مع اقتراب الموعد المضروب لإعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قراره برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان من عدمه، بتاريخ الثاني عشر من أكتوبر/تشرين أول المقبل، تقاطعت تحركات الحكومة السودانية والمعارضة، وبدأ كل طرف في استخدام أدواته للتأثير على القرار الأميركي سلبًا أو إيجابًا.
وعمد ناشطون وكوادر تابعة لبعض قوى المعارضة في تنفيذ وقفة احتجاجية أمام الكونغرس الأميركي، رافعين لافتات تطالب بالإبقاء على العقوبات الأميركية المفروضة على السودان، كورقة ضغط لإلزام الحكومة في الخرطوم بتحقيق السلام وإطلاق الحريات، ودفعوا بمذكرة للكونغرس، حملت في طياتها بعض الممارسات السلبية للحكومة؛ من عمليات قتل وتشريد وانتهاك للحريات، وحثت المذكرة الكونغرس للضغط في اتجاه الإبقاء على العقوبات الاقتصادية.
واتهم الجيش السوداني، امس السبت، "الحركة الشعبية - قطاع الشمال" "جناح مالك عقار"، بمحاولة "تسخين الأجواء، وخلق معارك وهمية للتشويش على تحركات الحكومة السودانية لرفع العقوبات الأميركية، بادعائها مهاجمة الجيش مناطق سيطرتها في النيل الأزرق"، مؤكّداً التزامه الكامل بقرار وقف إطلاق النار في مناطق النزاعات بدارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وأكدت "الحركة الشعبية - جناح مالك عقار"، أن الجيش السوداني هاجم مناطق سيطرتها بولاية النيل الأزرق يومي الخميس والسبت، واعتبر أن في الخطوة "خرقًا واضحًا لإعلان وقف إطلاق النار".
وكان مجلس الوزراء السوداني مدد، في يوليو/تموز الفائت، قرارًا رئاسيًّا بوقف إطلاق النار في جميع مناطق النزاع، لثلاثة أشهر تنتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ووجهت الحركة الشعبية نداء للسودانيين في الولايات الأميركية لقطع الطريق أمام تحركات وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، الحالية في واشنطن، والخاصة برفع العقوبات، عبر تنفيذ سلسلة احتجاجات سلمية ضد الخطوة.
ودخل غندور في سلسلة لقاءات مع مسؤولين أميركيين، بينهم نائب وزير الخارجية، جون سوليفين، ومدير الوكالة الأميركية الدولية للتنمية، مارك قرين، فضلًا عن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، دونالد ياماموتو، والمبعوث الأميركي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان، بول ستيفين، وقد سيطرت على اللقاءات عملية تقييم المسارات الخمسة التي اتفق عليها البلدان كشرط لرفع العقوبات الاقتصادية عليها.
وبدأت الخرطوم، منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في المضي قدمًا في تنفيذ المسارات الخمسة التي وضعتها إدارة أوباما شرطًا لرفع العقوبات، وعمدت إلى تجميدها لستة أشهر انتهت في يوليو/تموز الفائت، على أن يعمل خلفه دونالد ترامب في التقرير النهائي بشأن رفعها أو الإبقاء عليها، على ضوء التزام الخرطوم بتنفيذ ما جاء في المسارات الخمسة، والتي من بينها تحقيق السلام الداخلي ووقف الحرب، والسماح للمنظمات الدولية بالوصول إلى المتضررين في مناطق النزاع في السودان دون قيود، فضلًا عن الكف عن التدخل في شؤون دولة جنوب السودان ودولة ليبيا، وأخيرًا إثارة إدارة ترامب ملف سجل حقوق الإنسان، وتعاون السودان مع كوريا الشمالية.
ووفقًا لمصادر متطابقة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن ملف تعاون الخرطوم مع كوريا الشمالية شكل هاجسًا أميركيًا. وأكدت المصادر ذاتها أن واشنطن أثارت الملف أكثر من مرة، وشددت على التزام سوداني واضح تجاه ذلك الملف، وذكرت أنها لفتت نظر الحكومة لأهمية سجلها في حقوق الإنسان والحريات الدينية لتشجيع الرئيس ترامب على اتخاذ قرار رفع العقوبات. وذكرت المصادر أيضًا أن الخرطوم أوصلت رسالة لواشطن بالعودة في العلاقات إلى نقطة الصفر في حال نكثت بوعودها بشأن رفع العقوبات، ووقف كافة أنواع التعاون معها على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيما في ملف مكافحة الإرهاب.
وبدأت الحكومة في تحركات دبلوماسية، فقد شهد مبنى الخارجية السودانية حركة دؤوبة لدبلوماسيين أجانب ومسؤولين في المنظمات الدولية العاملة في البلاد، عمدت الحكومة إلى لقائهم لحثهم على دعم موقفها، والضغط على الإدارة الأميركية لرفع العقوبات بشكل نهائي في أكتوبر المقبل.