أطاحت الثورة التونسية منذ أكثر من 5 سنوات بالديكتاتور زين العابدين بن علي، بعد 23 عاما من الحكم، الثورة التي بدأت في تونس انتشرت في كثير من الدول العربية، وأدت إلى تغيير النظام في مصر وليبيا واليمن، وتقديم تنازلات من قبل الحكومات في الأردن والمغرب، لكنها للأسف لم تحرز أي تقدم في كثير من البلدان السابقة كما هو الحال في مصر.
للأسف، تضررت سمعة تونس دوليا، بعد تورط تونسي في قتل عشرات الأبرياء في هجوم مدينة نيس بفرنسا، الذي جاء في أعقاب حادث استهداف السياح الأجانب داخل تونس، مما أضر بالاقتصاد والسياحة التي هي المصدر للرئيسي للدخل في البلاد، والهجوم الذي وقع في نيس قد يجعل السياح أكثر حذرا من زيارة تونس.
هذه ليست صورة عادلة أو دقيقة للدولة التي حققت تقدما كبيرا في فتح مجتمعها على مدى الخمس سنوات الماضية، واليوم، يمكن سماع وجهات نظر العديد من السياسيين في تونس، بالإضافة إلى إنشاء عشرات الأحزاب السياسية الجديدة والآلاف من منظمات المجتمع المدني، كما أن البرلمان التونسي به نسبة كبيرة من السيدات مقارنة بالمناطق العربية الأخرى.
تونس هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي سنت قانونا يعطي مواطنيها الحق في الحصول على المعلومات الحكومية، وبذلت الحكومة جهودا كبيرة للكشف عن شفافية ميزانيتها، وتحولت من واحدة من أفقر الدول أداء في العالم لعام 2012 في مؤشر الموازنة المفتوحة، إلى أفضل الشركات أداء في العالم العربي لعام 2015.
على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، إلا أن الفساد مستمر في القطاع العام بجانب ارتفاع معدلات البطالة وضعف النمو الاقتصادي، فالمواطن العادي محبط، ولا يرى أن الحريات السياسية الجديدة ترجمت إلى تحسين مستوى المعيشة.
قدم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في العام الماضي، مشروع المصالحة الاقتصادية والمالية للبرلمان لبناء ثقة الاقتصاد، وعرض قانونا للمصالحة مع رموز النظام السابق كوسيلة لمساعدة التونسيين على الخروج من الصدمة المالية.
عارضت منظمات المجتمع المدني القانون بشدة خوفا من توفير غطاء لموظفي الحكومة لسرقة مبالغ طائلة من البلاد، ويرى المحللون أن الإجراءات السابقة تقوض الحقوق وكرامة المواطن التونسي.
لم تستطع الحكومة التونسية تعزيز الانفتاح على السياسات العامة مثل توسيع الشفافية والمشاركة العامة في ممارسات الميزانية عبر البلديات التونسية، والآن تقف تونس على مفترق طرق، فقد حققت البلد الكثير من التقدم في الناحية السياسية، وبالتالي على الحكومة وجميع أصحاب المصلحة التعهد بالمزيد من الإصلاحات التي تكمل ما حدث منذ 5 سنوات.