة التعاون والتنمية هذه التدفقات غير المشروعة من إفريقيا بما يعادل ثلاثة أضعاف المساعدات التنموية الرسمية التي تحصل عليها، بينما تقول شبكة العدالة الضريبية، المؤلفة من مجموعة باحثين نشطاء، إن هذه التدفقات تعادل 10 أضعاف المساعدات.
وتحاول مفوضية الاتحاد الإفريقي التواصل مع نظيرتها الأوروبية؛ لإعادة الأموال غير المشروعة التي سرقت من القارة وهربت خارجها.
وقالت رئيسة الاتحاد الإفريقي «يمكننا استخدام هذه الأموال لإنجاز جدول أعمال 2063»، مؤكدة أن إفريقيا تفقد حوالي 50 مليار دولار سنويًّا، من خلال تدفق التمويل غير المشروع، بما يقرب من ضعف المساعدة الإنمائية الرسمية التي تستقبلها القارة، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة 2015 من قِبَل لجنة رفيعة المستوى بشأن التحويلات النقدية غير المشروعة، برئاسة الرئيس النيجيري السابق، أولوسيجون أوباسانجو.
وحتى تنجح الجهود التى تبذلها الدول الإفريقية لمكافحة الفساد فإن البعد الدولي للفساد بحاجة إلى الفهم بوضوح. ومن المعروف أن الشركات المتعددة الجنسيات غالبًا ما تستغل الفجوات والثغرات فى الأطر القانونية والتنظيمية الإفريقية، خاصة في القطاع الاستخراجي واستخدام أساليب غير شفافة لتأمين العقود مع الحكومات. وعلى مر السنين اعتمدت الشركات المتعددة الجنسيات تدريجيًّا طرقًا أكثر تطورًا؛ مما أتاح لها كسب مبالغ مالية ضخمة من الإيرادات المعدنية من القارة دون دفع مستحقاتها. وتشمل هذه الطرق التلاعب بالسوق والتجارة الداخلية والتلاعب بأسعار وفواتير التجارة والتسعير التحويلي وتحويل الأرباح ودفع تبرعات سياسية غير مشروعة والاختلاس والتزوير ودفع رشاوى وعمولات.