بعد أقل من ثلاثة أسابيع من اعتماد حلف «ناتو» خلال قمته الأخيرة في وارسو توصية توفر له الغطاء السياسي لإدارة تدفق اللاجئين في منطقة وسط البحر المتوسط، تمثل بداية الضربات الجوية الأميركية على موقع تنظيم «داعش» في سرت الانتكاسة الثانية للأطراف الأوروبية في إدارتها الوضع الليبي.
وفيما يقوم خبراء حلف «ناتو»، ودون إشراك الأطراف الأوروبية حاليا، في وضع الملامح العملية لدور الحلف في صد موجات النزوح إلى أوروبا من اليابسة الليبية على غرار ما ينفذه دوريا الحلف في بحر إيجة بين تركيا واليونان، كشف الأوروبيون الأسبوع الماضي عدم توصلهم إلى بلورة توافق لا حول إطلاق المرحلة الثالثة من عملية صوفيا البحرية ولا حول تمويل تأهيل خفر السواحل الليبيين.
ويعتبر مراقبون أن الخلافات بين الأوروبيين حول ليبيا المستمرة في الواقع منذ العام 2011 تحول دون بلورة توافق الحد الأدنى بين دولهم وتحد من هامش تحرك الاتحاد الأوروبي كتكتل في نفس الوقت، ولم يتجاوز التعامل الأوروبي مع ليبيا مرحلة التخطيط وإعلان النوايا طوال الخمس سنوات الأخيرة، وأعلن الأوروبيون نشر بعثة أمنية تحت اسم (يوبام ليبيا) ظلت حتى الآن متمركزة إداريا في تونس.
كما أعدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فريديريكا موغريني برنامج عمل مع ليبيا بقيمة 100مليون يورو، وعن تدابير لدعم المجالس البلدية ولكنها لم تخرج من إدراج الموظفين في بروكسل، وجاء التدخل العسكري الأميركي في سرت بداية الشهر الجاري لينهي آمال الأوروبيين في لعب دور حاسم في عملية بسط الاستقرار في البلاد، ويتضح أن الكشف عن انتشار فرنسي في بنغازي إلى جانب الجيش الليبي عجل في اتجاه الإسراع بدور أميركي وبطلب إيطالي بعد محادثات أجراها وزيرا الخارجية والدفاع الإيطاليان مع مسؤولين أميركيين كبار في واشنطن يوم 21 يوليو الماضي.
واعتبرت روما بشكل مستمر أن الدور الفرنسي في ليبيا يمس جوانب من مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، ولكنها رفضت التورط بشكل مباشر(ورسمي) في ليبيا لأسباب تتعلق بالطابع الهش للتحالف القائم في روما.
ووفق مصدر إيطالية فإن إيطاليا قامت بالفعل وخلافا للموقف الرسمي بتوقيع اتفاق منذ فترة وقبل بدء الضربات على سرت مع الولايات المتحدة يتيح لواشنطن استعمال قاعدة سيغونيلا جنوب البلاد لأي عمل عسكري مباشر وبما في ذلك لانطلاق الطائرات الأميركية دون طيار.