أعلنت الجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي (أوغادين) عقد أول مؤتمر لها منذ 1995 بمدينة عدادلي في محافظة جودي الواقعة بهذا الإقليم.
والمؤتمر الذي يستمر عشرة أيام، كان مقررا تنظيمه نهاية الشهر الماضي، لكن رئيس مجلس شورى الجبهة شيخ أحمد عبد الناصر الموصوف بأنه "مهندس المفاوضات" أعلن تأجيله لأسباب أهمها الرماد البركاني الذي أعاق الملاحة الجوية في شمال أوروبا، وطلباتُ المشاركين، وازدحام الملاحة الجوية المحلية.
وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن عدد المشاركين يفوق 1500 من أوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج وجنوب أفريقيا وكينيا وجمهورية الصومال، يمثلون مختلف فئات الصوماليين في أوغادين من علماء ومثقفين وشيوخ عشائر وسياسيين ورجال أعمال.
ووصل رئيس الجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي شيخ إبراهيم محمد حسين إلى جودي قادما من الكويت جوا وسط استقبال رسمي وشعبي، وتحت حراسة القوات الإثيوبية ومقاتليه.
أجندة المؤتمر
وقالت الجبهة في بيان إنها تشرك كافة فئات الشعب في تقرير مصير الإقليم، وبحث رؤية مشتركة حيال هدنة وقعتها الجبهة مع إثيوبيا، وفتح مزيد من النقاش حول الوضع النهائي للمفاوضات، إضافة إلى مستقبل سلاح الجبهة وعلاقتها بإثيوبيا ومصير الأسرى، والمشاكل الإنسانية المتراكمة في الإقليم.
وكشف مسؤول بارز في الجبهة استعدادها لإلقاء السلاح وتسليمه إلى إثيوبيا، والتخلي عن خيار المقاومة المسلحة، واستخدام الوسائل السلمية لتحقيق أهدافها.
ووفق مصادر مطلعة لقيت اتفاقية الهدنة تأييدا شعبيا في الداخل والشتات.
مأساة أوغادين
واستخدمت إثيوبيا -وفق روايات هيئات حقوق الإنسان الدولية والأمم المتحدة، وشهود عيان- أساليب متنوعة ضد سكان أوغادين تتراوح بين حرق قرى بأكملها والقتل شنقا أو رميا بالرصاص والتعذيب والاعتقالات العشوائية في صفوف المدنيين، إلى تسميم الآبار والتجنيد الإجباري والاغتصاب الجماعي ومنع هيئات الإغاثة الدولية من تقديم المساعدات لسكان القرى النائية.
ويقول محمد حسن (30 عاما) وهو لاجئ في كينيا للجزيرة نت "شاهدت مقتل أربعة من شبان المدينة بالفأس بطريقة وحشية بمدينة طكهبور على أيدي القوات الإثيوبية. إنه عمل بربري وحشي لا علاقة له بالإنسانية".
وأضاف "شاهدت في 2009 مقتل خمسة من كبار السن تتراوح أعمارهم بين 80 و90 عاما".
وبداية شهر أبريل/نيسان الماضي توفي 30 معتقلا في أحد سجون مدينة جكجكا عاصمة الإقليم بمرض الكوليرا بسبب إهمال السلطات الرسمية، ومنعها الهيئات الإنسانية من تقديم المساعدات الطبية لإنقاذهم.
استسلام
ومن جانبه وصف رئيس الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين الأميرال محمد عمر عثمان الهدنة بين إثيوبيا والجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي بأنها استسلام.
ونفى وجود اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين تنظيمه وإثيوبيا، وقال "كان آخر الاتصالات بيننا في 1998"، لكنه أكد استعداده لمفاوضة إثيوبيا بوجود طرف ثالث وفي بلد محايد ودون شروط مسبقة، وتعهد في الوقت نفسه بمواصلة قتال هذا البلد الذي وصفه بأنه قوة محتلة تجب محاربتها.
لا ضمانات
ويرى مراقبون ومحللون أن إثيوبيا حققت مكاسب إستراتيجية سياسية بإقناعها الجبهة المتحدة (الاتحاد الإسلامي سابقا) بقبول مبدأ التفاوض في إطار دستورها والتخلي عن خيار المقاومة المسلحة، مقابل السماح لها بممارسة نشاطها الدعوي السلمي والعيش بسلام في الإقليم.
وتحدثت قيادات في الجبهة للجزيرة نت عن رغبة حقيقية لدى إثيوبيا في تنفيذ الاتفاق، وبدء صفحة جديدة في علاقتها مع الإقليم، لكن متابعين للقضية يرون أن أديس أبابا لن تلتزم بما سيتفق عليه في الجولات القادمة لأسباب جوهرية، أهمها غياب طرف ثالث ورفض أكبر فصيل مسلح للهدنة الموقعة.