تراجع تصنيف تونس على مؤشر بازل لهذا العام في مكافحة ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، دفع اقتصاديين تونسيين إلى إلقاء اللوم على حكومة الترويكا التي قادتها حركة النهضة، حيث «أغرقت البلاد في حالة من الفوضى الاقتصادية، أدت إلى الدخول في نفق من الأزمات المتتالية».
وفي محاولة لتدارك ذلك الأمر، أعلن البنك المركزي التونسي أول أمس السبت، أنه يعمل على وضع مخطط يهدف إلى التقليص من المخاطر، التي تسببها ظاهرة غسيل الأموال في البلاد وتؤدي إلى خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويًا، في خطوة اعتبرها المراقبون متأخرة، بحسب صحيفة «العرب» اللندنية.
وقال البنك المركزي إنه نشر تقييمًا لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تنفيذًا للتوصية الأولى لمجموعة العمل المالي (إف آي تي إف)، لكنه لم يذكر بالتفصيل عن مضمون الاستراتيجية.
وتتولى مجموعة العمل المالي، وهي هيئة حكومية دولية مهمة دراسة التقنيات واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحتها محليًا ودوليًا.
وأضاف البنك أن «منظمات غير حكومية أخرى مثل اعرف بلدك تنشر بدورها مؤشرات أو تصنيفات في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وفق منهجيات مختلفة، لكن لا يمكن اعتمادها بشكل رسمي».
جاء بيان البنك بعد تقرير صادر عن معهد بازل للحوكمة لسنة 2017 حيث وضع المؤشر تونس في المرتبة الخامسة عربيًا بعد لبنان والسودان واليمن والمغرب و59 عالميًا من بين 146 دولة، استنادًا إلى جودة قوانين الدولة المعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
واحتلت تونس العام الماضي المركز 129 على مؤشر بازل للحوكمة، أي أنها تراجعت 70 مركزًا هذا العام، مما يزيد الضغوط على الحكومة التي تكابد في كل الاتجاهات لإخراج البلاد من أزمتها.
وانتقد المركزي التونسي التصنيف الذي يعطي نظرة سلبية لما تقوم به السلطات. وقال إن «بازل 3 لم يقم بأي تصنيف للبلدان وفق مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
ويقول البنك إن اتفاقات بازل 1 وبازل 2 وبازل 3، ليست سوى قواعد تصرف حذر ترمي إلى ضمان حد أدنى من رؤوس الأموال الذاتية بهدف ضمان الصلابة المالية للبنوك. وأشاروا إلى أن التصنيف الذي تشير إليه المعلومات المتداولة يتعلق أساسًا بتصنيف وضعه معهد حوكمة بازل، الذي يعد منظمة غير حكومية متمركزة ببازل السويسرية، لكن لا علاقة له إطلاقًا مع اتفاقات بازل.
وقال مسؤولون حكوميون ومختصون في القطاع المالي والمصرفي في تونس في تصريحات لصحيفة «العرب اللندنية»، إن من أبرز وأهم أسباب انتشار ظاهرة غسيل الأموال بالبلاد حالات الفوضى السياسية والفوضى الاقتصادية والإدارية التي أعقبت إطاحة نظام بن علي.
وأشاروا إلى أن استغلال الشبكات المحلية والدولية لأموال قذرة في عمليات مالية مشبوهة قد يفاقم أزمات البلاد الاقتصادية والمالية إذا لم يتم التصدي لها بحزم.
وقام خبراء في مجال مكافحة الجرائم المالية طيلة ثلاث سنوات بتحليل لأكثر من 460 ملفًا يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ونحو ألفي حساب بنكي مشبوه والآلاف من العمليات البنكية من إيداع وسحب وتحويل فاقت قيمتها 10 مليارات دينار (نحو 4 مليارات دولار).
ويعتبر القطاع البنكي من القطاعات المعرضة لمخاطر مرتفعة في مجال غسل الأموال، مما يتطلب من البنوك دعم الموارد البشرية المكلفة بالمراقبة، علاوة على وضع برامج تدريبية متطورة ودعمها بالوسائل التكنولوجية والأنظمة التقنية المتطورة.