20100517
الجزيره
ما إن احتدم الجدل في فرنسا بشأن النقاب وتعالت الأصوات بين مطالب بمنعه ورافض لذلك، حتى وجد هذا النقاش صدى له في المغرب الذي انتقلت إليه "حمى النقاب"، وبرز فيه من يدعو أيضا إلى منع هذا النوع من اللباس.
وكما ظهر في فرنسا من يعتبرون النقاب مصادما لهوية الفرنسيين ومخالفا لقيم الجمهورية، خرج إلى العلن في المغرب من يرى أن هذا اللباس "ضد هوية المغاربة"، وأنه "يهدد الأمن".
موضة طالبانية
فقد دعت يومية الأحداث المغربية -التي تقدم نفسها مدافعة عن التوجه "الحداثي"- إلى منع النقاب في المغرب، معتبرة أنه يمثل "ماركة طالبانية ترمز إلى التطرف والتعصب والانتماء إلى الجماعات المتعاطفة مع الإرهاب".
وقالت الصحيفة، في افتتاحية عددها الصادر يوم الخميس الماضي، إن النقاب أصبح "موضة المتعصبين الذين لا علاقة لهم بالهوية المغربية ولا بالانتماء إلى المجتمع المغربي".
وذهبت إلى أن النقاب "ليس رمزا دينيا"، وأن ارتداءه "علامة سياسية واضحة على الانتماء إلى جماعة أو فئة لها أهداف محددة، حتى وإن كانت المرأة التي ترتدي هذا اللباس غير واعية بما تقوم به".
وأضافت اليومية أن المرأة المغربية التي ترتدي النقاب ستعيش في بلدها "دون هوية"، معللة ذلك بأن كل المؤسسات الإدارية "تحتاج إلى معرفة هوية المواطن الذي تتعامل معه، وبالتالي سيكون عليها أن تتخلى عن هويتها وكل وثائقها الإدارية وعلى رأسها بطاقتها الوطنية (البطاقة الشخصية) التي تكشف عن وجه صاحبها".
وخلصت الأحداث المغربية إلى أن النقاب "يهدد بمسخ الهوية المغربية"، داعية إلى "اتخاذ قرار واضح بشأنه قبل فوات الأوان"، على حد تعبيرها.
حملة مستوردة
وردت صحيفة التجديد الإسلامية على هذه الافتتاحية بأخرى استغربت فيها موقف المطالبة بالمنع القانوني للنقاب، وقالت إن هذا الموقف جاء "متزامنا مع حملة اليمين المتطرف على النقاب في فرنسا".
وأشارت التجديد –الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح- إلى أن الإقدام على المطالبة بالمنع القانوني للنقاب مجرد "استيراد" لحملة اليمين المتطرف في فرنسا بكل مبرراتها "مع قدر قليل من التكييف مع الواقع المغربي".
واستغربت التجديد كذلك عدم التمييز "بين الحرية في ارتداء النقاب، وبين الأحوال الاستثنائية التي يلزم المواطن فيها بأن يكشف عن وجهه لضرورة إدارية أو أمنية".
واعتبرت أن دعوة صحيفة الأحداث المغربية، استندت إلى حجج وصفتها "بالمضحكة"، وقالت إن اليمين المتطرف في فرنسا نفسه ترفع عن استعمالها، من قبيل قول الصحيفة إن "النقاب هو قضية سياسية"، وإنه ليس "علامة على الانتماء إلى دين معين، بل إلى جماعة لها طموحات سياسية".
وطالبت التجديد بضرورة "التمييز بين السياق الفرنسي الذي قد يبدو النقاب فيه من حيث الظاهر نشازا في المجتمع الأوروبي، وبين السياق المغربي الإسلامي الذي يجد فيه النقاب بعض السند الشرعي".
ومن جانبه اعتبر عضو مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح والأستاذ الباحث في الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية عبد السلام بلاجي أن الأمر يتعلق بما وصفها بمعركة "مفتعلة ومستوردة"، ولا علاقة لها بالمغرب.
ووصف بلاجي في تصريح للجزيرة نت، الجهات التي تطالب بمنع النقاب "بالفئة العلمانية القليلة" التي تحاول أن تفرض رأيها على أكثر من 30 مليون مغربي، وهو ما اعتبره "أمرا غير معقول".
وأكد بلاجي ضرورة امتثال المرأة المنقبة لبعض الإجراءات الإدارية والقانونية التي تفرض نزع النقاب، كأخذ صور الهوية وجواز السفر، والاكتفاء بالحجاب في هذه الحالة، مشيرا إلى أن جمهور العلماء قالوا بعدم وجوب النقاب مع تسامحهم فيه، عكس الحجاب الذي يراه واجبا شرعيا.
إهانة للمرأة
ورغم أنها تعتبر ارتداء النقاب "مهينا للمرأة لأنه يختزلها في جسدها، ويحرمها من إنسانيتها"، فإن رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة رياضي تؤكد "عدم شرعية" أي قانون يمنع ارتداء النقاب في المغرب، لأن ذلك يعتبر مسا بالحرية الفردية.
وفي المقابل أشارت رياضي –في تصريح للجزيرة نت- إلى أن النقاب يصبح أحيانا "مسا بحرية الآخرين" في حالة ارتداء الموظفات للنقاب، لأن من شأن ذلك –حسب رياضي- أن يمنع التعرف على هوية من يقدم الخدمة، الأمر الذي قد يجنبه المحاسبة في بعض الحالات، منبهة في الوقت نفسه إلى أن ارتداء النقاب قد يشكل في بعض الأماكن "تهديدا لأمن المجتمع".
وأشارت رياضي إلى أن الأجدى هو إثارة نقاش عمومي يسعى لإقناع النساء والرجال بأن النقاب "يحط بكرامة المرأة"، بدل منعه بالقوانين.