دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد، إلى تحمل مسؤوليتها، واعلان محافظة القصرين منطقة منكوبة،
وذلك على خلفية الأحداث التي هزتها خلال اليومين الماضيين، والتي خلفت أكثر من 20 قتيلا، والعشرات من الجرحى. وجاءت هذه الدعوة فيما زار يوسف الشاهد فجرا مدينة القصرين، في تحرك أثار غضب الأهالي الذين احتجوا في مسيرات ومظاهرات عكست حالة الاحتقان الاجتماعي في هذه المحافظة المحرومة التي تُعاني من التهميش والإقصاء. وشهدت محافظة القصرين خلال اليومين الماضيين هجوما إرهابيا استهدف دورية عسكرية في منطقة جبل سمامة، خلف ثلاثة قتلى وتسعة جرحى في صفوف الجيش التونسي.
وبعد يوم واحد على ذلك الهجوم الإرهابي شهد حي "الكرمة"بوسط مدينة القصرين، عملية أمنية وعسكرية مشتركة، أسفرت عن مقتل إرهابيين إثنين، وشاب مدني، كما عرفت بلدة "خمودة" التابعة لمحافظة القصرين حادث مرور مروعا خلف 16 قتيلا و85 جريحا. وأمام هذه التطورات، قام رئيس الحكومة يوسف الشاهد بزيارة لمدينة القصرين، التي وصلها فجر الخميس، تفقد خلالها الوحدات الأمنية والعسكرية المرابطة هناك، كما زار المستشفى الجهوي بمدينة القصرين حيث يعالج جرحى حادث المرور المروع الذي وقع في بلدة "خمودة".
غير أن توقيت هذه الزيارة التي تمت فجرا، والتي وصفها مراقبون بأنها “عملية تسلل خلسة لتفادي ردة فعل الأهالي”، قد أثار غضب أهالي القصرين، وأيضا غضب أهالي بلدة “خمودة” الذين خرجوا الخميس في مظاهرات احتجاجية، أغلقوا خلالها الطريق الرابطة بين بلدتهم ومدينة القصرين. ورفع المتظاهرون شعارات مُناهضة لحكومة يوسف الشاهد، وبقية الحكومات التي تعاقبت على تونس خلال السنوات الخمس الماضية، وطالبوا بالتنمية، وبتحسين البنية التحتية لقريتهم التي تشكو من التهميش والإقصاء.
ويرى مراقبون أن ما شهدته محافظة القصرين خلال اليومين الماضيين أعاد الجدل مجددا حول انعدام البنية التحتية في هذه المحافظة، وخاصة منها عدم وجود التجهيزات الطبية اللازمة في المستشفى المحلي الوحيد بمدينة القصرين بما يتيح إسعاف المصابين، خاصة وأن المحافظة تُعتبر منطقة عسكرية بالنظر إلى تزايد نشاط الإرهابيين في مناطقها الجبلية المحاذية للجزائر. وسبق أن عاشت تونس على وقع جدل محتدم حول تهميش المناطق الداخلية خاصة على إثر الاعتداءات الإرهابية التي قتل وأصيب فيها العشرات من الجنود في جبل الشعانبي بمحافظة القصرين. ووعدت الحكومات المتعاقبة ما بعد سقوط نظام بن علي بتجهيز المستشفيات وتزويدها بما تحتاجه من الطواقم الطبية في القصرين وغيرها من المحافظات، إلا أن معظم الوعود ظلت حبرا على ورق.