يعيش حزب الاستقلال وضعا ينذر بأزمة داخل الحزب تلوح في الأفق، وذلك بعدما قررت اللجنة الوطنية للتأديب داخل حزب الاستقلال، الخميس، توقيف كل من كريم غلاب وتوفيق احجيرة وياسمينة بادو وهم أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب لمدة 18 شهرا، بعد تمردهم على قرارات الأمين العام للحزب، حميد شباط، والتوقيع على البلاغ الذي دعا شباط إلى تقديم استقالته عقب تصريحاته المثيرة للجدل حول موريتانيا.
وجاء في البلاغ الذي أصدره حزب الاستقلال أن “اللجنة قررت بإجماع أعضائها الحاضرين، مؤاخذة أحجيرة وبادو وغلاب بارتكابهم مخالفة قوانين الحزب والإضرار بمصالح الحزب، وعدم الانضباط لمقرراته، ومعاقبتهم تأديبيا بالحكم عليهم بالتوقيف من ممارسة مهامهم وأنشطتهم الحزبية محليا ووطنيا لمدة ثمانية عشر شهرا مع كل ما يترتب عن ذلك من أثر قانوني، وذلك ابتداء من تاريخ صدور هذا القرار”. وكان أعضاء اللجنة التنفيذية المحالون على اللجنة، بناء على قرار الإحالة الموقع من لدن الأمين العام شباط، تبعا لتوصية المجلس الوطني المنعقد في دورة استثنائية يوم 31 ديسمبر 2016، قد رفضوا المثول أمام لجنة التأديب والتحكيم، مكتفين بإرسال مذكرات.
وقد شهدت جلسة التحكيم الأخيرة انسحاب رئيسها أحمد القادري، الذي برر ذلك بكونه سيكون محرجا بسبب ورود اسمه ضمن وثائق ملفات الإحالة. واعتبر مراقبون أن قرار إبعاد كل من أحجيرة وغلاب وبادو عن ممارسة نشاطاتهم لمدة 18 شهرا يراد به منعهم من الترشح للأمانة العامة لحزب الاستقلال خلال المؤتمر السابع عشر المقرر إجراؤه أيام 24 و 25و 26 من شهر مارس المقبل. وهو الأمر الذي أكده أحجيرة في رد له على قرار اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب بحزب الاستقلال، في اتصال مع “العرب”، حيث قال “إن هذا القرار هو قرار ‘شباطي’ بامتياز حيث أعلن عنه قبل أسبوع في إحدى تصريحاته الإعلامية. وهو مناورة من الأمين العام للحزب، و يراد منها فقط إبعادي وإبعاد غلاب من الترشح للأمانة العامة لحزب الاستقلال خلال المؤتمر المقبل”. واعتبر أحجيرة، أن هذا القرار، ما هو إلا حلقة عادية ضمن مسلسل القرارات الطائشة التي عرفها الحزب منذ المؤتمر 16 والتي لم تفلح مؤسسات الحزب في تقويمه
وفي السياق ذاته نبه أحجيرة إلى ما وصل إليه الحزب، بسبب تصريحات شباط التي وصفها باللامسؤولة، والتي تسببت في إقحام الحزب في صراع مع الدولة. داعيا في الوقت ذاته، جميع الاستقلاليين إلى اتخاذ موقف من قيادة الحزب التي عملت منذ توليها الأمانة العامة على إفلاس وتخريب حزب الاستقلال. من جهتها، أكدت عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، القيادية ياسمينة بادو، في تصريحات صحافية، أن هذا القرار ينضاف إلى القرارات التي اتخذها شباط، والتي تسعى إلى ممارسة الإرهاب والتحكم داخل الحزب. وقالت “إذا أردنا عدّ القرارات التي اتخذها شباط في حق قياديي الحزب منذ توليه الأمانة العامة، سنجدد أعدادا لا تحصى من القرارات طالت حتى قيادات تاريخية للحزب”. واصفة قرار اللجنة الوطنية للتحكيم بـ”المهزلة والمسرحية التي تنضاف إلى الانزلاقات التي صدرت عن الأمين العام للحزب، شباط منذ توليه قيادة الحزب”. يشار إلى أن الزعيمين التاريخيين لحزب “الميزان” عباس الفاسي وامحمد بوستة، كانا قد وقعا إلى جانب 40 استقلاليا بيانا انتقدوا فيه شباط بسبب تصريحاته بخصوص موريتانيا والتي تسببت في أزمة بين الرباط ونواكشوط، وطريقة تسييره للحزب، وطالبوه بالاستقالة، بعدما اعتبروه غير مؤهل. وهو ما دفع بحزب الاستقلال، إلى عقد مجلس وطني استثنائي، في الـ31 من ديسمبر 2016، أعلن فيه شباط تفويض بعض صلاحياته للجنة مؤقتة إلى حين انعقاد المؤتمر. هذا ويذكر أن الظهور الإعلامي لشباط في الآونة الأخيرة أثار الكثير من الجدل، من خلال التصريحات التي أدلى بها شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، وآخرها الإعلان عن استعداده للتبرع بأعضائه سواء توفّي بشكل طبيعي أو بغير ذلك، وبأنه مهدّد بالاغتيال من جهات داخل الدولة العميقة. وردا على ذلك، اعتبرت وزارة الداخلية في بيان لها، أن تصرفات شباط غير مسؤولة تحركها دوافع سياسية غامضة يراد منها إثارة مزاعم لا غير.