في الوقت الذي أكد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الثلاثاء الماضي للرئيس السوداني عمر البشير، هاتفيًّا، استعداد مصر لمساندة السودان في مواجهة السيول بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت على الهضبة الإثيوبية
وعدد من ولايات السودان، كانت إثيوبيا تسعى لممارسة دور سياسي أكبر تأثيرًا على دولة السودان، حيث جمعت على أراضيها قادة قوى تحالف نداء السودان، الاثنين الماضي، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ للتوقيع على خارطة الطريق للسلام، التي دفعت بها الوساطة الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو أمبيكي.
الاتفاقية
أوضحت وكالة السودان للأنباء سونا أن أحزاب وحركات المعارضة السودانية “نداء السودان” وقعت الاثنين الماضي على خارطة التسوية السياسية في السودان، ويضم النداء السوداني (حزب الأمة القومي، والحركة الشعبية قطاع الشمال، وحركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة، ومجموعة قوى المستقبل للتغيير).
وتتضمن خارطة الطريق التي قدمتها الوساطة الإفريقية إجراءات لوقف العدائيات، تمهد لوقف دائم لإطلاق النار، والترتيبات الأمنية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وإيصال المساعدات الإنسانية، والحل السياسي، والحوار الوطني.
هذا وتضم قوى نداء السودان، الذي تأسس في ديسمبر 2014، حركات مسلحة تقاتل الحكومة في ولايتيجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، إضافة إلى أحزاب سياسية مثل حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، الذي وقع على الخارطة، وإلى جانب المهدي وقع مالك عقار عن الحركة الشعبية بقطاع الشمال، وجبريل إبراهيم رئيس العدل والمساواة، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، فيما وقع عن قوى المستقبل الدكتور غازي صلاح الدين وفرح عقار.
وتمت إجراءات التوقيع في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، بحضور ممثلين عن الوساطة الإفريقية والإيغاد والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والمبعوث الأمريكي للسودان ومبادرة المجتمع المدني.
في المقابل كانت الحكومة السودانية وقعت منفردة على هذه الخارطة، التي قدمها الوسيط الإفريقي ثابو مبيكي قبل أربعة أشهر، حيث امتنع تحالف “نداء السودان” عن توقيعها قبل تضمينها مطالب قدمها بشأن إحلال السلام، من ضمنها عقد اجتماع تحضيري يضم كل قوى المعارضة مع الحكومة في الخارج؛ لتهيئة الأجواء للحوار في الداخل عبر عدة خطوات، تشمل الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق الحريات العامة، وتشكيل آلية مستقلة لإدارة الحوار الوطني، الذي يجري حاليًّا في الخرطوم، ويرأسه الرئيس عمر البشير.
وتتردد أنباء إعلامية بأن جهات دولية وإقليمية مارست ضغوطًا على الخرطوم والوساطة الإفريقية؛ لتضمين مطالب “نداء السودان” في الخارطة، مما أدى إلى التوقيع عليها اليوم في العاصمة الإثيوبية.
وكان الرئيس السوداني رحب السبت الماضي باعتزام فصائل المعارضة التوقيع على خارطة الطريق، وقال إن “ترحيبنا يمتد لكل من يلتحق بركب الحوار في أي مرحلة كانت، حتى وصولنا إلى المؤتمر العام يوم 10 أكتوبر المقبل.
علاقات إثيوبيا بالسودان وجنوب السودان
يبدو أن إثيوبيا تحاول إيجاد دور أكبر لنفوذها السياسي في حديقة مصر الخلفية، حيث إنها تسعى لاستضافة المعارضة السودانية على أراضيها، وفي نفس الوقت لا تخسر علاقتها مع الحكومة السودانية في الخرطوم، فوفقًا لتصريحات السفير الإثيوبي في الخرطوم، أبادري زمو،فإن حركات دارفور المعارضة تأتي لإثيوبيا بإذن من حكومة السودان، “فبعد أن نتلقى رسالة من حكومة السودان أن هذه الحركات تريد أن تتفاوض معها، نأذن لتلك الحركات بناءً على طلب السودان لغرض المفاوضات. خلافًا لذلك لا يمكن أن نسمح لتلك الحركات التواجد في إثيوبيا ولو لساعة واحدة”. مؤكدًأ أنه “لا توجد حركات معارضة للسودان في إثيوبيا، ولو تواجد بعض الأفراد، ربما لتسهيل عملية التفاوض مع السودان”، ما يعني أن أديس أبابا تربطها علاقات طبية مع كل من الحكومة السودانية ومعارضتها.
وبالنسبة لجنوب السودان فإن هناك خطوات إثيوبية تجاهها، ففي مثل هذا الشهر من العام الماضي، اجتمع قادة دول شرق إفريقيا في العاصمة الإثيوبية؛ في محاولة أخيرة لإقناع الأطراف المتنازعة في جنوب السودان بالتوقيع على اتفاق سلام ينهي الحرب الأهلية المستمرة في البلاد منذ 20 شهرًا.
الأمر الذي يشير إلى أن إثيوبيا تسعى لترميم علاقتها بالسودان، ويبدو أنها استطاعت ضمها إلى طرفها في مواضيع عدة تشكل خلافًا مع مصر، كما حدث في موضوع سد النهضة، حيث تجدر الإشارة إلى أن الموقف السوداني حول سد النهضة تبلور خلال الأشهر الأخيرة، فقد أعلنت السودان رسميًّا في شهر ديسمبر الماضي عن تأييدها لبناء سد النهضة. ويقول مراقبون بأن إثيوبيا نجحت في ترويض السودان من خلال إقناعها بإمكانية الاستفادة من كهرباء السدود الإثيوبية، وذلك عندما باعت إثيوبيا للسودان 100 ميجاوات من كهرباء سد تكزي بسعر التكلفة الذي يقل عن ربع تكلفة توليد الكهرباء من سد مروي السوداني. ويبدو أن الرؤية اتضحت للسودان حول إمكانية سد عجزها من احتياجها للكهرباء، الذي يصل إلى قرابة 40% من إنتاجها الحالي، من كهرباء إثيوبيا الرخيصة.
في المقابل يعتبر دور مصر إشرافيًّا على ما يحدث في السودان وجنوبه، ويوم الأربعاء أكد الرئيس المصري خلال استقباله لـ “فيستوس موخاي”، رئيس بوتسوانا السابق، ورئيس مفوضية المتابعة والتقييم المعنية بتنفيذ اتفاق التسوية السلمية في جنوب السودان، دعم مصر للجهود التي تبذلها المفوضية المشتركة للمراقبة والتقييم المعنية بتنفيذ اتفاق التسوية السلمية، بما يعيد السلام والاستقرار إلى جنوب السودان.