بعد 33 سنة من مغادرته منظمة الوحدة الإفريقية، عاد المغرب إلى أحضان أسرته الإفريقية، بعد قبول طلب انضمامه للاتحاد في القمة 28 المنظمة بأديس أبابا، من طرف 39 دولة إفريقية، بينها الجزائر، التي صوتت لصالح المملكة، وفقا تصريحات مسؤوليها.
وصرح وزير الشؤون الإفريقية الجزائري، عبد القادر مساهل، لوكالة الأنباء المحلية، بخصوص انضمام المغرب، إنه سبق الإشارة إلى موقف الجزائر و"قلنا بأننا لا نعارض انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي و أعربنا عن ذلك خطيا من خلال الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية لرئيسة مفوضية الاتحاد عندما طرحت عليه هذه المسألة". وفي السياق ذاته، كان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أكد، في حوار مع إذاعة فرنسا، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رحب بالمغرب كونه الدولة 55 في الاتحاد، وأعطى أوامر بتبليغ قرار موافقة الجزائر لانضمام المغرب، لرئيسة المفوضية الإفريقية. وقبل سبعة أشهر، أعلنت المملكة المغربية عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، بعد أن غادرت منظمة الوحدة الإفريقية، عام 1984- التي تأسس على أنقاضها الاتحاد الإفريقي- اثر احتجاجها على موقف المنظمة الإقليمية من مسألة الصحراء الغربية.
ورغم أن جدول أعمال القمة المنعقدة بأديس أبابا، تضمن عدة محاور كالمأزق السياسي في جنوب السودان، والفوضى في ليبيا ومالي والصومال ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، غير أن مسألة انضمام المغرب هيمنت على القمة، فبعد مصادقة الدول الأعضاء، ألقى الملك محمد السادس خطابا مطمئنا بأنه لا يسعى إلى التفرقة. وشدّ موقف الجزائر المرحب بانضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، انتباه الكثير من المتابعين، بين من اعتبره انتصارا للموقف الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو واعترافا ضمنيا بالجمهورية التي تعلنها هذه الجبهة، وبين من يراه تحولا في موقفها، أما البعض الآخر ينظر إليه على أنه بداية مرحلة جديدة من التنافس. ويقدر الدكتور الجزائري يوسف ين يزة في تصريح لـ CNN بالعربية، أن الترحيب الجزائري جاء في سياق "ترسيخ المقاربة الجزائرية لحل مشكلة الصحراء الغربية"، مبررا كلامه قائلا "الالتزام بلوائح الاتحاد من طرف المغرب يعني ضمنيا التخلي عن مطالبها بخروج الصحراء الغربية من الاتحاد وهذا نوع من الاعتراف الضمني بها كدولة".
ويندرج موقف الجزائر، بحسب بن بزة، ضمن سعيها لتقوية المنظمة ونشر الانسجام بين أعضائها وتوظيف مبادئها وآلياتها لـ"صون حقوق الشعوب الإفريقية في تقرير مصيرها"، ،هذا ما يعني حسبه، أن "القضية الصحراوية تكون قد ضمنت فضاء إقليميا يدعم مساعي الأمم المتحدة لحلها". وضمن الرأي نفسه، سار الباحث الجزائري سيد احمد أبصير، الذي ركّز على مسألة أن الجزائر تنظر إلى عودة المغرب من منطلق معرفي مبني على معرفة الدول الإفريقية، التي تقف إلى جنب المغرب وهو ما سيُمكّن للجزائر من إعطاء تعريف نهائي للدول الإفريقية الداعمة للطرح المغربي. ويرى أبصير، أن الجزائر ربحت فكرة الشرعية الإفريقية، على اعتبار أن خروج أي عضو مستقبلا سيتحمل تبعات قراره و العودة إلى الاتحاد مجددا لن يكون سهلا، معتبرا أن موقف الجزائر يحمل رسالة إلى فرنسا عبر المغرب، على أنه لا يمكن تجاوز الجزائر فيما يخص اللعبة المصغرة في إفريقيا.
أما من وجهة نظر الباحث المغربي عبد الإله السطي، الذي بدا متفائلا، اعتبر موقف الجزائر خطوة متقدمة في العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائري، داعيا إلى ترجمتها على أرض الواقع عبر المساهمة الفعلية للجزائر في تسليك طريق عودة المغرب لعمقه الإفريقي. وأضاف السطي، في تصريح لـ CNN بالعربية، أنه بحساب عقلاني يمكن الإقرار أن شراكة المغرب والجزائر من خلال الاتحاد الأفريقي قد يكون لها تبعات جد إيجابية على مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين، أكثر مما هي عليه الحال الآن. وتتطابق مواقف الدول الأعضاء حيال العديد من القضايا المطروحة في القمم الإفريقية السابقة، بخاصة حول الملفات الإقليمية والدولية المتعلقة، بيد أنه يُتوقع أن تشهد المناقشات القادمة انقسامات بين الدول الأعضاء، بعد انضمام المغرب، خاصة فيما يتعلق بنزاع الصحراء. ويتوقع السطي من عودة المغرب لشغل مقعده الإفريقي بأن يميط اللثام على مجموعة من المبادرات المغربية الرامية لحل الملف بشكل نهائي، وإشراك حلفائه الأفارقة في دعم مواقفه حول القضايا والتحديات الاستراتيجية التي تعرفها القارة الإفريقية برمتها.