طالبت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بأن تكون عملية الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور الصادرة من الهيئة، في 29 تموز/ يوليو الماضي، أول عملية ديمقراطية قادمة تقوم بها مفوضية الانتخابات، وفقا لما يقتضيه المسار التأسيسي، ثم تأتي من بعدها المراحل اللاحقة لها المتصلة ببناء السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأكدت الهيئة، في بيانها، على نسخة منه، على أن الاستفتاء على مشروع الدستور هو الخيارُ الشرعيُ الوحيدُ لبناءِ الدولةِ وإنهاءِ المراحلَ الانتقالية.
وأوضحت الهيئة أن الاستفتاء على مشروع الدستور هو المرحلة النهائية للمسار الدستوري الليبي، وهو آلية إنهاء الأجسام الانتقالية، وتأسيس الدولة الليبية الجديدة الجامعة لمواطنيها دون تمييز، وذلك من خلال وثيقة يُقرها الليبيون قائمة على وحدة البلاد، والتداول السلمي على السلطة، وضمان الحقوق والحريات، واستقلال القضاء، واللامركزية المدسترة.
وثمنت الهيئة الجهود التي تقومُ بها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من جهد لإنجازِ متطلباتِ نجاحِ أي عملية انتخابية، مؤكدة في الوقتِ ذاتِه على أن البناء يجبُ أن يبدأ بإيجادِ الإطارِ الدستوري المحدد للمبادئ التي تقومُ عليها، والتي تُوضع في إطارِها القوانين اللازمة.
وشددت الهيئة على أنه يجب التأكيد على أنه لا يمكن لأي جهة في ظل هذا المسار الدستوري الديمقراطي الواضح أن تدعي تعبيرها عن إرادة الليبيين، موضحة أن قول الليبيين لا يُدرك على حقيقته، ولا يُقطع به كحجة على الكافة، إلا من خلال صندوق الاستفتاء.
وقالت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، إن المسار الدستوري الليبي بدأ من الشعب الليبي، الذي انتخب الهيئة بالانتخاب العام الحر السري المباشر، وينتهي بالاستفتاء، الذي يشارك فيه أبناء الشعب الليبي دون استثناء، مؤكدة أن الاستفتاء على الدستور سيكون الأول في تاريخ ليبيا.
وأشارت الهيئة إلى أن المسار الدستوري، الذي يعتمد على الانتخاب ثم الاستفتاء، هو مسار بعيد عن كافة الخلافات التي دخلت فيها الأجسام الانتقالية التي تنازعت الشرعية، والتي ما وجد الحوار السياسي إلا لمحاولة الخروج منها، منوهة إلى أن الهيئة التأسيسية أنجزت مهمتها وفق الشرائط الدستورية، وبما يزيد على نصاب الثلثين، وفق البيان.
وأوضح البيان أن الهيئة التأسيسية أقرت مشروع الدستور بأغلبية ثلاثة وأربعين صوتا، وهي أغلبية تزيد على النصاب المحدد في الإعلان الدستوري، وهي أيضا أغلبية داخل كل مناطق انتخابية من المناطق الانتخابية الثلاث، وموزعة على كل الدوائر الانتخابية، مؤكدا أن مشروع دستور أُقر من كافة المناطق والدوائر الانتخابية دون استثناء.
وبيّنت الهيئة أن الشعب الليبي عندما انتخب الهيئة التأسيسية بناء على قواعدَ واضحة، لا يمكنُ المساسُ بها بأثر رجعي؛ لأن ذلك مساس بإرادة الشعب الليبي، التي عبر عنها عند انتخاب الهيئة، التي تتولى دون غيرها وضع مشروع الدستور، وأن الشعب هو من يقره أو يرفضه دون وصاية داخلية أو خارجية.
وجددت الهيئة تأكيدها أن الاستفتاء هو حق مكتسب لا يمكن العدولُ عنه، ولا يمكن لأي جسم سياسي أن يحيد بالمسار الدستوري عن الطريق الذي وضع له من البداية، ولا أن يُدخل عليه أي إضافات لا وجود لها عند بداية الشعب في تنفيذ مراحله.
وطالبت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بضرورة قيام السلطات الانتقالية بالتزامها الأساسي، المتمثل في تهيئة البلاد، واتخاذ ما يلزم لعرض مشروع الدستور على الشعب الليبي.
ودعت الهيئة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى دعم المسار التأسيسي وفق الخيارات الدستورية المختلفة المطروحة بشأن الاستفتاء، لتمكين الليبيين من قول الكلمة الفصل، والعمل على إزالة كل المعوقات التي تقف في طريق إنهاء المراحل الانتقالية التي أنهكت الوطن والمواطن، وذلك عن طريق عملية ديمقراطية يشارك فيه الليبيون في الداخل والخارج.
وقد أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في السادس من الشهر الجاري، عن بدء عملية تسجيل الناخبين، وتحديث السجل الانتخابي، والتي ستستمر عملية التسجيل لشهرين، فيما ستبدأ عملية تسجيل الجاليات الليبية في الخارج في الأول من شهر فبراير المقبل.
وكانت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور قد أقرت، في نهاية يوليو الماضي، مسودة الدستور بموافقة 43 عضوا من أعضاء الهيئة، من إجمالي 44 عضوا حضروا الجلسة التي عقدت بمقر الهيئة في مدينة البيضاء شرقي البلاد، وسط أطراف رافضة وأخرى مؤيدة لهذه المسودة