الجزيره
انتقد أمين غرف التجارة الليبية المستقيل جمعة الأسطى بشدة إصدار قانون جديد يمنح الدولة حق تعيين المسؤولين عن غرف التجارة والصناعة, واعتبره انتهاكا لسلطة الشعب.
وانتقد في حديث للجزيرة نت نص القانون الجديد الذي يعكس حسب رأيه "ذهنية تسلطية".
وكان الأسطى قد أعلن استقالته من منصبه الثلاثاء الماضي احتجاجا على القانون الجديد الذي يسند صلاحيات تعيين أمين الغرف التجارية لأمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء).
مُنتهك ومُخالف
ووصف الأسطى القانون التجاري الجديد رقم 20 بالسيئ, واعتبره "انتهاكا خطيرا" لسلطة الشعب، ومخالفة صريحة لقانون المؤتمرات الشعبية المعمول به في ليبيا.
وقال إنه يتناقض مع قانون تعزيز الحرية رقم 20 لعام 1991، رافضا التعدي على غرف التجارة والصناعة التي تضم 103 آلاف من أصل 225 ألف شركة وتشاركية خاصة.
وتساءل "هل تتوقع أن يدافع رئيس غرفة موظف لدى الإدارة التنفيذية عن شريحة أصحاب الأعمال؟".
من جهته اعتبر المدير التنفيذي لجمعية حقوق الإنسان محمد طرنيش القانون إجراء سياسيا "صرفا" في سياق تضييق الدولة على عمل مؤسسات المجتمع الأهلي، ومحاولة منها لإحكام قبضتها على "مفاصل" مجتمع أصحاب الأعمال أيضا.
ووصف القانون بأنه "خطوة إلى الوراء" و"انتكاسة خطيرة".
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أنه لا يحق تهميش الآف أصحاب العمل، وربط التطورات بواقع حقوق الإنسان في ليبيا.
ولايعلم طرنيش كيف سيكون موقف الوفد الليبي في اجتماعات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول القادم بجنيف. وأشار إلى أن الجماهيرية تتهم المنظمات العاملة في مجال الحد من انتهاكات حقوق الإنسان بعدم الشفافية, وأن لديها "أجندة"، متسائلا "ما هو رأي الليبيين الآن؟".
السلطة العليا
ورأى المستشار الاقتصادي عبد المجيد المنصوري أن استقالة الأسطى جاءت في وقتها، وأن الإدارة أمعنت في خلق كل ما يعيق أحد أهم المؤسسات المدنية التي تحبو لتنمو وتساهم في بناء اقتصادي وطني قوي لخلق دخل بديل للنفط.
وقال المنصوري للجزيرة نت إن القانون لا يهدف إلا إلى "السيطرة على مقاليد الاقتصاد الوطني"، مضيفا أن منع بناء قطاع خاص ليبي قوي عرقلة لبناء اقتصاد وطني قوي. ورأى أن استقالة الأسطى تفتح الأبواب لصد كل من يحاول تزوير الإرادة الشعبية وحرف القوانين عن وجهتها السليمة.
وتوقع أن تسير الأمور باتجاه تحقيق مسيرة ليبيا الغد, قائلا "لن يتمكن كائن من كان من عرقلتها".
وبينما تهرب مسؤولون من الإدلاء بتصريحات للجزيرة نت، رجح الباحث في الشؤون الاقتصادية هاني أرحومة أن تظهر الاستقالة ما سماها "فجوة" بين جهة إصدار القرار وبين جهة التنفيذ.
وتساءل أرحومة في تصريح للجزيرة نت عما إذا كانت القوانين في ليبيا تصدر من السلطة العليا دون مراعاة التنفيذ.
الدولة والاقتصاد
من جهته, قال المحامي عبد المجيد الميت إنه كان يأمل ألا تتورط الدولة في القانون، وألا تتدخل في إدارة غرفة التجارة المعنية بالتجار، وقال للجزيرة نت إن الدولة ليست "تاجرة" كي تفعل ذلك.
ولا يعارض الميت تدخل الدولة لإنقاد الاقتصاد، واستدل على هذا الرأي بتدخل العديد من الحكومات خلال الأزمة المالية، رافضا تدخلها لإحكام سيطرتها على الاقتصاد.
وتشير البيانات الاقتصادية الرسمية إلى أن حجم الاستثمار الخاص في الاقتصاد الليبي لم تتجاوز رغم كل محاولات الإصلاح 2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2007 ونحو 18% من حجم الاستثمار الكلي.
ويشكل النفط نحو 94% من عائدات ليبيا من النقد الأجنبي و60% من العائدات الحكومية و30% من الناتج المحلي الإجمالي.