تونس

Open in new window حذر البرلماني التونسي الجيلاني الهمامي من مخاطر وتداعيات استمرار حالة التوتر الاجتماعي التي تُخيم على عدد كبير من المدن التونسية، على الأمن والاستقرار بالنظر إلى جملة الصعوبات التي تحول دون تحقيق التنمية، والتحديات الأمنية، وخاصة منها ظاهرة الإرهاب التي مازالت تقض المضاجع وتُشيع قلقا متصاعدا في البلاد.

وتأتي تحذيرات الهمامي في الوقت الذي تجتاح فيه موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة شملت خمس محافظات تونسية، وذلك عشية الذكرى السادسة للاحتجاجات الشعبية الواسعة التي انتهت بسقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير من العام 2011.

وقال الهمامي لـ"العرب"، إن هذه الاحتجاجات التي تعصف بعدة مناطق في جنوب ووسط وغرب البلاد، "كانت متوقعة، وقد حذرنا من خطورة اتساع رقعتها، ذلك أن الأوضاع في تلك المناطق بائسة جدا". وحمّل في هذا السياق منظومات الحكم التي تعاقبت على البلاد منذ العام 2011، وإلى غاية الآن، مسؤولية تردي تلك الأوضاع وتدهورها، وقال إن الشعب التونسي الذي "ثار قبل ست سنوات، كانت له مطالب معروفة وواضحة، ولكن للأسف لم يتم تحقيق تلك المطالب، أو حتى البدء في معالجة البعض منها".

وتابع قائلا لـ"العرب"، إنه وفي مقارنة بسيطة بين الأوضاع الراهنة في تلك الجهات، والأوضاع التي كانت سائدة قبل العام 2011، "سنجد أن الأمور لم تتغير، بل إنها تراجعت كثيرا عما كانت عليه من قبل، حتى أصبحنا أمام وضع اجتماعي تعيس، ووضع سياسي أكثر ضبابية وغموض ومخيف ووضع أمني خطير". وأعرب في المقابل عن خشيته من أن تكون هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات "مُجرد مقدمة لحريق أوسع وأكبر" ذلك لأن "البلاد تلتهب، وهناك الآن ست محافظات تحترق، وتُنذر بالأسوأ في قادم الأيام".

ووصف في هذا السياق ردود فعل الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد إزاء هذه التطورات، بأنها "باهتة وباردة"، قبل أن يستدرك قائلا "ردود الفعل هذه لا تعكس عدم مبالاة، وإنما تعكس عجزا عن معالجة الوضع لأن الحكومة الحالية غير قادرة على تقديم أي شيء لأبناء تلك الجهات المُهمشة والمحرومة".

وتتالت خلال اليومين الماضيين الانتقادات الموجهة إلى حكومة يوسف الشاهد بسبب البطء الذي اتسمت به تحركاتها لاحتواء هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات الاجتماعية التي تم خلالها تنفيذ إضرابات عامة، وقطع الطرق، وإضرام النار في العجلات المطاطية، وذلك في سياق المطالبة بالتنمية، وبتحسين الظروف المعيشية. وبدت هذه الحكومة كأنها تتجاهل تلك الاحتجاجات عندما بدأت قبل نحو أسبوع في مدينة المكناسي من محافظة سيدي بوزيد (وسط)، ولم تتخذ الإجراءات والقرارات القادرة على امتصاص الغضب الذي تصاعد، وتراكمت مفاعيله، حتى اتسعت دائرة تلك الاحتجاجات لتشمل مدينة سيدي بوزيد.

ورغم أن كل المؤشرات كانت تدل على أن حجم الاحتقان في تلك المحافظة والذي تراكم طيلة السنوات الست الماضية، قد ينفجر في مظاهرات واحتجاجات عنيفة، يرى مراقبون أن التعامل الحكومي الرسمي معه، وكذلك أيضا الأحزاب السياسية التي تخلت عن دورها في مثل هذه الحالات، لم يرتق إلى مستوى خيبة الأمل والإحباط الذي يشعر به المواطنون، وتعاملت معه بنوع من التجاهل، الأمر الذي تسبب في تدحرج كرة الاحتجاجات لتشمل محافظات أخرى، منها القصرين وجندوبة، والكاف، وسليانة، وكذلك أيضا مدينة بنقردان من محافظة مدنين، التي شهدت مظاهرات عنيفة لم تتوقف مفاعيلها بعد.

وساهم سعي السلطات الرسمية إلى التعامل أمنيا مع تلك الاحتجاجات من خلال استنفار وحدات مكافحة الشغب التي استخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع، وغيرها من الوسائل الأخرى، للسيطرة على الوضع في مدينة بنقردان وغيرها من المدن، في تأجيج الوضع العام. وأمام هذه التطورات التي أخذت منحى تصاعديا بدخول المنظمات النقابية الجهوية على خط تلك الاحتجاجات من خلال تنفيذ إضرابات عامة محلية، خرج رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن الصمت ليقول الخميس، إن الاحتجاجات بمدينة بنقردان "تبقى مشروعة طالما أنها تطالب بالتنمية والتشغيل".

ولم يُخفف هذا التصريح من حدة التوتر، بل تسبب في تزايد الانتقادات والاتهامات الموجهة إلى الحكومة، باعتبار أن الجميع يعرف أن سبب تلك الاحتجاجات هو المطالبة بالتنمية والتشغيل وتحسين ظروف العيش، والمحيط الاجتماعي، وتفعيل برنامج التنمية القادرة على امتصاص البطالة التي استشرت في جنوب ووسط وغرب البلاد.

وعلى وقع هذه التطورات، يُرجح المراقبون أن يتصاعد التوتر في أنحاء عديدة من البلاد خلال الأيام القليلة القادمة بسبب عدم قدرة الدولة على الوفاء بوعودها التنموية والتشغيلية، وذلك عشية احتفال تونس بالذكرى السادسة لـ"الثورة" التي انطلقت باحتجاجات مماثلة في 17 ديسمبر 2010. لقد رفع المشاركون في تلك الاحتجاجات التي انتهت بسقوط نظام بن علي في 14 يناير 2011، شعارات تُطالب بالحرية والكرامة والحق في العيش الكريم، وهي نفس الشعارات التي عادت اليوم، وبعد 6 سنوات لتُرفع من جديد، وبأكثر حدة، نتيجة فشل الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد في الوفاء بوعودها، وإيجاد الحلول المناسبة لدفع التنمية، بما تتماشى مع تطلعات الشعب الذي بدأت آماله وتفاؤله بمستقبل أفضل يتبددان.


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو