20100702
المحيط
القاهرة: كشفت مصادر صحفية مصرية الجمعة أن أزمة المياه بين القاهرة ودول منابع النيل أخذت بعدا خطيرا بعد تهديد أحد أعضاء الوفد الأوغندي خلال اجتماع العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا باتخاذ إجراءات شديدة ضد الحكومة المصرية.
وذكرت صحيفة "الدستور" المصرية تحت عنوان "عضو في الوفد الأوغندي أعلن في اجتماع أديس أبابا: سنؤدب الحكومة المصرية" : " تعقدت أزمة المياه بعدما رفضت الدول الخمس التي وقعت على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل في مدينة عنتيبي الأوغندية في مايو/أيار الماضي التراجع عن توقيعها المنفرد الذي تم بدون مصر والسودان".
ورفض رؤساء وفود الدول الخمس وهي "إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا العودة إلي المفاوضات مع كل من مصر والسودان حول النقاط الخلافية بالاتفاقية الإطارية".
وأضافت "الاجتماعات بدأت السبت في ظل غضب من دول منابع النيل تجاه مصر والسودان، وهذا الغضب بدأ منذ الاجتماعات التحضيرية للاجتماع الوزاري وخلال تعارف اللجان الفنية".
وتابعت الصحيفة "الوفد الأوغندي اتهم مصر في إحدى الاجتماعات المغلقة للجان الفنية بأنها دولة استعمارية وتحصل على نصيب الأسد من مياه النيل وتترك الدول الأخرى تعيش في جفاف وبؤس" .
ومضت الصحيفة بالقول "أن الوفد الأوغندي قال إن الحكومة المصرية استعلائية وتنظر بضيق شديد لمطالب الأفارقة، لدرجة أن أحد أعضاء الوفد الفني الأوغندي قال بالحرف الواحد: "سنؤدب مصر العربية التي حصلت على مياهنا ظلما وبهتاناً".
تحرك مصري
وفي محاولة لحلحلة الوضع المتأزم ، تبدأ الدبلوماسية المصرية تحركا مكثفا بداية من الاسبوع القادم في اتجاه دول حوض النيل لإعادة الدفئ للعلاقات المصرية الإفريقية تفاديا لتفاقم الأزمة، والبحث عن سبل جديدة للوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف ويحفظ لمصر حقوقها المائية.
ومن المتوقع أن يقوم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط برفقة وزيرة التعاون الدولي فايزة أبوالنجا بزيارة لإثيوبيا يومي السادس والسابع من يوليو/تموز الجاري للقاء كبار المسئولين فيها، وعلي رأسهم ميليس زيناوي رئيس الوزراء.
كما تقوم السفيرة فاطمة جلال الأمين العام للصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا بزيارة إلي جنوب السودان يوم الثامن من يوليو لتفقد مشروعات يسهم في إنشائها الصندوق, وبحث ما يمكن أن يقدمه لأبناء الجنوب.
وكان الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية، توجه إلى أوغندا مبعوثا من الرئيس حسني مبارك، إلى يوري موسيفيني الرئيس الأوغندي، لبحث آخر تطورات الوضع في دول حوض النيل. وسليمان هو المبعوث الثاني لمبارك لقادة دول حوض النيل خلال 24 ساعة، حيث توجه وزير المالية المصري الثلاثاء إلى بوروندي.
وبالتزامن مع الخطوات الدبلوماسية ، قالت مصادر مصرية رسمية وسيادية معنية بمتابعة ملف العلاقات بين مصر ودول حوض النيل ن الرئيس حسني مبارك أصدر تعليمات صارمة بتفادى التصريحات الاستفزازية تجاه دول حوض النيل، وحذر من عواقب ذلك على المسئولين الذين ينجرفون فى ذلك، كما "طلب الرئيس أن يتكلم الناس بالعقل وبالفعل هناك اختلاف فى نوعية التصريحات".
واعتبرت المصادر أن الفترة الأسوأ فى العلاقات بين مصر ودول حوض النيل السبع أوشكت على الانتهاء، "ولكن الأمر سيتطلب الوقت والكثير من الجهد والحصافة فى التعامل خاصة من قبل القاهرة، إلى جانب الدخول فى مشاريع مائية تنموية مشتركة".
ونقلت صحيفة "الشروق" المستقلة عن المصادر قولها: "مصر تريد أن تكون شريكا فاعلا مع جهات دولية مانحة فى إقامة مشاريع التنمية المائية فى هذه الدول".
وكان مبارك أكد في تصريحات له يوم الاربعاء الماضي أن الحوار هو السبيل لحل الأزمة بين دول حوض نهر النيل ، مطمئنا مواطنيه حيال هذه الأزمة بقوله " ان القلق فى هذا الخصوص لا مبرر له على الاطلاق".
وأوضح خلال اجتماعه مع أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم، أن الإعلام ، للأسف ، من كلا الجانبين بمصر ودول الحوض زاد من الاحساس بهذا القلق ، ودعا الى التعامل الهادىء على المستوى الاعلامى من جانبنا حتى لا نستثير ردود فعل اعلامية من جانب دول الحوض .
وأكد مبارك أن الحوار هو السبيل للتحرك مع دول الحوض وان مصر تتحرك تحركا هادئا مع هذه الدول ولفت الى أنه عندما يتم رفع مستوى الحوار الى مستوى قادة الدول فسوف يتم تجاوز العقبات الفنية التى حالت دون اتفاق وزراء الرى والموارد المائية فى الدول التسع أعضاء الحوض حتى الآن.
وكانت مفاوضات دول الحوض قد بدات قبل نحو عشر سنوات بهدف الوصول إلي طريقة أفضل لتقسيم مياه النيل، في ظل الأخطار التي تواجه تلك الدول من التغير المناخي والتهديدات البيئية والتزايد السكاني، لكن هذه المفاوضات توقفت عندما وقعت خمس من دول المنبع اتفاقية جديدة لتقاسم المياه، وانقسم الحوض إلي مصر والسودان الرافضتين الاتفاقية في جانب وسبع دول هي منبع النهر.
ووقعت اثيوبيا واوغندا ورواندا وتنزانيا، ثم كينيا، في 14 مايو/آيار الماضي، اتفاقا جديدا حول تقاسم مياه نهر النيل على الرغم من مقاطعة مصر والسودان، مما اثار غضب القاهرة التي اعلنت ان الاتفاق غير ملزم لها.
وبعد ساعات من توقيع الاتفاق، أعلنت إثيوبيا عن افتتاح أكبر سد مائي على بحيرة "تانا"، والتي تعتبر أحد أهم موارد نهر النيل، وذلك في سابقة خطيرة تؤشر إلى نية دول منابع النيل في تصعيد مواقفها ضد مصر.
مصر في خطر
وكان خبراء مصريون في مجال المياه، أكدوا أن الدول التي وقعت علي الاتفاقية الإطارية، هي الأخطر علي حصة مصر من مياه النيل، مرجعبن ذلك إلي أن إثيوبيا تتحكم وحدها فيما يقرب من 85% من حصة مصر من مياه النيل، في حين تتحكم كل من أوغندا وتنزانيا في بحيرة فيكتوريا التي تسهم بما يقرب من 15% من حصة مصر من المياه؛ حيث تصب أغلب الفروع والمجاري في بحيرة فيكتوريا عبر كل من أوغندا وتنزانيا، أما خطورة رواندا فتأتي في أنها ترفع شعار "بيع المياه لمن يدفع أكثر".
وقالوا : "إن بوروندي والكونغو لا تتحكمان في نهر النيل، أما كينيا فهي أقل الدول تحكماً، وأوضحوا أن الضرر من توقيع هذه الاتفاقية سيقع علي مصر بشكل أساسي، مشيراً إلي أن آثاره قد تظهر بعد 50 عاماً، خاصة أن إثيوبيا تتوسع في إقامة السدود والمشروعات المائية بها، وهذ ا الأمر يعد خصماً من حصة مصر السنوية من مياه النيل".
وأشاروا الي أن التوقيع المنفرد لدول المنابع علي الاتفاقية الإطارية سيؤدي إلي تناقص حصة مصر من مياه النيل، مضيفين أنه لا يمكن التنبؤ بنسبة هذا التناقص في الوقت الحالي، لكن نقصان متر مكعب واحد من المياه ليس في صالح مصر.