مرحلة سياسية جديدة تشهدها تونس بعد سحب البرلمان الأحد الماضي الثقة من حكومة الحبيب الصيد، التي استلمت مهامها قبل عام ونصف، عقب انتخابات تشريعية جرت نهاية عام 2014، حيث صوت برلمان تونس بأغلبية كبيرة بالموافقة على سحب الثقة بلغت 118 صوتًا مقابل رفض 3 نواب فقط، وتحفظ 27، فيما امتنع نواب كتلة الجبهة الشعبية “15 عضوًا من المعارضة” عن المشاركة في التصويت.
وبينما يترقب الشارع التونسي تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي اقترحها رئيس البلاد الباجي قائد السبسي، في يونيو الماضي، تشير التقارير والمعلومات التونسية إلى أن هناك عددًا من المرشحين يتوقع اختيار أحدهم لرئاسة الحكومة الجديدة.
ووفق تسريبات غير رسمية، فإن عدة أسماء مرشحة لرئاسة حكومة الوحدة الوطنيةن من بينها سليم شاكر وزير المالية الحالي في الحكومة الحالية، ويوسف الشاهد وزير التنمية المحلية، وحاتم بن سالم كاتب الدولة بوزارة الخارجية الأسبق ووزير التربية في حكومة بن علي، بالإضافة إلى منجي الحمدي وزير الخارجية الأسبق في حكومة مهدى جمعة.
المحلل السياسي محمد بوعود أكد وجود خلافات حول الأسماء المطروحة بين الأحزاب السياسية، خاصة بين كتلة نواب حزب نداء تونس بالبرلمان المصرين على تعيين واحد من بينهم، وبين نجل الرئيس حافظ قائد السبسي المصر على تعيين سليم شاكر، وباقي أطراف الحوار المصرين على رئيس حكومة من خارج النداء. وأوضح أن سليم شاكر لم يعد يحظى بقبول في أوساط الحكم الحالي، وتقلصت حظوظه، بعد أن قدمه نجل الرئيس إلى كل رؤساء الأحزاب على أساس أنه مرشح الرئاسة القادم، وهو ما أغضب رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
وبخصوص الاسم الذي يمتلك أكبر حظوظ لخلافة الصيد، أكد بوعود أن كاتب الدولة بوزارة الخارجية الأسبق ووزير التربية في آخر حكومة لـ “بن علي”، حاتم بن سالم، الذي يرأس الآن معهد الدراسات الإستراتيجية، يعد من أحد أهم الخيارات، التي يمكن أن يعول عليها الرئيس، والتي قد تحظى بتوافق، خاصة في خضم الخلافات الكبيرة حول باقي الأسماء.
حاتم بن سالم
تؤكد مصادر سياسية في تونس أنه، وفقًا لتوجه حزب نداء تونس الحاكم مع الأحزاب الثلاثة الأخرى في الائتلاف الحاكم، فإن الدكتور حاتم بن سالم، الرئيس الحالي لمعهد الدراسات الاستراتيجية، من بين أبرز المرشحين لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية، كمرشح توافقي، قد تقبل به الأطراف المشاركة في الحوار، ويمكن اعتباره مرشح نداء تونس الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى علاقته برئيس الجمهورية، الذي عينه في منصبه الحالي منذ 2015.
ورغم توقف المشاورات الرسمية بشأن خليفة الحبيب الصيد، فإن هناك مشاورات جانبية بين أكثر من طرف، خاصة مع نداء تونس الحزب المطالب بتقديم مرشح بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية. ولئن ضمت القائمة أكثر من اسم، فإن اسم حاتم بن سالم، يتم تداوله منفردًا حاليًّا في الكواليس، لما يملك من خبرة كبيرة في المجالين السياسي والأكاديمي، بالإضافة إلى كونه آخر وزير للتربية في حكومة الرئيس الأسبق بن علي، وشغل منصب سفير في أكثر من دولة إفريقية وأوروبية، كما تولى منصب كاتب دولة لدى وزير الخارجية، مكلفًا على التوالي بالشؤون المغاربية والإفريقية ثم الأوروبية، إضافة إلى شغله عدة مناصب في مجال الدراسات الاستراتيجية وحقوق الإنسان.
المنجي الحامدي
وبات مطروحًا ضمن الأسماء المرشحة لتكليفها بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في تونس أيضًا وزير الخارجية في حكومة مهدي جمعة والرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لإحلال السلام بمالي.
ويدخل اسم الحامدي بذلك ضمن قائمة الشخصيات التي يتم تداول أسمائها، في إطار المشاورات السياسية بين الأحزاب والمنظمات الداعمة لمبادرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. ويبدو اسم الحامدي مطروحًا بقوة، نظرًا إلى علاقاته الواسعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكفاءته العلمية والعملية، وخبرته السياسية في منظمة الأمم المتحدة.
وكان الحامدي أنهى في يناير مهمته على رأس بعثة الأمم المتحدة لإحلال السلام بمالي، بعد توصل الأطراف المعنية هناك من حكومة وحركات متمردة إلى إمضاء اتفاق السلم والمصالحة الوطنية.
يوسف الشاهد
ولد يوسف الشاهد، الأكثر حظًّا لتشكيل الحكومة التونسية في سبتمبر 1975 في تونس، وهو متزوج وله ابنة، وشغل منصب وزير التنمية المحلية، ووزير دولة للفلاحة، كما عين رئيسًا للجنة الـ13 في نداء تونس، والشاهد أستاذ جامعي وخبير دولي في السياسات الفلاحية، حصل على الدكتوراه في العلوم الفلاحية من المعهد الوطني الفلاحي بباريس في 2003، بعد أن سبق وحصل سنة 1999 على شهادة العلوم المعمقة في اقتصاد البيئة والموارد الطبيعية.
وحصل يوسف الشاهد على شهادة مهندس في الاقتصاد الفلاحي من المعهد والوطني للعلوم الفلاحية سنة 1998، وكان الأول على دفعته، واشتغل الدكتور يوسف الشاهد من 2000 إلى 2005 كخبير دولي في السياسات الفلاحية لدى عدد من المنظمات الفلاحية الدولية، كالاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
واختص الدكتور يوسف الشاهد منذ سنة 2003 بمتابعة السياسات الفلاحية بتونس والمغرب، بالتنسيق مع وزارات الفلاحة بالبلدين، وتولى وضع وتخطيط سياسات التعاون في ميدان الأمن الغذائي وتطوير الشراكة الفلاحية بين تونس والولايات المتحدة. كما عمل على إنجاز المشاريع الفلاحية والدعم التقني، إضافة إلى تطوير الشركات التعاونية في تونس، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وتدريب إطارات ديوان الحبوب التونسي.
كما اشتغل في مجال التعليم العالي، حيث عمل أستاذًا مساعدًا بجامعة “ران 1” بفرنسا 2002 ، قبل أن يعمل أستاذًا من 2003 حتى عام 2009 بالمعهد الأعلى الفلاحي بفرنسا.
أحمد نجيب الشابي
أسم يتداول أيضًا في الفترة الأخيرة على أنه مرشح لرئاسة الحكومة؛ كونه سياسيًّا ومحاميًا تونسيًّا معروفًا. ولد الشابي في 30 يوليو 1944, متزوج وله 5 أبناء. حصل على شهادة البكالوريا علوم سنة 1964، واتجه إلى فرنسا؛ لمواصلة تعليمه العالي في الطب، ثم تخلى عن هذا التوجه بعد سنتين؛ للالتحاق بكلية القانون. ونظرًا لاهتمامه ونشاطه السياسي؛ انقطع عن الدراسة سنة 1968 بعد اعتقاله على خلفية نشاطه السياسي، وحكم عليه بالسجن 11 سنة، قضى منها سنتين.
أتم السنة الثانية في دراسة الحقوق بنجاح سنة 1971 بالجزائر، حيث حصل على لجوء سياسي. تفرغ للعمل السياسي لمدة 13 سنة، انقطع فيها عن الدراسة؛ ليعود سنة 1981 لدراسة الحقوق. ختم دراسته للحقوق سنة 1983, و بدأ ممارسة المحاماة سنة 1984. أثناء إقامته الجبرية بمدينة باجة، عمل بالشركة الجهوية للنقل بباجة، ثم نقل بسبب نشاطه النقابي، حيث عمل ببلدية سرس في المحاماة.
في 2005 أضرب عن الطعام مع سبعة أشخاص آخرين لمدة شهر، تزامنًا مع “القمّة العالمية لمجتمع المعلومات”؛ احتجاجًا على التضييق على الحريات، وساهم في تأسيس “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” التي وحدت الجزء الأهم من المعارضة التونسية على قاعدة الدفاع على الحريات السياسية لجميع التونسيين.
انظم إلى أول حكومة بعد الثورة، واختير وزيرًا للتنمية المحلية في أكتوبر 2011، وانتخب نائبًا في المجلس الوطني التأسيسي عن دائرة تونس 2.
سليم شاكر
حفيد المناضل التونسي الراحل الهادي شاكر. ولد في صفاقس عام 1961، وحصل على الباكالوريا سنة 1979 بمعهد الصادقية، ثمّ أحرز سنة 1983 التّبريز في الرياضيّات من المدرسة العليا للمعلمين بتونس وشهادة هندسة الإحصاء الاقتصادي بفرنسا في 1986 والماجستير للأعمال والتصرف في يناير 2008 من المعهد المتوسطي للأعمال بتونس.
عمل مديرًا مساعدًا بالبنك التونسي القطري للاستثمار من 1991 إلى 1992، واشتغل مديرًا للدراسات في المركز التقني للنسيج بوزارة الصناعة، ثم مديرًا منسقًا لصندوق اقتحام الأسواق الخارجية بوزارة التجارة. وهو مستشار دولي لدى البنك الدولي، يشتغل على بحث وضبط استراتيجيات تنمية الصادرات، وهو أيضًا مستشار دولي بالبرنامج الأوروبي للجنة الأوروبية بالأردن؛ لتأهيل قطاع الخدمات والسياحة، وهو المنصب الذي تقلده قبل تعيينه وزيرًا للماليّة.