رأى صحفيون وحقوقيون أن قطاع الإعلام في تونس يعيش وضعا مأساويا، بينما تنفي الحكومة أن تكون هناك أي رقابة على الإعلام وتؤكد دعمها لصحافة الرأي.
ومنح اتحاد الصحفيين العرب، يوم 28 أبريل/نيسان الماضي، الرئيس التونسي زين العابدين بن علي درع الصحافة بدعوى أنه ساهم في النهوض بالقطاع، لكن إعلاميين وحقوقيين اعتبروا هذه الخطوة استفزازا للصحفيين.
وقال بن علي في خطاب ألقاه يوم الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة إن تونس "ليست فيها ممنوعات أو محظورات، ولا رقيب على الإعلام إلا رقابة الضمير واحترام القانون وأخلاقيات المهنة".
وفي المقابل, يقول نقيب الصحفيين المعزول ناجي البغوري للجزيرة نت إن الحريات الصحفية بتونس شهدت عام 2009 أسوأ فتراتها، معتبرا أنّ حرية التعبير تواجه قيودا كبيرة لا يستقيم معها تكريم أي مسؤول حكومي.
واشتكى سابقا البغوري من ملاحقته والاعتداء عليه ومنعه من المشاركة في ندوات، واتّهم السلطة بالانقلاب على نقابة الصحفيين التي كان يرأسها وتنصيب مكتب جديد موال لها.
كما رأت المحامية المعارضة راضية النصراوي أن "الرئيس التونسي لا يستحق هذا التكريم", وقالت إنه "سعى إلى الانقلاب على نقابة الصحفيين وملاحقة ومحاكمة عدد من الصحفيين".
وتساءلت "كيف يمكن تكريم بن علي في اليوم الذي يحاكم فيه مثلا الصحفي فاهم بوكدوس الذي يواجه السجن أربع سنوات لمجرد قيامه بتغطية إعلامية لأحداث الحوض المنجمي بقفصة؟".
وتضيف "سجل الحكومة سيئ فيما يتعلق بحرية الصحافة، وأنا أعتبر أن بن علي عدو للصحافة، وأحمله مسؤولية سجن توفيق بن بريك وزهير مخلوف والاعتداء على سليم بوخذير، وحجب عدة صحف رأي".
وقد حكم على الصحفييْن توفيق بن بريك وزهير مخلوف بستة أشهر وأربعة أشهر على التوالي في تهم حق عام وصفت بأنها ملفقة بسبب انتقادهما للحكومة، ثم أفرج عنهما بعد انتهاء مدّة عقوبتهما, فيما تنفي الحكومة الوقوف وراء محاكمتهما.
ويقول زهير مخلوف للجزيرة نت إنه على إثر خروجه من السجن تعرض لاعتداء من رجال الشرطة أصابه بأضرار مادية بسبب استمراره في القيام بنشاطه الصحفي، على حد قوله.
ومن جهة أخرى، يقول المحامي المعارض محمد عبو إن "علاقة السلطة بالصحافة هي علاقة عدائية، وأظن أن السلطة ستمضي في سياسة تضييق الخناق على الصحفيين لأنها تعتقد أنه سيكون هناك مفعول ردعي". وأضاف "هناك خطاب جميل للحكومة يوحي بأن هناك تعددية في المشهد الإعلامي، لكن الواقع يثبت أن وضع حرية الصحافة مأساوي".
ومن جانبه، أكد رئيس رابطة الكتاب الأحرار جلول عزونة -وهي جمعية غير مرخص لها- أن حرية التعبير بتونس لا تزال تعيش تحت وطأة الرقابة المشددة من قبل السلطة. وقال للجزيرة نت إنه "رغم أن الرئيس أعلن رفع الرقابة عن الكتب عام 2007 وسمح بنشر قرابة 50 كتابا كان محظورا، فإن هناك قائمة تتكون من خمسة كتب على الأقل لا تزال ممنوعة".
ويرى أن "النظام في جوهره غير ديمقراطي ويخشى من الكلمة الحرة", مشيرا إلى أن القيود المفروضة على حرية الصحافة والنشر والإنترنت تعد "مرآة عاكسة لتردي المناخ السياسي العام بالبلاد".
وانتقد الصحفيون والحقوقيون "التضييق على مستخدمي الإنترنت", ويقول الإعلامي رشيد خشانة إن حرية الإنترنت "تشكو من الرقابة والحجب", مشيرا إلى أنه يجري في كثير من الحالات تدمير الرسائل الإلكترونية وقرصنة المواقع التي تخالف المنهج السياسي للحكومة.
كما يشتكي رواد الإنترنت من رقابة حكومية على بياناتهم الشخصية داخل محلات الإنترنت.