بعد أسبوع ساخن، وقبضة حديدية، عادت المياه إلى مجاريها، الأحد، بين الحكومة وشريكيها الاقتصادي والاجتماعي، واتفقوا بخصوص زمان ومكان لقاء الثلاثية القادمة التي اختيرت لها ولاية غرداية مكانا، و23 سبتمبر القادم تاريخا، في وقت حدد الوزير الأول نهاية شهر أوت أجلا لاستلام مقترحات شركاء الحكومة للفصل في جدول أعمال الدورة 21 للثلاثية.
لبى كل من رئيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد، ورئيس منتدى رجال الأعمال علي حداد، وبقية المنظمات دعوة الوزير الأول عبد المجيد تبون، وكان الجميع في الموعد لعقد اللقاء التشاوري الذي فضلت الوزارة الأولى جعله بعيدا عن أعين الصحافة الخاصة، وإن كان الإعلام العمومي غاب عن جلسة العمل التي كانت مغلقة، ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية رسائل الوزير الأول التي جاء بعضها صريحا والآخر مشفرا، وغلب عليها الطابع التطميني ليس في اتجاه الشركاء، بقدر ما كانت في اتجاه المواطن والجبهة الاجتماعية، حيث أكد أن الدخول الاجتماعي المقبل سيكون "هادئا ومن دون مشاكل"، خلافا لما يروج له البعض بمحاولة تشويه صورة الجزائر واستغلال ورقة وضعيتها المالية.
وطمأن، تبون في لقائه مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين الممثلين في الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل تحضيرا للاجتماع المقبل للثلاثية، الجزائريين قائلا "عكس ما يقول البعض، فإن الدخول الاجتماعي القادم سيكون هادئا ومن دون مشاكل"، مضيفا أن هناك أشخاصا يسعون إلى "تسويد" الوضع للمواطن الجزائري وجعله يعيش "قلقا وهميا".
وفي سياق رسائل التطمين بخصوص الوضع المالي للبلاد، أشهر تبون ورقة الاستدانة الخارجية التي سبق للرئيس أن وضعها خلال أول لقاء له مع حكومة عبد المجيد تبون، في خانة الممنوع من الاستخدام، حيث قال في هذا الشأن إن الجزائر "لم تقدم إلى حد الآن أي طلب استدانة من أي طرف كان"، مبرزا أن المشاريع التنموية التي باشرتها "متواصلة"، لاسيما في قطاعات التربية والتعليم والصحة، وأن الدولة "لن تتراجع عن سياستها الاجتماعية".
وأبرز تبون أهمية الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالنسبة للحكومة، مثمنا في نفس السياق الدور الذي يلعبه الاتحاد العام للعمال الجزائريين في الحفاظ على الاستقرار في عالم الشغل وكذا الجهود التي تبذلها المؤسسات الخاصة منها والعمومية في التنمية الاقتصادية ودورها في خلق الثروة الحقيقية وبناء اقتصاد قوي خارج المحروقات.
وبعد أن أشار إلى أن بناء اقتصاد قوي ومتين مرتبط أساسا بعامل "الاستقرار"، أكد الوزير الأول أنه رغم تراجع مداخيل الدولة جراء انهيار أسعار المحروقات، فإن الاقتصاد الوطني بقي صامدا، مؤكدا أن الجزائر ستحافظ على سيادتها "مهما كانت الظروف"، ودعا تبون بالمناسبة إلى استغلال الطاقات المحلية والإمكانيات الموجودة "بمنطق الروح الوطنية العالية" لتخطي الأزمة.
تبون الذي وجه رسائل تطمين إلى الجميع ،ألزم الشركاء الاقتصاديين بتقديم مقترحاتهم وتصورهم لجدول أعمال لقاء 23 سبتمبر القادم، الذي سيتزامن مع إنهاء الحكومة عملية ضبط مشروع قانون المالية للسنة القادمة، الذي سيأتي محملا بما لا يدع مجالا للشك بسلسلة من التدابير سواء في الجانب الميزانياتي أو في الشق التشريعي الذي يعد طوق نجاة وهامشها للتحرك لإيجاد موارد مالية جديدة، وتوسيع وعاء الجباية العادية، وجعلها في مستوى تعويض الجباية النفطية المتأثرة بتراجع أسعار النفط، التي فرضت على وزارة المالية التفكير في مراجعة السعر المرجعي لبرميل البترول المعتمد في الميزانيات السابقة في اتجاه الأسفل.
عملية تلطيف الأجواء التي لجأ إليها الوزير الأول، ستوفر له المناخ المواتي لمناقشة تدابير مشروع قانون المالية بأريحية، حتى ولو تضمن بعض التدابير "غير الشعبية".