أمهل الرئيس السوداني عمر البشير، دولة جنوب السودان شهرين لتنفيذ اتفاقات التعاون بين البلدين، بينما تأسفت جوبا على دعوة أميركية لها بالكف عن دعم المتمردين السودانيين، واعتبرت الخطوة تقويضا لجهود حل المسائل الأمنية.
ومنح عمر البشير، دولة جنوب السودان مهلة حتى ديسمبر القادم لإنفاذ اتفاقيات التعاون التسعة التي سبق له التوقيع عليها مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت في عام 2012. وقال لدى مخاطبته مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، مساء الجمعة "إذا لم ينفذوا الاتفاقيات حتى ديسمبر سنقلب الصفحة".
وفي جوبا وصف مستشار الرئيس للشؤون الأمنية، ووزير الدفاع بحكومة جنوب السودان بيانا للخارجية الأميركية صدر يوم الخميس بأنه "مؤسف"، مشيرين إلى أن التصريحات ربما تقوض الجهود المبذولة حالياًلحل القضايا الأمنية بين البلدين.
وقال المستشار الرئاسي للشؤون الأمنية توت كيو جاتلواك لــ"سودان تربيون" الجمعة، "هذا أمر مؤسف، وسنطلب توضيحات من المؤسسات ذات الصلة عبر القنوات الدبلوماسية.. إن مثل هذه التصريحات تقوض الجهود المبذولة حاليا للتعامل مع مثل هذه القضايا".
وأضاف "أن هناك بالفعل آليات يمكن أن تعالج من خلالها مثل هذه الادعاءات، والولايات المتحدة هي واحدة من اللاعبين الذين يتوقع منها أن تلعب دوراً إيجابياً، في حين لم ينف أو يؤكد المسؤول الرئاسي وجود حركات تمرد سودانية في أراضي جنوب السودان.
من جانبه قال وزير الدفاع بحكومة جوبا كول مانينغ "إن الحكومة أمرت بالفعل الحركات المسلحة السودانية بمغادرة أراضيها أو تسليم أسلحتها والدخول لمعسكرات اللاجئين".
وتابع "إذا وافقوا على الذهاب إلى مخيمات اللاجئين، سنقوم بجمع أسلحتهم، وندعو السودان لتفقدها ونسلمها لهم لأننا لا نحتاج لأسلحة نارية".
ودعت الولايات المتحدة، الخميس، جنوب السودان لوقف دعم الحركات المسلحة السودانية، مشيرة إلى أن تقاريرا موثوقة تؤكد إيواء جوبا لهذه الحركات، بينما رحبت حكومة السودان بالخطوة الأميركية وأكدت ضرورة التزام جنوب السودان بتعهداته.
وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر في تصريحات صحفية "على حكومة جنوب السودان أن تمتثل لإلتزامتها بوقف إيواء وتقديم الدعم لجماعات المعارضة المسلحة في السودان، كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2046".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الجمعة، عن ترحيبها بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية، الداعي إلى إيقاف حكومة جنوب السودان دعمها لحركات المعارضة المسلحة التي تأويها، ومنعها من ممارسة أي نشاط عسكري انطلاقا من أراضيها ضد السودان.
من جانبه قال رئيس مكتب متابعة سلام دارفور أمين حسن عمر، إنها خطوة مهمة تشكل ضغطا اضافياً على دولة الجنوب لإخراج الحركات السودانية المسلحة من اراضيها وعدم دعمها.
وأشار أمين بحسب وكالة الانباء السودانية، يوم الجمعة، إلى أنها المرة الاولى التي تعبر فيها الولايات المتحدة عن مواقفها عبر وسائل الاعلام، الامر الذي يمثل نوعا من الضغط على حكومة دولة الجنوب لالزامها بالاتفاقات الدولية الداعية الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأضاف "كان ينبغي على حكومة دولة الجنوب الإقدام على خطوة طرد الحركات السودانية المسلحة من أراضيها من قبل، في ظل التزام حكومة السودان بإخراج العناصر الجنوبية المعارضة عبر اتفاقيات مع حكومة الجنوب والمعارضة".
وكانت حكومة السودان هددت في أواخر سبتمبر الماضي بإغلاق الحدود المشتركة بين الدولتين الجارتين في حال فشل جوبا في إبعاد، وطرد المقاتلين المتمردين من أراضيها، عقب حصولها على وعود من النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق لدى زيارته الأخيرة للخرطوم في أواخر أغسطس، تفيد بأن جوبا ستبعد الحركات المسلحة السودانية عن أراضيها في غضون 21 يوما.
كما التزم الرئيس سلفاكير ميارديت في رسالة للرئيس السوداني عمر البشير، بتنفيذ كل الاتفاقات الموقعة مع السودان في اتفاق التعاون المبرم في العام 2012 قبل أن يحث الخرطوم على التعامل بالمثل مع حكومته.
وتدهورت العلاقة بين الخرطوم وجوبا، بعد تحسن نسبي، إذ التزم الطرفان بدفع العلاقات للإمام، وبادرت الخرطوم بفتح الحدود في يناير الماضي، بعد أن ظلت مغلقة منذ انفصال الجنوب عام 2011، ولكنها عادت واتهمت جوبا بدعم المتمردين ضدها.
وطالبت اتفاقية التعاون التي وقعها الطرفان في سبتمبر 2012، حكومة جنوب السودان بوقف دعمها للمتمردين المعارضين لنظام الخرطوم، كما وُقعت اتفاقية أخرى في أغسطس من العام الماضي بين رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار والتي نصت على نزع السلاح وطرد المتمردين من أراضي جنوب السودان.
وتقاتل الحكومة السودانية الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ العام 2011، ومجموعة حركات مسلحة بإقليم دارفور منذ 12 عاما.