مهزلة خطيرة شهدتها ساحة البرلمان المصري "مجلس الشعب"، بعدما انفلتت أعصاب الأعضاء وأخذوا يشنون هجومهم العنيف ضد الأداء الفاشل للحكومة، وذلك بعد أن فقد أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني سيطرته علي نوابه بسبب انشغاله في عرض مشروع خاص به أمام لجنة الاقتراحات والشكاوي.
وقد استغل بعض النواب هذه الفرصة في شن هجوم حاد علي الحكومة أمام اللجنة الاقتصادية، التي فتحت ملف ارتفاع أسعار اللحوم، حيث بادر العضو أبو الحسن الجزار، نائب قنا، باتهام الحكومة بأنها جعلت المواطنين يأكلون لحوم الحمير والكلاب والفئران، أشار الجزار وهو يرفع عمامته إلي مسئولي الحكومة عن ضياع البلد وخراب بيوت الناس.
وكشف النائب فاروق بهجت عن وجود علاقة نسب بين مسئولين حكوميين ومستوردي اللحوم، والتي أدت إلي استيراد لحوم فاسدة. وقال: "الأخطر من ذلك أن اللجان التي ترسلها الحكومة للخارج لمعاينة اللحوم والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي لا تري ولا تسمع ولا تتكلم، كاشفا استضافة هذه اللجان في الفنادق علي حساب المستوردين.
ومن المعروف أن معدلات التوتر ارتفعت حدتها بشكل ملحوظ داخل أروقة البرلمان المصري بعد أن وجد النواب أنفسهم عاجزين عن عمل أي شيء لأبناء دوائرهم الذين منحوهم أصواتهم وثقتهم لعلهم يعدلون الحال المائل، لكن مع توالي الأزمات من فقر وبطالة وتدني أجور في مقابل ارتفاع جنوني في الأسعار حتى وصل كيلو اللحم إلى 80 جنيها ببعض المناطق.
وقد تزامن مع هذه الأحداث كلها ضبط رؤوس حمير وكلاب بكميات كبيرة ملقاة في الشوارع ولم يعرف مصيرها أو مصدرها كما تزامن معها ضبط لحوم مستوردة مليئة بالديدان، مما يعطي انطباعات خطيرة حول حجم الكارثة المحدقة بالبلاد، كل هذا وغيره كثيرا أدى إلى مثل هذه الحالة التي يمكن تسميتها ثورة النواب أنفسهم.
فمنذ أيام انطلقت مسيرات قادها وشارك فيه البرلمانيون أنفسهم ضد الحكومة، ضاربين بقرارات وزارة الداخلية التي رفضت تنظيم هذه المظاهرات عرض الحائط، فلم يجد النواب إلا أن يشاركوا الشعب همومه واعتراضاته على هذا النحو الفريد الذي ربما لا نجد له مثيلا في أي بلد سوى مصر.
فالمستقر عليه أن النواب هم رمز وممثلين للشعب والمفترض أنهم يملكون التغيير للأفضل، لكن وعلى ما يبدو فإن هذه النظير ثبت فشلها تماما، خصوصا مع ارتفاع وتيرة الأحداث التي يجد النواب أنفسهم أمام حالة عجز مطبق وبالتالي فمن المستحيل أن تدوم حالة السلبية والانسحاب لديهم.