بينما يترقب كثير من المصريين «الأخبارالسعيدة» التي وعد بها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل يومين، وهي التي ستجعلهم يسارعون إلى البنوك لتغيير ما يدخرون من دولارات لشراء الجنيه المصري، يشعر عشرات الملايين من المصريين الذين لا يملكون أي مدخرات سواء بالدولار أو الجنيه بقلق شديد من انفجار جديد في الأسعار نتيجة للإجراءات الاقتصادية المتوقعة خلال الساعات او الأيام المقبلة.
ومع عدم امتلاك الدولة أي آلية قادرة على التحكم في الدعم الرسمي للفقراء، وهو ما أقر به السيسي نفسه في خطابه أمام «شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة» أمس الأول، يواجه نحو 48 في المئة من المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر حالة من القلق الشديد مع اقتراب انخفاض جديد للجنيه أمام الدولار.
وفي المؤتمر وعد الرئيس السيسي بمحاربة السوق السوداء وذلك بـ»توحيد» سعر صرف الدولار الأمريكي «قريبا جدا». وأضاف: «الدولار أصبح في السنوات الخمس الماضية سلعة في مصر».
وفي محاولة لتخفيض الآثار الصعبة المرتقبة للاتفاق المتوقع مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي، قرر البنك المركزي المصري مساء الاثنين غلق عشر شركات صرافة لمدة عام بتهمة «تلاعبها في سوق الصرف والمضاربة على العملات الأجنبية بالسوق السوداء».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المصرية عن مصدر لم تسمه في البنك المركزي قوله إن ممارسات تلك الشركات شكلت «ضررا على الاستقرار الاقتصادي في البلاد».
وكان سعر صرف الجنيه المصري في السوق السوداء يوم الاثنين سجل 12.30 إلى 12.70 جنيه للدولار، مقارنة مع مستويات غير مسبوقة دارت بين 13 و13.25 جنيه الأسبوع الماضي.
ويلقي البنك المركزي عادة باللوم على السوق السوداء في زيادة الضغط على العملة التي يجد صعوبة في الدفاع عنها.
ولكن خبراء اعتبروا أن القرار بوقف شركات الصرف يستهدف التمهيد للقرار الوشيك المرتقب بخفض السعر الرسمي للجنيه بحيث يصبح سعر الدولار 12.5 جنيها، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في سعر الدولار في السوق السوداء إلى درجة يصعب توقعها، وإن كان البعض لا يستبعد أن تتراوح قيمته بين 15 و20 جنيها، ما قد يؤدي إلى انفجار غير مسبوق في الأسعار.
وقال مدير إحدى شركات الصرافة الشهيرة في وسط القاهرة لـ»القدس العربي» مفضلا عدم ذكر اسمه «ليست هذه المرة الأولى التي تقرر فيها الحكومة إغلاق عدد من شركات الصرافة وكأن هذا هو الحل لأزمة الدولار. وما حصل هو أن بعض الشركات المغلقة لجأت إلى ممارسة عملها في الشوارع قرب محلاتها، وهو ما سيحصل مرة أخرى. أما الحل فهو الاعتراف واقعيا بحجم الانخفاض الحقيقي لقيمة الجنيه بدلا من أن نضع رؤوسنا في الرمال».
وسعت وسائل إعلام مصرية أمس إلى شن حملة واسعة لطمأنة المواطنين من الآثار المحتملة لقرارات الاتفاق مع صنوق النقد، وركزت على تعهدات السيسي بتدخل الجيش للسيطرة على الأسعار، وأن الحكومة «لن تفعل شيئا ضد أهلها». ولوحظ استبعاد القنوات الفضائية عددا من الخبراء الاقتصاديين الذين كانوا نددوا بالفشل الحكومي في التعامل مع قضية الأسعار وانهيار الجنيه وحذروا من خطورته.
ومن جهته أشار موقع «أراب فايننس» الاقتصادي إلى أن قرض صندوق النقد الدولي له آثار إيجابية على الاقتصاد المصري، ولكنه حذر من شروطه القاسية التي بسببها قد تواجه البلاد العديد من التحديات الاقتصادية، لأن مصر تسعى لسداد 4 مليارات دولار سنويا على مدار ثلاث سنوات.
وأضاف الموقع في تقريره أن الاتفاق سيؤدي إلى تسريع الإصلاح المالي وتعزيز الثقة في الاقتصاد. وقال أيضا إن إمكانية التوصل إلى اتفاق قد يكون أفضل هذه المرة نظرا لإتمام مصر خارطة الطريق السياسية عام 2013 من خلال إجراء انتخابات برلمانية جديدة واعتماد البلاد على برنامج للإصلاح الاقتصادي ولكنه قال إنه يتوقع أن تواجه الحكومة المصرية المعارضة الداخلية للاتفاق.