أكد شهود عيان للأناضول أن الجيش الجزائري، شارف على الانتهاء من عملية إنجاز خط من الخنادق والسواتر التربية ونقاط المراقبة على طول 340 كلم على الحدود مع تونس، والبالغ طولها 965 كلم، وذلك بعد أن شُرع في إنجازه منذ 2014، دون أن يتم الإعلان عنه رسميا.
وتسعى الجزائر لتأمين حدودها من تسلل إرهابيين من تونس إلى أراضيها، خاصة وأن كتيبة “عقبة بن نافع″ التي أعلنت انضمامها إلى تنظيم “داعش” الإرهابي، تنشط في جبل “الشعانبي” في تونس والقريب من الحدود الجزائرية، كما أن تونس تعرف في السنوات الأخيرة انتشارا للفكر الجهادي، حيث يضم “داعش” ليبيا لوحده نحو 5 آلاف جهادي تونسي، ناهيك عن التونسيين الذين ينشطون في سوريا والعراق ضمن تنظيمات إرهابية على رأسها “داعش”.
وفي هذا الإطار، تستعد الجزائر عبر خط الخنادق والساتر الترابي لمنع أي تسلل لعناصر “داعش” في ليبيا، عبر تونس إلى أراضيها، خاصة بعد الضربات الجوية الأمريكية على مدينة “سرت” (450 كلم شرق العاصمة طرابلس)، التي شهدت فرار عدد من عناصر التنظيم من المدينة، عقب عملية “البنيان المرصوص” التي أطلقها المجلس الرئاسي في طرابلس في مايو/ أيار 2016، ووصلت إلى مرحلتها الأخيرة من تحريرها من قبضة التنظيم، الذي سيطر عليها في منتصف 2015.
كما تسعى السلطات الجزائرية من خلال هذا الخط الأمني إلى منع تسلل المطلوبين أمنيا، ووقف عمليات تهريب الأسلحة والسلع مع جارتها الشرقية.
وقال العلمي قويدر، وهو ناقل يعمل على خط يربط مدينة “نابل” التونسية بمدينة “الوادي” الجزائرية، للأناضول “يمتد خط من الخنادق على طول الحدود الصحراوية، والسلطات حفرت خنادق عرضية وعميقة يصل عمقها في بعض المحاور إلى مترين”.
من جهته قال عمير عثمان، عضو المجلس المحلي بمحافظة “الوادي”، (800 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية): “أنهت السلطات الجزائرية تقريبا إقامة نظام لمنع تسلل السيارات عبر الجزء الجنوبي من الحدود البرية بين الجزائر وتونس على طول 340 كلم”.
المتحدث أضاف للأناضول: “يبدأ الخندق من منطقة بير الذر (أقصى نقطة إلى الجنوب من الحدود البرية بين الجزائر وتونس)، ويتواصل إلى غاية الأطراف الجنوبية لبلدية بئر العاتر، التابعة لمحافظة تبسة (شرق)”.
كما أكد شهود عيان بالمنطقة للأناضول، أن “عرض الخندق يتراوح بين 2.5 و3.5 متر، متبوع بساتر ترابي يتراوح ارتفاعه بين 2 و3 متر على طول الحدود”.
وأوضحوا أن “الساتر والخندق أنجزوا بطريقة تجعل اختراقه بالسيارات وحتى بالشاحنات مستحيلا، كما أن جهاز حرس الحدود الجزائري أقام نقاط مراقبة محصنة في بعض المواقع المرتفعة”.
ولم تعلن السلطات الجزائرية ولا التونسية رسميا عن هذه الإجراءات الجديدة لتأمين الحدود.
وقال مصدر أمني جزائري، طلب عدم الكشف عن هويته، إن “نظام الخنادق والسواتر الترابية على طول الحدود جاء ضمن مشروع قديم نسبيا لوزارة الدفاع وقيادة الدرك الوطني، حيث تقرر في عام 2014 البدء في حفر خنادق في بعض المناطق التي تعرف تسلل سيارات عبر الحدود لمنع التهريب، وأثبت النظام فاعلية كبيرة”.
وأضاف المصدر ذاته للأناضول: “تم تقسيم الحدود البرية بين الجزائر وتونس إلى 3 قطاعات رئيسية تم التعامل معها حسب طبيعة الأرض”.
وأوضح: “في الجنوب توجد مناطق صحراوية صالحة لتنقل العربات والسيارات، وحفرت فيها خنادق وأقيمت سواتر ترابية، وفي الوسط توجد منطقة سهول وجبال ووضعت فيها سلسلة من نقاط المراقبة المتقاربة من أجل التحكم في الحدود والسيطرة عليها، أما في الشمال فإن المنطقة فيها تداخل غابات ومناطق زراعية بين البلدين الجارين، ووضعت في هذه المنطقة أيضا سلسلة من نقاط المراقبة العالية والمحصنة، لمنع محاولات التسلل”.
وقال المصدر الأمني إن “السلطات الجزائرية نشرت منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول 2013 قوات عسكرية بلغ تعدادها 15 ألف جنديا؛ للسيطرة على الحدود ومنع تسلل المطلوبين الأمنيين ومنع تهريب بعض السلع والأسلحة، كما تم تجهيز نقاط الحراسة بمنظومات مراقبة وكاميرات للرؤية الليلية، بالإضافة للمراقبة الجوية بطائرات عسكرية”.
وفي هذا الشأن، قال براكني معصم، وهو دبلوماسي جزائري متقاعد عمل في سفارة الجزائر في تونس لسنوات “إن الحدود البرية بين البلدين مصدر قلق حقيقي للسلطات الجزائرية لعدة أسباب أهمها؛ انتشار الفكر الجهادي في تونس″.
وأضاف: “يجب أن لا ننسى وجود آلاف الجهاديين التونسيين في صفوف تنظيم داعش في العراق وسوريا وفي ليبيا، كما أن الحدود البرية الطويلة بين الجزائر وتونس تعد منطقة تسلل مثالية للإرهابيين القادمين من ليبيا؛ حيث توجد إلى الآن مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في ليبيا”.
وفقد “داعش” سيطرته على مناطق واسعة في مدينة “سرت” وسط ليبيا، كما طرده تحالف لكتائب إسلامية من مدينة”درنة” شرق البلاد، لكن مازال له نشاط محدود في بعض أحياء مدنية بنغازي (شرق).
وأضاف المتحدث للأناضول: “أعتقد أن كل الإجراءات الأمنية التي تتخذ لضبط الحدود بين الجزائر وتونس محل اتفاق بينهما”.
من جهته، قال محمد تاواتي، الخبير الأمني الجزائري “إن الحدود الجزائرية ستشهد المزيد من التشديد للإجراءات الأمنية في المستقبل”.
وأوضح للأناضول: “تبني الجزائر سياستها الدفاعية على مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، وعدم إرسال قوات جزائرية للخارج، مع تعبئة كل الإمكانات لتأمين الحدود”.
وأضاف: “تنظر السلطات بكثير من القلق لحدودها البرية الطويلة التي يزيد طولها عن 6 آلاف كلم، كلها تقريبا مضطربة أمنيا، وتشهد عمليات تهريب، ففي الحدود مع المغرب تنتشر عمليات تهريب، حيث تشير بلاغات يومية للجيش الجزائري إلى ضبط مهربين، ونفس الأمر بالنسبة للحدود مع دول مالي والنيجر وليبيا وتونس″.