تضع مصر آمالا عريضة على عودة السياحة الروسية للبلاد إلى سابق عهدها، بعد توقف دام أكثر من عامين.
وأوقفت روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، رحلاتها الجوية مع مصر، بعد تحطم طائرة روسية ومقتل جميع الركاب 224 على متنها في صحراء سيناء (شمال شرق).
لكن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وقع في 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، مرسوما لاستئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين موسكو والقاهرة.
لكن مصر، ستكون أمام اختبار استتباب الأمن في مطاراتها ومرافقها السياحية ومواقعها الأثرية، للحفاظ على استمرار تدفق أكبر سوق سياحية وافدة إلى البلاد.
السياحة في مصر تعاني عدة تحديات حاليا، تتمثل في عدم تأهل الفنادق ونقص العمالة المدربة التي هجرت البلاد، واحتدام المنافسة مع تركيا، إضافة إلى تكرار العمليات الإرهابية.
وتشهد مصر عمليات مسلحة تستهدف مسؤولين أمنيين ومواقع عسكرية وشرطية بين الحين والآخر، تتبناها جماعات ارهابية من أبرزها تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الذي أعلن في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، مبايعة تنظيم "داعش"، وغيّر اسمه لاحقا إلى "ولاية سيناء".
وتأمل الحكومة المصرية استئناف رحلات الطيران العارض (الشارتر)، الناقل الرئيسي للحركة السياحية الوافدة للبلاد، حتى تستعيد الحركة السياحية الروسية سابق عهدها قبل تشرين الأول/أكتوبر 2015.
استعدادات أمنية
وأعلنت مصر في 2016 عن تخصيص أموال لتعزيز الأمن في المطارات والمرافق السياحية، في محاولة لطمأنة السياحة العالمية الوافدة إلى البلاد.
قال نائب الاتحاد المصري للغرف السياحية سابقا (مستقل) ومنظم رحلات سياحية، عادل عبد الرازق، للأناضول، إن الجانب الأمني مستقر في الوقت الحالي، خصوصا في شرم الشيخ (شمال شرق)؛ رغم الأحداث المسلحة التي تشهدها مصر من وقت لآخر".
وزاد عبد الرازق: "هناك إجراءات أمنية مشددة بجنوب سيناء، والحكومة ألزمت فنادق شرم الشيخ كافة بتركيب أعداد كبيرة من كاميرات المراقبة".
وأنفقت مصر نحو 60 مليون دولار في المرحلة الأولى لتدعيم منظومة تأمين المطارات بأحدث الأجهزة، بحسب تصريحات سابقة لوزير الطيران المصري، شريف فتحي.
تحديات كبيرة
وقال عبد الرازق: "نواجه تحديات كبيرة في استعادة السياحة الروسية حال استئنافها رسميا بعودة الطيران الشارتر."
وأضاف: "حاليا لسنا مؤهلين بالدرجة الكافية لاستعادة السياحة الروسية لأسباب غير أمنية، هي أسباب مرتبطة بالفنادق التي أصبحت غير مؤهلة وتحتاج لأعمال صيانة وعمالة مدربة".
وهجرت غالبية العمالة المصرية المدربة الفنادق المصرية إلى دول الخليج ( الفارسي ) منذ تراجع الحركة السياحية، في أعقاب حادث سقوط الطائرة الروسية.
وتمثل العمالة في قطاع السياحة نحو 12 بالمائة من إجمالي القوة البشرية لسوق العمل في مصر، وفقا لبيانات وزارة السياحة المصرية.
عودة تدريجية
مدير التعاقدات بشركة بيجاس الروسية سامح سالم، قال: "مع استئناف الرحلات السياحية (الشارتر) من روسيا في صيف 2018، لن تكون الأعداد كبيرة كما كان في السابق".
وأضاف "سالم": "يمكننا جلب 2000 سائح روسي في الأسبوع، ونتوقع ارتفاع الأعداد تدريجيا إلى أن تعود لمعدلاتها في السابق خلال الموسم السياحي الشتوي القادم".
ويبدأ الموسم السياحي الشتوي في مصر من منتصف تشرين أول/أكتوبر وينتهي في منتصف أيار/مايو من كل عام.
ووفق سالم، انخفضت الأسعار السياحية في مصر بنسبة 50 بالمائة في أعقاب حظر روسيا السفر إلى مصر، وبلغ سعر الغرفة نحو 12 دولارا في فنادق شرم الشيخ.
وتتوقع وزارة السياحة المصرية جذب ما يصل إلى مليوني سائح روسي خلال 2018 مع عودة الرحلات الجوية الروسية المنتظمة إلى القاهرة مطلع شباط/ فبراير المقبل.
حملات ترويجية
وقال نائب رئيس هيئة تنشيط السياحة المصرية (حكومية)، أحمد حمدي، إن الهيئة جهزت "حملة ترويجية في السوق الروسية؛ لكن لم نحدد موعد إطلاقها بعد، وهذه الحملة هي جزء من حملة الترويج التي تنفذها مصر لمقاصدها السياحية في الخارج".
ورصدت الحكومة المصرية نحو 66 مليون دولار للترويج لمقاصدها السياحية في 26 سوقا سياحيا، خلال 3 سنوات بدأتها مطلع العام 2016.
ومع توقف السياحة الروسية، لم تطلق مصر أية حملات ترويجية لهذه السوق؛ بعد أن فقدت أمل عودة السياح الروس سريعا، بحسب "حمدي".
وتمثل السياحة الروسية نحو 30 بالمائة، بينما تمثل السياحة البريطانية 10 بالمائة من إجمالي الحركة السياحية الوافدة لمصر.
حقائق وأرقام
وبلغ عدد السياح الروس الوافدين إلى مصر نحو 2.8 مليون سائح في العام 2010، وانخفض إلى 1.8 مليون سائح في 2011، وبلغ نحو 1.6 مليون سائح في 2012، وارتفع إلى 2.4 مليون سائح في العام 2013، وزاد إلى نحو 3.1 ملايين سائح في 2014، وفقا لبيانات وزارة السياحة المصرية.
وعلى مدار الـ 10 أشهر الأولى من العام 2015، بلغ عدد السياح الروس نحو 2.3 مليون سائح، مقابل نحو 71.4 ألف سائح روسي عن الفترة نفسها من العام 2017.
وبلغت إيرادات مصر من السياحة الروسية نحو 2.5 مليار دولار في 2014، من إجمالي إيرادات سياحية بلغت نحو 7.3 مليارات دولار في العام ذاته.
وصعدت السياحة الأجنبية في مصر بنسبة 54.70 بالمائة، خلال 11 شهرا الأولى من العام 2017 على أساس سنوي.
وقفزت إيرادات مصر من السياحة بنسبة 195 بالمائة خلال العشرة أشهر الأولى 2017 على أساس سنوي، إلى 5.9 مليارات دولار مقابل نحو 2 مليار دولار عن الفترة نفسها من العام 2016.