20100628
المحيط
القاهرة: قالت مصادر مصرية رسمية وسيادية معنية بمتابعة ملف العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، إن الرئيس حسني مبارك أصدر تعليمات صارمة بتفادى التصريحات الاستفزازية تجاه دول حوض النيل، وحذر من عواقب ذلك على المسئولين الذين ينجرفون فى ذلك، كما "طلب الرئيس أن يتكلم الناس بالعقل وبالفعل هناك اختلاف فى نوعية التصريحات".
واعتبرت المصادر أن الفترة الأسوأ فى العلاقات بين مصر ودول حوض النيل السبع أوشكت على الانتهاء، "ولكن الأمر سيتطلب الوقت والكثير من الجهد والحصافة فى التعامل خاصة من قبل القاهرة، إلى جانب الدخول فى مشاريع مائية تنموية مشتركة".
ونقلت صحيفة "الشروق" المستقلة عن المصادر قولها: "مصر تريد أن تكون شريكا فاعلا مع جهات دولية مانحة فى إقامة مشاريع التنمية المائية فى هذه الدول".
وكان الرئيس مبارك أكد في تصريحات له يوم الاربعاء الماضي أن الحوار هو السبيل لحل الأزمة بين دول حوض نهر النيل ، مطمئنا مواطنيه حيال هذه الأزمة بقوله " ان القلق فى هذا الخصوص لا مبرر له على الاطلاق".
وقال خلال اجتماعه مع أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم، إن القلق فى هذا الخصوص لا مبرر له على الاطلاق.
واوضح مبارك أن الإعلام ، للأسف ، من كلا الجانبين بمصر ودول الحوض زاد من الاحساس بهذا القلق ، ودعا الى التعامل الهادىء على المستوى الاعلامى من جانبنا حتى لا نستثير ردود فعل اعلامية من جانب دول الحوض .
وأكد أن الحوار هو السبيل للتحرك مع دول الحوض وان مصر تتحرك تحركا هادئا مع هذه الدول ولفت الى أنه عندما يتم رفع مستوى الحوار الى مستوى قادة الدول فسوف يتم تجاوز العقبات الفنية التى حالت دون اتفاق وزراء الرى والموارد المائية فى الدول التسع أعضاء الحوض حتى الآن.
"نقلة نوعية فى العلاقات"
وتقول المصادر السيادية إن التعامل المصرى الجديد مع دول حوض النيل، يقوم على أساس تحقيق "نقلة نوعية فى العلاقات" بمد التعاون المائى إلى مجالات توليد الكهرباء وتعظيم الاستفادة من موارد كل من الدول العشر لحوض النيل سواء فى المنبع أو المصب".
وأشارت إلى أنه "من حق دول حوض النيل فى المنبع أن تحقق التنمية التى تبتغيها وتحقيق هذه التنمية يحتاج إلى تكثيف استخدامات المياه لتحقيق التنمية. ونحن سنعمل مع هذه الدول فى هذا الاتجاه بسبل نأمل ألا تنال من حصتنا المقررة".
وقالت: "إن آليات مصر للتقارب الإيجابى مع دول حوض النيل تشمل الذراع الاقتصادية سواء الحكومية أو الخاصة. "هناك محاولة لتشجيع رجال الأعمال للذهاب إلى دول حوض النيل وهناك مطالبة للاتحادات الصناعية والتجارية بالتعاون بكل وسيلة ممكنة مع هذه الدول".
كما تشمل الآليات أيضا التعاون فى قطاعات التعليم والثقافة والصحة، مضيفة "ننتظر من الأزهر ومن الكنيسة المصرية القبطية أن يسهما كلا بطريقته فى خلق قنوات تواصل وتحاور مع هذه الدول".
واضافت المصادر، إذا كان الهدف المصرى قريب المدى هو احتواء التوتر مع دول حوض النيل فإن الهدف بعيد المدى "هو إعادة التفاوض على الاتفاق الإطارى الذى وقعه عدد كبير من دول المنبع والذى يتجاوز حصة مصر المقررة بـ55 مليار متر مكعب سنويا بصورة لا تحرم دول الحوض من حقوقها فى التطلع إلى آفاق أوسع فى التنمية".
فى سياق متصل، رأت مصادر رسمية فى بعض دول حوض النيل أن مصر أصبحت أكثر "حساسية" فى التعامل مع دولهم. وقدرت بعض هذه المصادر إسناد الرئيس مبارك ملف التنسيق معها إلى الوزيرة فايزة أبوالنجا، وقالت دبلوماسية أفريقية: "نحن نستطيع أن نتفاهم معها وهى لا تتعامل معنا بتعال مثل أحد وزرائكم الذى يشير كثيرا فى جلسات عديدة إلى لون بشرتنا الأسمر بطريقة مهينة".
تفاقم الأزمة
وانتهى، امس الأحد، في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، أحدث اجتماع لدول مبادرة حوض النيل، والذي أظهر تفاقم أزمة مياه النيل بين دول المنابع السبع ودولتي المصب "مصر والسودان" ، حيث أعلنت 5 دول في شرق أفريقيا أنها لن تتراجع عن اتفاق وقعته لتقاسم مياه النيل، وهو الاتفاق الذي أثار انتقادات حادة من جانب مصر والسودان.
وقال أصفاو دينجامو، وزير الموارد المائية الإثيوبي: "الاتفاق الموقع لا يمكن العودة عنه"، وأضاف قائلا: "لكن نأمل أن نصل إلى إجماع، وآمل أن ننجز ذلك قريبا جدا".
ورفضت الدول الخمس الموقعة على الاتفاق الجديد التراجع وقالت إنها تمنح دول حوض النيل الأخرى، وهي مصر والسودان وبوروندي وجمهورية الكونجو الديمقراطية، مهلة سنة للانضمام إلى الاتفاق.
وكانت اثيوبيا واوغندا ورواندا وتنزانيا، ثم كينيا، وقعت في 14 مايو/آيار الماضي، اتفاقا جديدا حول تقاسم مياه نهر النيل على الرغم من مقاطعة مصر والسودان، مما اثار غضب القاهرة التي اعلنت ان الاتفاق غير ملزم لها.
وبعد ساعات من توقيع الاتفاق، أعلنت إثيوبيا عن افتتاح أكبر سد مائي على بحيرة "تانا"، والتي تعتبر أحد أهم موارد نهر النيل، وذلك في سابقة خطيرة تؤشر إلى نية دول منابع النيل في تصعيد مواقفها ضد مصر.
وحذر خبراء مصريون في مجال المياه من خطورة إنشاء مثل هذه السدود علي حصة مصر من مياه النيل، واصفين إنشاءها بالسابقة الخطيرة التي ستدفع دول حوض النيل الأخري إلي أن تحذو حذو إثيوبيا وتقوم بإنشاء السدود دون الرجوع إلي مصر.
وتعتمد مصر بالكامل تقريبا على مياه النيل، وتراقب عن كثب الأنشطة المتصلة ببناء سدود في شرق أفريقيا، خاصة أنها مهددة فعليا من تغير المناخ.
بمقتضى الاتفاق الأصلي يحق لمصر التي ستواجه أزمات مياه بحلول عام 2017 أن تحصل على 55.5 مليون متر مكعب في السنة تمثل نصيب الأسد من مياه النهر التي تبلغ نحو 84 مليون متر مكعب.
في سياق متصل، قال كمال علي محمد، وزير الري والموارد المائية السوداني، إن بلاده ستوقف التعاون مع دول مبادرة حوض النيل لأن الاتفاق يطرح مسائل قانونية، "نحن نجمد الأنشطة المتعلقة بمبادرة حوض النيل إلى أن تجد الانعكاسات القانونية حلا".
بينما أعلن محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري المصري، أن اجتماعا استثنائيا لمناقشة الاتفاق سيعقد في نيروبي بين شهري سبتمبر ونوفمبر، ولم يحدد تاريخا معينا لعقد الاجتماع.