أعلن مجلس النواب الليبي في طبرق، مساء الإثنين أنّه أجاز لمصر التدخّل عسكرياً في ليبيا "لحماية الأمن القومي" للبلدين، مشدّداً على أهمية تضافر جهودهما من أجل دحر من اسماه المُحتلّ التّركي.
برلمان طبرق (شرق) قال في بيان إنّه "للقوات المسلّحة المصرية الحق في التدخّل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أنّ هناك خطراً داهماً وشيكاً يطال أمن بلدينا.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذّر في نهاية حزيران/يونيو من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا نحو الشرق اي منطقة "الهلال النفطي اللبيبي" سيدفع بلاده الى التدخّل العسكري المباشر في ليبيا.
قوات حكومة الوفاق اعلنت أنها ستعزز منظومتها الدفاعية استعدادا لمعركة محتملة في مدينة سرت، وقالت انها ستشكل قوة مشتركة لتأمين المنطقة الغربية عقب طرد قوات خليفة حفتر . ياتي ذلك في وقت قالت تركيا ان حكومة الوفاق لن تستفيد من اي اعلان لوقف اطلاق على امتداد خطوط القتال الحالية داعية الى انسحاب قوات حفتر إلى خط اتفاق الصخيرات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو ان على حفتر وجميع القوى الداعمة له الانسحاب من الجفرة وسرت ليتم اعلان الهدنة في ليبيا.
وهنا يجب ان علينا ان نسلط الضوء على منطقة الهلال النفطي لفك طلاسم لغز الصراع في هذا البلد.
الهلال النفطي حوض نفطي ليبي، يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط ممتدا على طول 205 كلم من طبرق شرقا إلى السدرة غربا، ويعتبر أغنى مناطق البلاد بالنفط. سيطرت عليه بالكامل قوات تابعة لخليفة حفتر في سبتمبر/أيلول 2016، مما أثار مخاوف دولية من اندلاع نزاع بين هذه القوات ونظيرتها الموالية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.
وتحتوي منطقة الهلال النفطي -الواقعة بين مدينتيْ سرت وبنغازي– على نسبة 80% من قطاع الطاقة الليبي المقدر حجمه بأكثر من 45 مليار برميل نفط، و52 تريليون قدم مكعب من الغاز. ومن أكبر حقول النفط فيها السرير ومسلة والنافورة التي تنتج مجتمعة نحو 60% من إنتاج البلاد النفطي، كما تقع فيها أكبر مجمعات تكريره وموانئ تصديره إلى العالم
وسرت هي محور هذا الصراع في الوقت الراهن وتأتي اهميتها من حيث انها مدينة ساحلية في وسط البلاد تعد منفذا إلى مرافئ تصدير النفط الرئيسية في البلاد وهنا مربط الفرس .
وحيثما وجد النفط تضاربت مصالح الدول واطماعها، والأطراف عديدة في النزاع الليبي فمن جهة تدعم روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، المشير حفتر، ومن جهة أخرى تدعم تركيا وقطر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة.
باعتقادنا ان نية القاهرة بتدخل عسكري ظاهر تبقى ضعيفة، ونستبعد ان يتجاوز الموضوع حد التصعيد الكلامي، فمصر الان لديها مايكفيها من مشاغل.
وبالمقابل فحكومة الوفاق وإن أعلنت أنها جاهزة لاستعادة سرت الا اننا نشكك في مدي هذه الجهوزية لانها تدرك تماما ان الطريق الى سرت يمر عبر اجتياز حقول ألغام مضادة للأفراد غرب المدينة. اضف الى ذلك ان جميع الاطراف الداخلية والخارجية تعلم تماما مدى خطورة الاوضاع وماسيترتب على المواجهة العسكرية المباشرة من تبعات وخسائر فادحة قد تؤدي الى تقسيم البلاد وتقطيع اوصالها مايعني ضياع ثرواتها وبالتالى خروج الاطراف الخارجية من معادلة تقسيم كعكة النفط الليبي وتقليص الحصص التي قد لاتغطي فيما بعد تكاليف الحرب الباهظة التي خاضوها بالوكالة. فلذلك نجد ان طريفي النزاع يمارسان سياسة العصا والجزرة يلوحون بعصا الحرب لارغام الطرف الاخر للجلوس على طاولة مفاوضات .
قد يرى البعض ان طبول الحرب قد قرعت بالفعل ولكن جميع الاطراف تعلم تماما ان المواجهة تعني خسارة الجميع وضياع ليبيا .