تشهد ثاني أكبر دول القارة الإفريقية من حيث عدد السكان اضطرابات شديدة، ورغم أن هذه الاضطرابات لم تكن جديدة على المجتمع الإثيوبي، إلا أن وصولها إلى العاصمة أديس أبابا هو الأمر المثير للقلق، أضف إلى ذلك أرقام الخسائر البشرية التي لفتت أنظار العالم إليها.
كانت الحكومة الإثيوبية قد أقرت مؤخرًا بمقتل سبعة أشخاص فقط خلال احتجاجات وقعت نهاية الأسبوع الماضي في منطقتين بشمال وغرب البلاد، حيث قال مصدر حكومي إثيوبي إن القتلى السبعة سقطوا في مدينة بحر دار في إقليم أمهرا بشمال إثيوبيا، خلال ما وصفه بأنه أعمال شغب وعنف، نافيًا مقتل أي شخص في إقليم أورومو، أو في العاصمة أديس أبابا، وأضاف أنه لا صحة للتقارير الواردة عن مقتل مائة شخص في الاحتجاجات، واتهم المسؤول الإثيوبي ما سماه مجموعات معادية للسلام بإثارة الاحتجاجات.
في الوقت نفسه أكدت المعارضة مقتل عشرات الأشخاص برصاص الأمن هناك، حيث قالت مصادر من المعارضة إن أكثر من تسعين شخصًا قتلوا برصاص عناصر من الأمن والجيش في إقليمي أمهرا وأورومو، وقال قيادي في المعارضة في أورومو، إن 33 قتلوا بالرصاص في الإقليم، كما قال سكان في أمهرا إنهم أحصوا ستين قتيلًا بالإقليم، في الوقت نفسه أكدت منظمة العفو الدولية مقتل 97 شخصًا في الإقليمين على الأقل.
الأزمة في إثيوبيا والمظاهرات هناك لم تكن جديدة على المتابعين للشأن الإثيوبي، حيث انطلقت الأزمة منذ نوفمبر الماضي في إقليم أورومو؛ احتجاجًا على خطة حكومية للتطوير العمراني، كانت ستفضي إلى مصادرة أراضٍ؛ لتصبح جزءًا من إقليم التيغراي شمالي إثيوبيا، وانضم إلى المظاهرات معارضون ومواطنون غاضبون من سياسات التمييز لدى الحكومة، التي يقودها ساسة من إقليم التيغراي، وأدت الاحتجاجات حينها إلى مقتل 400 شخص وجرح الآلاف واعتقال عشرات الآلاف، قبل أن تضطر الحكومة إلى التراجع عن مخطط التوسعة.
هذه الأزمة تجددت الأسبوع الماضي في أورومو، حيث شهدت إثيوبيا موجة غير مسبوقة من التظاهرات المناهضة للحكومة منذ عشر سنوات، فقد تظاهر المئات في أديس أبابا؛ للمطالبة بتوزيع عادل للثروة، والإفراج عن المعارضين، المحتجين على ما يعتبرونه هيمنة لأقلية التيجريين المنحدرين من شمال البلاد، والذين يشغلون المناصب الرئيسية داخل الحكومة وقوات الأمن؛ لتكون هذه الاحتجاجات الأولى من نوعها التي تمتد إلى أديس أبابا، بعد أن كانت تقتصر على منطقتي أورومو وأمهرة، حيث تمثل جماعتا أورومو وأمهرة أكبر المجموعات العرقية في البلاد، وتمثلان معًا حوالي 80% من السكان، الأمر الذي يشير إلى تصاعد الغضب الشعبي وامتداد المظاهرات والاحتجاجات إلى مناطق حساسة في الدولة.