ضجّت المواقع الإخباريّة بالتصريحات الصادرة عن الرئيس الجزائريّ، "عبد المجيد تبون"، فيما يتعلّق بالأزمة الليبيّة، على ضوء التطورات الأخيرة التي حدثت هناك، وبما يرتبط بشكل مباشر مع التدخلات الخطيرة في شؤون جارتها الشرقية، حيث وصف الرئيس الجزائريّ خطوات تسليح القبائل الليبيّة بـ"المحاولات الخطرة" التي ستحوّل ليبيا إلى أنموذج عن الصومال، وجاء ذلك بعد مرور بضعة أيام على لقاء الرئيس المصريّ، "عبد الفتاح السيسي"، وعدد من مشايخ تلك القبائل في العاصمة المصريّة.
تشظّي الأزمة
جاهدة تسعى دول الجوار الليبيّ للوصول إلى حلّ للأزمة الليبيّة، لكن ليس من المهم أن تتفق دول جوار ليبيا على حلّ الأزمة، ومن ثم تختلف على طرق الحلّ وأساليبه، فالجميع متفق على ضرورة الحل، بيد أن سبل حل تلك المسألة المعقدة ليست بالأمر السهل، بسبب الانخراط الأجنبيّ الكبير في هذا الصراع ما يجعل نقطة الالتقاء والتوافق بعيدة كما يبدو.
وفي هذا الصدد، طالبت الجزائر بإشراك الليبييّن جميعاً في تقرير مصيرهم دون أيّ تدخل خارجيّ، معبّرة أنّه لا حلّ للأزمة الليبيّة إلا سياسيّاً وبمشاركة أمميّة، وقد حذّرت الجزائر من تحويل ليبيا إلى صومال ثانٍ، مؤكّد خطورة تشظّي الأزمة في حال وضع السلاح في أيدي القبائل الليبيّة.
كذلك، لم يشر الرئيس الجزائريّ، "عبد المجيد تبون"، إلى مصر أو غيرها بشكل مباشر، لكن تصريحاته تلت حديثاً للرئيس المصريّ، "عبد الفتاح السيسي"، حول تسليح القبائل الليبيّة وتدريبها، ونقلت مواقع إخبارية، أنّ شيوخ القبائل طالبوا بتدخّل الجيش المصريّ في حال شُن هجوم على مدينة سرت، في حين رفضت قبائل "زنتان" الليبيّة ذلك الأمر.
من ناحية أخرى، كشف المستشار الإعلاميّ لرئيس البرلمان الليبيّ، أنّ تأجيل زيارة رئيس البرلمان الليبيّ، "عقيلة صالح"، إلى الجزائر، كانت بطلب من الرئاسة الجزائريّة، نافياً أن يكون السبب لقاء القبائل بالسيسي، ما يعني إمكانيّة أن تكون التطوّرات الحاليّة قد انعكست على اللقاء مع صالح.
مبادرة جزائريّة
كشف الرئيس الجزائريّ، "عبد المجيد تبون"، عن مبادرة لحلّ الأزمة الليبيّة بالتنسيق مع تونس، مع تبنّي الحل من قبل منظمة الأمّم المتحدة، فيما أشارت المبعوثة الأمّميّة الخاصة بالنيابة إلى ليبيا، "ستيفاني وليامز"، إلى أنّ المنظمة والجزائر تسعى إلى مبادرة عاجلة لوقف إطلاق النار، والتعجيل بحل سياسيّ.
أكثر من ذلك؛ تملك الجزائر صِلات مع جميع الأطراف، ولها قنوات تواصل مع كل من القاهرة وأنقرة، حيث إنّ تركيا وحكومة الوفاق الوطنيّ المدعومة منها ترفض وقف إطلاق النار، وتقول إنّ الحلّ السياسيّ يأتي فيما بعد، في حين أنّ الجبهة المقابلة ترغب في وقف لإطلاق النار ولا تريد حلّ الأزمة سياسياً، لذلك تستطيع الجزائر أن تكون طرفاً وسيطاّ وربما ترسم بشكل جديّ خارطة الحلّ للأزمة الليبيّة.
علاوة على ما تقدّم، يبدو أن هناك تناغماً بين الجانبين الجزائريّ والتركيّ فيما يتعلق بالأزمة الليبيّة، فالزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس التركيّ، "رجب طيب إردوغان"، إلى الجزائر قبل مدة، شكّلت منعطفاً في العلاقة بين البلدين، تحديداً فيما يتعلّق بالملف الليبيّ، بحسب قناة الميادين اللبنانيّة.
الجزائر بالشراكة مع تونس تحاول أن تعود المبادرة إلى منطقة المغرب العربيّ، وأن تحظى هذه الدول بالتعاون مع كل الأطراف خاصة مع روسيا الاتحاديّة، لوقف إطلاق النار ومن ثم الحرب، وإبعاد الأطراف الخارجيّة خاصة تركيا وفرنسا والدول الغربيّة عن الساحة الليبيّة.
ومن الجدير بالذكر أنّ الرئيس المصريّ، "عبد الفتاح السيسي"، دعا الخميس المنصرم، خلال لقاء عقده بالقاهرة مع شيوخ وأعيان قبائل ليبيّة، إلى انخراط أبناء تلك القبائل في جيش وطنيّ موحد، وحصر السلاح في يد دولة المؤسسات دون غيرها.
وفي ردّ على لقاء السيسي مع شيوخ وأعيان بعض القبائل الليبيّة، صدرت بيانات من جهات ليبيّة عدّة، تندد وتتبرّأ من الشخصيات التي حضرت لقاء السيسي، ومنها المجلس الأعلى لأعيان وحكماء مدينة "الزنتان"، والمجلس الاجتماعيّ لقبائل "ورفلة"، والمجلس الاجتماعيّ لقبيلة "المغاربة".
وكان المجلس الأعلى للمدن والقبائل في ليبيا، قد حذّر في وقت سابق مواطني المنطقة الشرقيّة من خطورة أي تدخل مصريّ في ليبيا بما يؤثّر على الطبيعة السكانيّة في المنطقة، وطالب المجلس حكومة الوفاق الوطنيّ باتخاذ الإجراءات القانونيّة ضد من طالب بالتدخل المصريّ في ليبيا