الجزائر

Open in new window يتذكر الجزائريون، بعد 55 عاما، أحداث 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961، التي ذهب ضحيتها "المئات" من أهاليهم في العاصمة الفرنسية باريس، على يد الشرطة الفرنسية.

فقد دعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية، التي كانت تقود حربا على سلطات الاستعمار الفرنسي، العمال الجزائريين إلى الخروج في مسيرات سلمية بباريس احتجاجا على حظر التجول، المفروض عليهم تحديدا من الثامنة والنصف مساء إلى الخامسة والنصف صباحا، من قبل مدير الشرطة وقتها، موريس بابون.

وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين الجزائريين، بينهم نساء وأطفال، من الأحياء العشوائية إلى شوارع باريس، استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، على الرغم من منع السلطات الفرنسية، التي يبدو أنها أعطت التعليمات إلى أجهزة الأمن بقمع المتظاهرين بكل الوسائل.

ولكن أجهزة قمع المظاهرات كانت في استقبالهم في مداخل الشوارع الكبرى، حسب المؤرخين، الذين نقلوا روايات الشهود والمشاركين في المظاهرات، فاندلعت مواجهات دامية بشارع سانت ميشيل، وحي سانت سيفرين، وتكررت المشاهد الدامية في أحياء أخرى من باريس وضواحيها.

وكان القمع غاية في الضراوة والوحشية، حسب المؤرخين البريطانيين، جيم هاوس ونيل ماكماستر، اللذين وصفا ما تعرض له الجزائريون يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول في كتابهما "الجزائريون، الجمهورية ورعب الدولة"، بأنه "أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر".

ويذكر مؤرخون وكتاب شهدوا الأحداث أن الشرطة اعتقلت نحو 12 ألف جزائري واحتجزتهم في مراكز الشرطة وفي محتشدات أنشأتها لهم خصيصا، في قصر الرياضات في باريس، وقصر المعارض، وتعرضوا هناك للاستجواب والإهانة والضرب والتعذيب، والقتل، حسب شهود.

كما رحلت السلطات الفرنسية آلاف العمال الجزائريين من باريس وضواحيها إلى الجزائر، بسبب مشاركتهم في المظاهرات.

ويقدر المسؤولون الجزائريون ضحايا قمع مظاهرات 17 أكتوبر / تشرين الأول 1961 من 300 إلى 400 قتيل، ألقي بجثث العشرات منهم في نهر السين، فضلا عن المفقودين.

ويرى الكاتب الجزائري، عبد القادر ذهبي، أن أجهزة الأمن الفرنسية، بقيادة موريس بابون، الذي تعاون مع النازية، كان يعرف أن أغلب الجزائريين في فرنسا كانوا يناضلون، طوعا أو كرها، في صفوف جبهة التحرير الوطني، ولم يكونوا وقتها يسمون مهاجرين لأنهم كانوا فرنسيين بالنسبة للسلطات الفرنسية، وعلى هذا الأساس فرض عليهم وحدهم حظرا للتجول.

ويضيف ذهبي أن هذا "الحظر العنصري هو الذي دفع بالجزائريين إلى تحديه بالمسيرات السلمية، ولكن الواقع أن ما حدث هو فخ نصبته لهم الشرطة، لكي ترهب الجزائريين بقمع وحشي لم تقم به النازية، إذ قتل نحو 450 جزائريا، حسب شهادة بعض من عاصروا الأحداث وشهدوها".

ويقول المؤرخ الفرنسي، جون كلود إينودي، في كتابه "معركة باريس"، إن أكثر من 100 إلى 150 جزائريا قتلوا أو اختفوا قسرا في أحداث 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961 في باريس، وحمل المؤرخ الشرطة الفرنسية بقيادة، موريس بابون، صراحة مسؤولية قتلهم.

وفي عام 1999 رفع بابون، الذي أدين عام 1998 بالتعاون مع النازية، دعوى قضائية ضد إينودي، بتهمة القذف، ولكن محكمة مدينة بوردو أسقطت الدعوى.

أما السلطات الفرنسية فتقول في تقاريرها الرسمية إن ضحايا الأحداث 3 أشخاص فقط، توفي أحدهم بسكتة قلبية.

ويطرح مؤرخون، مثل الفرنسي إينودي، أول ما أماط اللثام عن دور الشرطة الفرنسية في أحداث 17 أكتوبر 1961، تساؤلات عديدة بشأن "تغييب رسمي" لهذه الأحداث في وسائل الإعلام والجامعات والكتب التاريخية.

ويرون أن السلطات الفرنسية والمسؤولين عن الأحداث تحديدا، مثل مدير الشرطة، موريس بابون، ورئيس الوزراء ميشيل دوبري، ووزير الداخلية روجي فراي، سعوا إلى فرض الصمت بشأن القضية، ولذلك سقطت جميع التحقيقات القضائية التي فتحت وقتها، وعددها نحو 60 تحقيقا، كما منع الصحفيون من زيارة المراكز التي كان يحتجز فيها الجزائريون.

ويتحدث المؤرخ الفرنسي، جيل مونسورون، في حوار مع صحيفة لوموند الفرنسية، عن "تضليل تاريخي متعمد من أجل طمس ذاكرة أحداث 17 أكتوبر/ تشرين الأول، ومحاولة ترسيخ أحداث أخرى في الذاكرة الجماعية وحتى لدى العائلات الجزائرية".

ويتعلق الأمر بأحداث 8 فبراير/ شباط 1962 بمنطقة شارون، التي شهدت قمع الشرطة لمسيرة من أجل السلم في الجزائر وضد تفجيرات المنظمة السرية (أسسها مستوطنون فرنسيون) ولم تكن مع استقلال الجزائر، التي أخذت مكان أحداث 17 أكتوبر/ تشرين الأول في الذاكرة الجماعية.

ويذكر المؤرخ أن عائلة فاطمة بدار، التي عثر على جثتها في نهر السين في أحداث 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وكان عمرها 15 أو 16 عاما، ظلت تعتقد لسنوات طويلة أنها من ضحايا أحداث منطقة شارون، وهي الأحداث التي ترسخت في الأذهان أكثر من أحداث 17 أكتوبر.

ويجيب مونسورون في حواره مع لوموند عن تساؤل آخر بشأن وقوع هذه الأحداث بينما كانت السلطات الفرنسية دخلت في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية في مايو/ أيار 1961، وكان الاعتقاد السائد أن الحرب ستنتهي باستقلال الجزائر.

ويرى مونسورون أن بعض القوى السياسية داخل الدولة الفرنسية كانت معارضة لفكرة استقلال الجزائر، وسعت من خلال مواقعها في الحكومة والشرطة والأجهزة الأخرى إلى عرقلة المسار السياسي لإنهاء الحرب في الجزائر.


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو