قصة اربعة سودانيون قضوا (16) عاما فى سجون الإرهاب الامريكية
تقرير: أجراس الحرية من واشنطن: عبد الفتاح عرمان
في يوم 26/ 2/1993م شهدت مدنية نيويورك هجوم إرهابي عنيف، ادى الي تدمير برج مركزالتجارة العالمي بعد إنفجار سيارة ملغومة كانت تقف فى مرآباً للسيارات في الجانب الشمالي للمركز. الإنفجار اودى بحياة العشرات و جرح المئات. وكما هو معروف، اكتشف لاحقاً بان من كانوا وراء ذلك الهجوم الإرهابي هم، رمزى يوسف، محمد ابو حليمة، محمد سلامح و نضال اياد و اخرين. شهدت الشهور التي تلت ذلك الهجوم إعتقالات واسعة لكل من يشتبه بانهم ينتمون الي جماعات متطرفة. كان ابرز المعتقلين الاصولي المصرى، الشيخ عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي لـ"الجماعة الاسلامية" و الذى اعتقلته شرطة المباحث الفيدرالية (الاف بي اى/ FBI ) حيث تم إتهامه بالتخطيط لتفجير مبني الامم المتحدة فى نيويورك و نفقين تحت الماء فى نفس المدنية، هذا بالاضافة الي مكتب التحقيقات الفيدرالي. تم تقديمه الي محاكمة وحكم عليه بالسجن المؤبد.
في الرابع و العشرين من يونيو (حزيران) عام 1993م حيث يُستمتع الكل في مدنية نيويورك بجو صيفي دافيء، و نسمات الصبح تعانق جسد المدنية التى لا تنام. في تلك الاجواء، مُصير مجهول كان ينتظر كل من، فاضل عبد الغني من مواليد عام 1962م، مدنية القضارف. قدم الى الولايات المتحدة الامريكية فى عام 1987م و عمل فى وظائف عدة. ثم ابن عمه أمير عبد الغني، فارس خلف و طارق الحسن الذين القت القبض عليهم شرطة المباحث الفيدرالية المعروفة إختصاراً بـ( FBI ) بتهمة الإعداد للقيام بعمل إرهابي، وهو تفجير مبني الامم المتحدة و نفقين تحت الماء بمدنية نيويورك. ويقال بان لهم علاقة بالشيخ عمر عبد الرحمن.
نفي المتهمون الاربعة ما وجه اليهم من تهم ولكن فريق (الإف بي اى/ FBI ) الذى قام بالتحقيق معهم قام بتقديمهم الي محاكمات سريعة، تجاوزت فيها احكامهم ما بين (25) الي (35) سنة. وتم توزيعهم على سجون فى مدينة نيويورك ولكن بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) تغيرت المعاملة، وتم نقلهم الي سجون فى ولاية كلورادو مخصصة لعتاة المجرمين و الارهابين.
لمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه القضية، إتصلنا بالسفارة السودانية في واشنطن، حيث تحدث الينا القنصل ابان فاقان اوطو، واجابنا اوطو:" نحن، فى السفارة السودانية فعلنا كل ما بوسعنا لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذه القضية، و إتصلنا بالخارجية الامريكية للسماح لنا بزيارتهم ولكننا لم نتلق اى رد منهم على مكاتباتنا لهم." و فسر اوطو عدم تجاوب الخارجية الامريكية معهم:" كما تعلم، ان السودان مصنف من ضمن الدول الراعية للإرهاب و لذلك ليس هنالك ما يلزمهم بالتعامل معنا، ولكننا سوف نبذل جهدنا في الوصول اليهم."
السجين فاضل عبد الغني يحمل الرقم ( 3484-054 ) حيث يقبع في سجن (يو إس بي/ USB ) بمدينة (فلورانس/ Florance ) ولاية كلورادو. اما ابن عمه، السجين امير عبد الغني، فهو يحمل الرقم ( 34856-054 ) حيث يقضي مدته في سجن يسمي (اي دي إكس/ ADX ) في ولاية كلورادو. و يتواجد معه فى في نفس السجن، فارس خلف الذى يحمل الرقم ( 34856-054 ). اما السجين الاخير، طارق الحسن، فهو يقضي مدته في مدنية (إسبرينغ فيلد/ Springfield ) حاملاً الرقم ( 34852-054 ). اخبرنا القنصل اوطو بان طارق الحسن يعيش في زنزانة إنفرادية، في ظروف غير آدميه سببت له مشاكل نفسيه حتي اصيب بسكته دماغيه سببت له شلل نصفي. اكد لنا القنصل اوطو بان السجين فاضل عبد الغني على إتصال مستمر مع السفارة السودانية عبر الهاتف ولكنه عاد ليقول بان فترات الإتصال متباعدة و ليست في مواعيد محددة. كما اخبرنا القنصل اوطو بان فاضل يتصل بالسفارة لطب بعض الصحف السودانية و التي ترسلها له السفارة كلما طلبها -علي حد قوله-.
اتصلنا كذلك بالخارجية الامريكية، ولكن لم نتلق منهم اى رد حتي الان.
كما هو معروف بان القانون الفيدرالي الامريكي يلزم جميع الولايات الامريكية باطلاق سراح كل سجين قضي ثلاثة ارباع مدته في السجن ولكن علي الرغم من قضاء بعض هؤلاء السجناء لثلاث ارباع مدتهم و لكن لم يُطلق سراحهم حتي الان.
فهل نتفاءل كما بدأ لنا القنصل ابان فاقان اوطو متفائلاً بان الإدارة الجديدة سوف تراجع هذه القوانين و ربما تشهد الفترة القادمة رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب؟ ام ان هذه لا تعدو سوى ان تكون مجرد امانِ سرعان ما يطويها النسيان مثل امر هؤلاء السجناء الشباب الذى راحت زهرة شبابهم في غياهب السجون حيث العتمة و رطوبة الجدران الذي تاكل بفعل البكتريا، و احلام تبخرت في غمضة عين.