تباينت مواقف الجزائريين إزاء إلغاء عقوبة الإعدام, بين مؤيد تماشيا مع مفاهيم حقوق الإنسان ورافض لمخالفة الشريعة الإسلامية والدستور الجزائري في مادته الثانية "الإسلام دين الدولة".
وقال رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بوجمعة غشير إن الجدل الدائر حول عقوبة الإعدام يدل على جهل بواقع المجتمع الجزائري وبالشريعة الإسلامية. وأضاف غشير للجزيرة نت أن القصاص في الشريعة الإسلامية هو حق أقره الله تعالى لولي الدم، وهو ليس حدا.
وأشار غشير إلى أن الإسلام دين رحمة قدم العفو والدية على القصاص، ولكن في حال الاعتداء بالقتل يعاقب بالقصاص، والقانون الجزائري لا يمنح ولي الدم حق القصاص، فقط له حق المطالبة بالتعويض عندها يسقط طلب القصاص شرعا، لذلك فإن إلغاء عقوبة الإعدام يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
من جهته قال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعمران إن الصلح والتسامح لا يعني إلغاء نص قرآني. وأضاف أنه يجب التوازن بين إنصاف القاتل وأسرة المقتول, مشيرا إلى "أن دعاة إلغاء عقوبة الإعدام يشفقون على القاتل ويتجاهلون المقتول، وأسرته من يشفق عليهم؟", فإذا عفا أهل المقتول فالمصالحة أفضل لأن الإسلام دين رحمة ودين إنسانية.
استفتاء شعبي
وردا على دعوة فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان حول الاستفتاء الشعبي لإلغاء عقوبة الإعدام، قال بوعمران إنه لا يوجد استفتاء على القرآن.
وأضاف أن فصل الدين عن السياسة مرفوض لأنه لا يمكن فصل الدين عن السياسة، لأن السياسة مقيدة بالأخلاق، والأخلاق بالدين. واستغرب بوعمران الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام في حين لازالت سارية في الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية.
وأجمعت مواقف الأحزاب الإسلامية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين على مناهضة إلغاء عقوبة الإعدام لأنه يخالف الشريعة والدستور الجزائري. وقال الشيخ عبد الرحمن شيبان في حديث للجزيرة نت "إن مبدأ القصاص للزجر وانتزاع العدوانية من النفوس وليس هناك عقوبة أقدر على ذلك من عقوبة الإعدام".
وأكد عضو البرلمان عن حركة النهضة محمد حديبي أن "الإعدام مفروض من السماء في القرآن, والمادة 9 من الدستور الجزائري ترفض التشريع المخالف للإسلام، فإلغاء عقوبة الإعدام يعني الفوضى لغياب أداة الردع".
موافقة الرئيس
واتخذ رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني موقفا وسطا حيث قال للجزيرة نت إن "إبقاء المبدأ لا يعني بالضرورة تطبيقه". وأضاف يجب ألا تطبق عقوبة الإعدام إلا بموافقة القاضي الأول في البلاد، وهو رئيس الجمهورية.
ورفض المحامي ميلود إبراهيمي أن يكون القضاء تحت السلطة التنفيذية. ودعا الدول العربية والإسلامية إلى إلغاء عقوبة الإعدام برغبتها لتواكب الظروف الدولية الراهنة, أفضل من فرضها مستقبلا عند إبرام اتفاقيات مع دول أوروبية.
ويرى علي زغدود رئيس حزب التجمع الجزائري أن طرح النقاش حول عقوبة الإعدام له هدف سياسي, و"ذلك لصرف النظر عن مناقشة قضايا تمس قضايا الأشخاص إلى قضية سرمدية تمس الإله. لكن الشارع الجزائري لم يتفاعل معها كما كانوا يأملون بزوبعة تغطي فضائح الفساد".
وكانت الجزائر قد أعلنت عن إلغاء عقوبة الإعدام وانضمامها إلى الحملة الدولية لوقف عقوبة الإعدام. وشككت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بالإعلان ما لم يصدر رسميا حسب ما صرح الأمين العام للرابطة خليل عبد المؤمن للجزيرة نت.
ورغم أن الجزائر أكثر الدول ينطق فيها الحكم بالإعدام، حسب تقرير منظمة العفو الدولية 2009، فقد توقفت عن تنفيذ العقوبة منذ 1993.