وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الجنرال الليبي خليفة حفتر بأنه أصبح مصدر إزعاج للولايات المتحدة، بعد أن كان رجل الـ»سي آي إي».
وتناول تقرير الصحيفة أمس الأول فترات حياة حفتر، حيث قال إنه عاش في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة طويلة، وعمل في وكالة الاستخبارات الأمريكية وهو من أشد المعادين للتيارات السياسية الإسلامية، والآن يقود مجموعة كبيرة من المقاتلين وهو الذي يقف في وجه السلام في ليبيا. نقلت الصحيفة وصف البعض لحفتر بأنه اشد خطرا من تنظيم «الدولة» في ليبيا.
ويقول التقرير الذي كتبه الصحافي ميسي رايان إن حفتر يرفض دعم حكومة التوافق الهشة في ليبيا، والتي لم تستطع السيطرة على الصراع في ليبيا، فيما تقف الولايات المتحدة وحلفاؤها عاجزين عن اتخاذ أي إجراء ضده.
ويضيف أنه ومنذ أن برز حفتر بعد الثورة في العام 2014 نصّب نفسه كمقاتل للمتطرفين في ليبيا، في الوقت نفسه الذي بدأ فيه ببناء قاعدة سلطة منعزلة عن العملية السياسية في ليبيا التي توسطت فيها الامم المتحدة، فيما كافحت الحكومات الغربية للتعامل مع حفتر بسياسة فعالة.
وتنقل الصحيفة عن باراك بارف وهو الباحث في معهد أمريكا الجديدة في واشنطن أن حفتر يهدد المبادرات المدعومة من الغرب، وفي الوقت نفسه فهو لن يستطيع الوفاء بوعوده في هزيمة القوى المتطرفة، فهو يمكن أن يكون كابحا لهم فقط. وفيما قامت القوات الليبية المدعومة من سلاح الجو الأمريكي بإعاقة تنظيم الدولة من التقدم وسط ليبيا، يعتبر البيت الأبيض حفتر صار عائقا في وجه إحلال الديمقراطية بعد الثورة التي أطاحت بالقذافي.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي كبير سابق، طلب عدم الكشف عن هويته أن علاقات حفتر في الشرق الأوسط وافريقيا جعلت من الصعب على الإدارة الأمريكية التي يقودها باراك أوباما وضع استراتيجية موحدة لمواجهته أو احتوائه، كما أضاف أن الولايات المتحدة لم يكن لها القدرة على تهميش حفتر أو دمجه في العملية السياسية في ليبيا، كما وصفه بأنه «إلكترون منفلت».
حفتر الذي كان ضابطا عسكريا شابا ومن اشد اتباع القذافي ولاءا حتى العام 1987 ، عندما تم إلقاء القبض عليه مع 400 جندي آخرين، يحاربون على الجانب الاخر في تشاد، وانقلب على القذافي في ذلك الوقت بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية فيما كان يسمى الجبهة الوطنية لانقاذ ليبيا والتي كانت تخطط للاطاحة بالعقيد الليبي ونظامه.
وكان الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت رونالد ريغان وافق على عملية سرية اطلق عليها اسم “توليب” والتي هدفت الى توجيه الدعم الى الجماعات المنشقة بهدف الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، والذي كان على صلة بالمجموعات المسلحة المتحالفة مع الاتحاد السوفييتي، حيث وصف ريغان القذافي بأنه “الكلب المسعور في الشرق الاوسط”.
ووفقا للعديد من المسؤولين السابقين في جهاز المخابرات الأمريكية، كان حفتر على إتصال بهم خصوصا في العمليات التي كانت في تشاد، كما قال افراد من شعبة الانشطة الخاصة بوكالة الاستخبارات الأمريكية انه تم تدريب الجنود الليبيين تحت اشرافهم، ورفضت وكالة الاستخبارات الأمريكية الرسمية التعليق للصحيفة على هذه المعلومات. إلا أن مسؤولا سابقا في المخابرات الأمريكية وصف حفتر بأنه رجل عنيد، وعاقل في نفس الوقت.
لم تنجح محاولة الانقلاب التي خطط لها، واضطر الأمريكيون في العام 1990 لانقاذ العناصر الليبية عندما فشلوا في تشاد، وقال مسؤول استخباراتي سابق انه كان من المحزن التخلص منهم وهو ما دفعنا لايجاد مكان آخر لهم للعيش.
بعد ذلك بستة اشهر حلقت طائرة عسكرية أمريكية تحمل نحو 350 من الثوار الليبيين الى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ضمنهم حفتر، الذي عاد في العام 2011 على رأس العمليات العسكرية للمتمردين ضد القذافي في ليبيا.
في فبراير من العام 2014، اصدر حفتر مقطع فيديو يعلن فيه عن انقلاب عسكري، في ذلك الوقت كانت الحكومة المركزية غير قادرة على مواجهة المجموعات الاسلامية المتطرفة التي نشأت بعد الثورة الليبية. ويقول التقرير ان مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية سارعوا بالرد “هل هذه مزحة؟ هل كان هذا الرجل يعيش في فيينا” في اشارة الى ضاحية موجودة في ولاية فرجينيا الأمريكية.
بعدها بوقت قصير اطلق حفتر عملية “الكرامة ” والتي سعت الى التخلص من الجماعات المسلحة، وتوسعت الازمة السياسية في لييبيا، وتم تنصيب حفتر كقائد عسكري في مدينة طبرق الليبية.
واضافت الصحيفة على لسان باحث في المجلس الاطلسي ان العديد من الليبيين يئسوا من تفشي الجريمة وانعدام الامن و دعموا حفتر واصبح هو بطل الشرق الليبي، حيث انه الشخص الذي اخذ بزمام المبادرة حينما فشل الاخرون في ذلك، وهذا ما اكسبه المصداقية والثقة الشعبية.
ولكن حملة حفتر لم تقم بنصر عسكري حاسم، فقد تركت العديد من مناطق بنغازي في حالة يرثى لها، ووضع المدنيين في مواجهات مسلحة كما انقسم الشارع الليبي واشتبكت قواته مع القوات المدعومة من الولايات المتحدة، فيما يرى البعض ان حفتر اشد خطرا من داعش في ليبيا.
حفتر لديه العديد من الحلفاء الاقوياء كمصر والامارات العربية واللذين شجعاه في حملته في شرق ليبيا، كما اتفقت رغبة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع رغبات حفتر في القضاء على الاسلاميين.
وعلق فريدريك هري وهو خبير في مؤسسة كارينغي للسلام الدولي قائلا “لقد كان حفتر قادرا على استثمار الاداء العسكري بشكل افضل سياسا، كما ان الدعم الاقليمي عامل اساسي في المعادلة الليبية”.
بعد ذلك رفض حفتر دعم حكومة التوافق في طرابلس التي توسطت فيها الامم المتحدة، فيما علق مسؤول سابق في وزارة الخارجية ان “حفتر غير مهتم بالديمقراطية ولا السلام في ليبيا”.
وختمت الصحيفة بالقول انه وخلال الاسبوع الماضي اعترف مبعوث الامم المتحدة الى ليبيا انها غارقة في القتال، وان هذا الامر يهدد المشروع الغربي في ليبيا وخلق افاق للصراع اللامنتهي وزيادة النشاط الارهابي، ومازال حفتر يصور نفسه بأنه منقذ ليبيا.