طلب المؤتمر الشعبي، أبرز أحزاب الحوار، تجميد زيادات أسعار الوقود والدواء والكهرباء التي أقرتها الحكومة وإقترح لجنة من إقتصاديين تضع خطة عاجلة قبل اعتماد موازنة 2017 تعرضها على هيئة متابعة تنفيذ مخرجات الحوار لإجازتها برنامجاً للحكومة الجديدة، كما هاجم تحالف قوى المستقبل الزيادات بشدة.
وأعلنت الحكومة السودانية ليل الخميس، تحرير سعر الوقود والدواء وزيادة تعرفة الكهرباء، وجأت السياسات الإقتصادية الجديدة قبل نحو شهرين من تشكيل حكومة الوفاق الوطني وفقا لتوصيات الحوار الوطني.
وطالب حزب المؤتمر الشعبي بتجميد الإجراءات فيما يتعلق بزيادة أسعار المحروقات والدواء والكهرباء، على أن يحال الأمر إلى لجنة من الإقتصاديين لوضع خطة عاجلة قبل إعتماد الموازنة الجديدة، لمعالجة مشكلة الاقتصاد الكلي وفقاً لمخرجات الحوار.
واقترح بيان للقطاع الإقتصادي للحزب، يوم الأحد، أن تعرض اللجنة ما تتوصل إليه على الهيئة العليا لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار لإجازتها برنامجاً اقتصادياً لحكومة الوفاق الوطني القادمة.
وتمسك الحزب بالحوار الوطني رافضاً اي إتجاه للخروج أو تجميد المشاركة فيه، على خلفية تطبيق المؤتمر الوطني الحاكم الإجراءات الاقتتصادية الأخيرة دون مشاورة أحزاب الحوار، محذراً من العصيان المدني الذي دعت له أحزاب المعارضة.
وأكد أن الخط الذي اتخذه الشعبي هو الإصلاح عن طريق الحوار، منتقداً دعوات الأحزاب المعارضة للعصيان المدني، قائلاً "إن العصيان المدني في هذا الوقت سيكون له دور سلبي على استقرار السودان".
ووصف أمين الأمانة الاقتصادية بالشعبي، بشير آدم رحمة، في مؤتمر صحفي، الأحد، تطبيق الحكومة الإجراءات الأخيرة بأنها "خطوة استباقية"، كان ينبغي مشاورة أحزاب الحوار بشأنها، لكنه في الوقت ذاته استبعد تجميد الشعبي للمشاركة في الحوار، مؤكداً المضي في طريق الحوار إلى نهايته، مضيفاً "إلا ينكص الطرف الآخر نكوصاً بيناً".
وطبقا للزيادات الجديدة وصل سعر جالون البنزين الى 27,5 جنيه عوضاً عن 21 جنيهاً، وجالون الجازولين إلى 18 جنيهاً بدلا عن 13 جنيها، وتم رفع تعرفة الكهرباء لأكثر من 400 كيلووات، وأصبحت من 401 إلى 601 كيلووات سعر الكيلو بـ32 قرشا بدلاً عن 26 قرشا، ومن 601 إلى 801 كيلووات بـ52 قرشا للكيلو، بدلاً عن 32 قرشا، أما فوق 800 كيلووات بزيادة قدرها 33 قرشا للكيلووات.
كما طبقت ولاية الخرطوم، السبت، زيادة كبيرة في أسعار تعرفة المواصلات العامة بالعاصمة السودانية، تراوحت نسبتها بين 60% إلى 100%.
وأوضح أمين الأمانة الاقتصادية بالشعبي، أن الحكومة ما زالت أمامها فرصة للمراجعة والتشاور مع اللجنة المنوط بها تنفيذ مخرجات الحوار، حول الإجراءات الإقتصادية الأخيرة.
وأفاد أن تنفيذ الإجراءات بدون مشورة أحزاب الحوار تزعزع الثقة في التزام المؤتمر الوطني بتنفيذ مخرجات الحوار، وتزيد من الإحتقان وتعيد الإجراءات الأمنية الاستثنائية وتعطي الممانعين وحملة السلاح حجة في عدم جدوى الحوار مع الحزب الحاكم.
وقال "إن الإجراءات أخذت من جيب المواطن واستثنت الدولة.. لو كنت مكانهم لجمعت ممن اكتنزوا خلال فترة الحكم مبلغ خمسة مليارات هي عجز الميزان التجاري.. علينا ان نتساوى مع الشعب طالما اننا كما يقول تراثنا الإسلامي في عهد عمر بن عبد العزيز".
وأفاد أن الإجراءات الاقتصادية التي أعلنها وزير المالية نهاية الأسبوع الماضي، تفتقر إلى الشفافية والمصداقية، لجهة أنها لم توضح حجم العجز ولا حجم الدعم المقدم للكهرباء والدواء.
وقال إن رفع الدعم عن السلع المذكورة "فرية" لجأت لها الحكومة لتبرير سد العجز في الموازنة بالطرق السهلة، بتحميل المواطن عبء الإجراءات بدلاً عن خفض الإنفاق الحكومي في الجهاز النفيذي والإداري المترهل وسد منافذ "الفساد المستتر" الذي يبدد المال العام في التجنيب والصرف خارج الموازنة.
وذكر أن زيادة الأجور المعلنة لا تغطي الزيادات في الأسعار ولا تستفيد منها سوى 7% من السودانيين، الذين يرفد الناتج بأكثر من 70%.
من جانبها رفض بيان لهيئة قيادة تحالف قوى المستقبل للتغيير ما اسماه "الزيادات الفاحشة" في أسعار المحروقات والكهرباء والتخفيض غير المسبوق في قيمة الجنيه منذ صدور العملة الوطنية، مؤكدا أنه سيتحرك بقوة وبكل الوسائل السلمية الدستورية لمناصرة "الشعب" في مواجهة القرارات.
وقال بيان للهيئة بعد اجتماع طارئ عقدته ليل السبت، إن زيادات الأسعار لا تستند إلى أي مشروعية، أخلاقية أو فنية، كما لا تحرسه إرادة شعبية ولا دستورية، "إنما هو تطبيق فاحش لأسلوب الإكراه والعسف الأمني وإرضاخ المستهلك لخيار لا يملك سواه".
وتابع "حتى مؤسسات النظام الداخلية والمجلس التشريعي القومي المحتكر للحزب الحاكم لم يشاركا في إجازة قرارات الزيادة، وبذلك فإن القرارات لا تستند الى سلطة قانونية حتى من داخل مؤسسات النظام واستناداً إلى مشروعياته".
ورأى التحالف الذي يترأسه زعيم حركة "الإصلاح الآن" غازي صلاح الدين، "أن الحوار ما طرح إلا ليكون جسراً تعبر على ظهره قرارات الزيادة".
وأشار إلى الحل يتمثل في وقف الحرب، لجهة إنها صاحبة أكبر تكلفة على الخزينة، وإحكام الرقابة على المال العام ووقف طرق إهداره عن طريق الفساد وسوء الإدارة وإصلاح علاقات السودان الخارجية وتشجيع الاستثمار وتشجيع المبادرات الاقتصادية وتطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية بحيث يتحول الاقتصاد الى اقتصاد إنتاجي حقيقي.
وطالب التحالف المعارض بمراجعة الإنفاق السيادي المركزي، والإنفاق السياسي في الولايات وتخفيضه إلى ما هو ضروري فقط. وإيقاف أي إنفاق استقطابي تمييزي للحزب الحاكم والأحزاب الموالية له من المال العام.
واضاف "سيتواصل التحالف بقوة مع كل القوى والفاعليات السياسية والاجتماعية وسينسق معها في كل تحركاته ومبادراته لوقف القرار، وفي هذا الصدد سينشئ آليات عملية لتسيير عمله وتنسيقه مع الحلفاء، كما سيقيم أنظمة وآليات شبيهة في الولايات".
وجرى تدشين تحالف قوى المستقبل، في فبراير 2016، ويضم 41 حزباً تمثل: "تحالف القوى الوطنية" و"القوى الوطنية للتغيير ـ قوت" و"أحزاب الوحدة الوطنية"، قبل أن يخرج منه بعد فترة قصيرة "تحالف القوى الوطنية" بقيادة مصطفى محمود ويلتحق بالحوار الوطني، كما أنشقت أحزاب أخرى من التحالف بقيادة الطيب مصطفى، ولحقت بالحوار.