تضمّنت البرامج الانتخابية لمختلف الأحزاب السياسية بالمغرب وعودا رنّانة حول مكافحة الفساد والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهي وعود يصعب تحقيقها في ظل الصراعات الحزبية وعزوف الشباب عن التصويت وعدم ثقة المواطن المغربي عموما في السياسيين.
قدّمت جل الأحزاب السياسية بالمغرب، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 7 أكتوبر المقبل، برامجها الانتخابية التي تضمنت رؤيتها للعديد من القضايا التي تهم المواطن المغربي، في محاولة لحشد الدعم. واعتبر مراقبون أن برامج الأحزاب السياسية تتقاطع في العديد من المحاور وتتشابه في تقديم الوعود، رغم حرص بعضها على التمايز في البعض من النقاط والإجراءات. وتم حصر عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية لاستحقاقات السابع من أكتوبر، حيث وصل عددهم إلى 15 مليون و702 ألف و592 ناخبا وناخبة، منهم 55 بالمئة من الرجال مقابل 45 في المئة من النساء، و55 بالمئة من الناخبين في الوسط الحضري مقابل 45 بالمئة ينتمون إلى الوسط القروي. وأكدت اللجنة الحكومية المتابعة للانتخابات أن الفئات العمرية تتحدد في 30 بالمئة بالنسبة إلى الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، مقابل 43 بالمئة تتراوح أعمارهم بين 35 و54 سنة و27 بالمئة تفوق أعمارهم الـ54 سنة.
وأعلنت جل الأحزاب المغربية عن برامجها الانتخابية، سواء المعارضة أو التي شاركت في الحكومة، وكمثال عن أحزاب الأغلبية الحكومية تم انتقاد حزب العدالة والتنمية في عدم التزامه بتحقيق ما وعد به في الانتخابات السابقة، إذ اعتبر ملاحظون أن برنامجه الانتخابي لهذه الدورة لن يكون سوى إعادة لما وعد به سابقا. وطرح حزب العدالة والتنمية برنامجه تحت شعار “صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح”، وبرنامجا انتخابيا برهانات اعتبرها الحزب أساسية متمثلة في تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتشغيل الشباب، ومحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية، وتعميم الحكامة، ومحاربة الفساد والريع، وتعزيز تنافسية الاقتصاد، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وبالتركيز على برنامج الأصالة والمعاصرة المنافس الأكبر للعدالة والتنمية نجده هو أيضا يطمح إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي مستدام يبلغ 6 بالمئة، وخلق حوالي 150 ألف منصب شغل سنويا، وبلوغ نسبة 20 بالمئة كمساهمة للقطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، وخلق الثروة مع الحرص على توزيعها بشكل عادل لتقليص الفوارق الاجتماعية وتوسيع الطبقة الوسطى. وأكد جواد الرباع، أستاذ زائر في العلوم السياسية بكلية الحقوق مراكش، ومهتم بقضايا السياسات العامة والحكامة الترابية في تصريح لـ”العرب”، أن أغلب الالتزامات الحزبية السياسية والاجتماعية والتعليمية التي وردت في البرامج الانتخابية للأحزاب متشابهة إلى حد التطابق والاستنساخ لنفس القضايا وأن هذه البرامج تبقى تدابير عامة وفضفاضة.
وفي خطوة لكسب أكبر عدد من الأصوات كشف إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال لقاء صحافي، أن الحزب سيدافع عن رفع الحجب عن المكالمات عبر تقنية “الواتساب” التي تم حجبها خلال العام الجاري، مؤكدا أنه سيعمل جاهدا لكي تكون هذه التقنية متاحة لجميع المغاربة في الداخل والخارج.
واعتبر مراقبون هذه الإجراءات مجرد وعود انتخابية يلزمها الكثير من الإمكانيات المادية واللوجيستية والبشرية لتطبيقها، وأكد هؤلاء أن برنامج الحزبين الغريمين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية لا يختلفان من حيث المحتوى. ويؤكد متابعون أن الالتزام والوفاء بالوعود اللذين تقطعهما الأحزاب على نفسها، هما رهينة الإرادة السياسية بعد تبوئها لمسؤولية التدبير الحكومي وطبيعة التحالفات، بالإضافة إلى تماشيها مع المؤشرات الاقتصادية والأولويات المرتبطة بالاستراتيجيات الكبرى للدولة. واعتبر جواد الرباع، أن البرامج الانتخابية لم تخرج عن المقاربات التقليدية القديمة واجترار نفس الأرقام والمعطيات السابقة، بتغييب مجموعة من الاعتبارات والأسس الموضوعية في التشخيص الواقعي للسياسات العمومية المأزومة، هذا إضافة إلى ثأثير التقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع باعتباره شرطا ضروريا من أجل تطوير فعال للمشاركة السياسية وإرساء دعائم الديمقراطية.
واجتهدت جل الأحزاب السياسية في تقديم برامجها معززة بالأرقام والإحصائيات حتى تكون محفزا لكسب أصوات الناخبين، وقال مراقبون إن الكثير من البرامج الانتخابية لا يتم الاجتهاد فيها بحيث يتم استنساخها مع إضافات بسيطة لا تتعدى ترتيب البعض من الإجراءات وتضخيم الأرقام رغم أن هناك أحزابا تبذل ما في وسعها لإخراج برنامج انتخابي متوازن. وتؤكد جل الأحزاب أنها تعتمد على خبراء لإعداد تلك البرامج، وفي هذا السياق أكد جواد الرباع لـ”العرب”، أن البرامج الانتخابية تعتمد على “مكاتب دراسات” ولكنها رغم ذلك لا تجعل التشخيص دقيقا للواقع السياسي والاجتماعي للمجال السياسي المغربي، وهذا ما يجعل البرامج مجرد شعارات انتخابية وأدوات للاستهلاك الإعلامي. وبحسب الرباع تظل هذه البرامج مجرد خطابات شعبوية تخاطب أحاسيس المواطن بالوعود الوهمية وغير الواقعية خاصة وأنها لم تشرّكه في صياغتها، ولم تحظ بأي اهتمام أو نقاش من جانبه.