20100912
المحيط
القاهرة: فتح المؤلف والكاتب المصري، وحيد حامد، النار عل جماعة الإخوان المسلمين وذلك على خلفية الهجوم الذي تعرض له مسلسل "الجماعة" الذي ألفه حامد واذيع في شهر رمضان وأثار جدلا سياسيا واسعا، حيث هاجمه الإخوان المسلمون وحاولوا منعه وانتقده معارضوه على أساس أنه أثار التعاطف مع قائدهم التاريخى حسن البنا.
ونفى حامد في حوار له مع صحيفة "الشروق" المستقلة ندمه على كتابة المسلسل وفتح عليه أبواب جهنم وعرضه لكثير من الإهانات، وقال: "الإهانات والشتائم وكل ما يذكر على شبكة الانترنت لا أراه لأننى لا أتعامل مع التكنولوجيا الحديثة بصورة جيدة، مشيرا إلى أن الإخوان أعلنوا قبل عرض المسلسل عن تكوين فريق منهم أطلقوا عليه اسم "كتائب الردع" لمناهضة المسلسل وهو ما يعنى أن النية كانت مبيتة منذ البداية، فالإخوان فضلوا أن يلعبوا دور الغجرية فهنيئا لهم".
وقال: "كنت أظن أن الرد على ما لا يعجبهم بالمسلسل سوف يكون بإبراز الحقائق، وإذا كان العمل به شئ أضر بشخص أحد ما فبإمكانه الذهاب إلى القضاء هو الذى يفصل بينى وبينه أما إذا كانت وجهة النظر التى كتبت بها المسلسل لا تعجبهم فعليهم الرد بمسلسل آخر، هذه هى الحالات الثلاث التى كان المفروض أن يتبعوها بعيدا عن منطق الردح والشتائم والكذب الذى تعاملوا به مع المسلسل".
اضاف: "أصبحت مختلفا مع جماعة الإخوان على جميع المستويات بعد الهجوم الذي تعرضت له، لأننى اكتشفت أن مساحات الكذب والعدوانية لديهم لا حدود لها"، مشيرا الى ان "الشرارة التى جعلتنى أكتب هذا المسلسل هى خطأ الإخوان أنفسهم عندما قاموا بعمل العرض العسكرى فى جامعة الأزهر، وهى الواقعة التى أدانتها كل مصر على اختلاف انتماءاتها، ومن هنا قررت أن أبحث فى تاريخ الجماعة وأن أعرف أصل الحكاية وجذورها وعرفت أشياء كثيرة لم أكن أعرفها عن تاريخ الجماعة فقررت أن يعرفها الناس جميعا".
وتابع: "المزعج هو أن الإخوان يريدون كل شىء على هواهم وجرب أنت شخصيا هذه المسألة إذا كتبت شيئا ما يرضون عليه سوف يضعونك فى مكانة مهمة لديهم ولكن إذا كتبت شيئا ما يغضبهم سوف يدعون عليك ويفترون ويكذبونك".
وقال حامد: "لم أقدم مرشدا في المسلسل، الناس ظنت أننى قدمت شخصية المرشد محمد مهدى عاكف لكننى لم أقدمه على الإطلاق وأنا شخصيا احترم هذا الرجل لأنه عفوى وجاد وصريح.. وهذه الواقعة حدثت وهم يعرفون ذلك جيدا، إضافة إلى أننى لست صانع بسكويت أنا مؤلف ولى شخصيتى وهل المطلوب منى أن اكتب كما يريدون ليرضوا عنى.. أنا أريد أن أقول للإخوان اختشوا أفضل لكم".
وحول علاقة الملك ومؤسس الجماعة، حسن البنا، التى بنيت على المصلحة وتنازل فيها مرشد الجماعة عن مبادئ الجماعة من أجل المال ورضا الملك، قال المؤلف: "جميع ما ورد فى المسلسل يعتمد على مراجع موثوق فيها، وحسن البنا أراد أن يقوم بدور القوة المرجحة وكان يعرض خدماته على الملك بدليل المظاهرة التى خرجت من الإخوان لتؤكد إذا كان الشعب مع النحاس فالله مع الملك وكان الملك يستخدمه كأداة وهو كان راض بذلك وفى حوار جلى قال البنا لعلى ماهر «إحنا مستعدين نغض البصر عن أفعال الملك وأمه» فأين المبادئ والاسلام وهذا الكلام موثق ولهذا يجب عليهم أن يسكتوا وبلاش فضايح".
وحول إشارته الى أن الإخوان هم السبب فى انتشار الفكر الوهابى فى مصر، قال حامد: "أنا لم أقل الفكر الوهابى صراحة وقلت الفكر السلفى والشيخ حسن فى بداياته كان صوفيا، وفجأة حتى قرر ألا يصلى فى الحسين وأصبح متشددا ومع ذلك لم يكن حريصا كل الحرص على هذا التشدد فى كل الأوقات فمثلا هو يرفض شرب الشاى فى الفضة وقد حرم الذهب والفضة وفيما بعد عندما انضم للجماعة أحد الأثرياء وكان يرتدى خاتما من الذهب وأراد أحد أعضاء الجماعة أن يخلع هذا الثرى الخاتم رفض البنا وقال له ليس الآن".
"لن نرد على صانعي المسلسل"
وكان المرشد العام للإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، قال خلال حفل إفطار نظمته الجماعة بقرية تزمنت الشرقية فى بنى سويف، إن الإخوان لا يريدون حكماً أو منصباً، إنما يريدون أن تحكم مصر بالشريعة الإسلامية.
واضاف إنه "شاهد حلقة واحدة فقط من مسلسل "الجماعة"، ولفت إلى أن الحلقة بها خطآن فى آيات القرآن الكريم، وإن صانعى المسلسل لم يكلفوا أنفسهم أن يجلسوا مع سيف الإسلام نجل الإمام الراحل، ليأخذوا منه صوره في صغره، أو يتحدثوا معه عن مآثر والده، كما فعل صانعو فيلمي السادات وجمال عبدالناصر".
وتابع: "لن نرد على صانعي المسلسل، حتى لا ندخل فى معارك جانبية، فأمامنا ما هو أهم، أمامنا فلسطين وقضايا أخرى تهم الأمة".
ويتتبع مسلسل "الجماعة" عمل وكيل نيابة مصري شاب يقرر استكشاف ماضي "الإخوان" بعدما استجوب بعض الطلاب الذين انضموا إلى الجماعة. وأظهر المسسلسل أعضاء الجماعة في أول 12 حلقة منه على أنهم يتسمون بالعنف ويستغلون الدين لتحقيق أهدافهم الشخصية ولا يكترثون كثيراً للشعب المصري.
وينظر الكثير من المصريين الى حسن البنا الذي أسس جماعة "الإخوان" عام 1928 وكان يعمل معلماً على أنه شخصية تقية وملهمة لكن شخصيته في المسلسل تظهره خبيثاً يلهث وراء السلطة.
وقال محسن راضي وهو نائب من جماعة "الإخوان" في مجلس الشعب المصري"البرلمان": "إن كاتب المسلسل وحيد حامد يريد أن يدمر الجماعة، لو كان محايداً لوضع الموضوع أمام الرأي العام لكنه يشوه فقط ويزور التاريخ الحديث والقديم. الكاتب يأخذ أوراقاً متناثرة ليتسلل الى ثغرات لتحقيق أهداف غير أخلاقية لتشويه صورة الجماعة".
وفي أحد مشاهد المسلسل يتفق قيادي في الجماعة مع رئيس تحرير صحيفة على أن يشتري 1000 نسخة من صحيفته كل شهر في مقابل خدمات. ويظهر المسلسل ضباط الشرطة وهم يعاملون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين برفق ويعرضون عليهم الشاي والقهوة أثناء استجوابهم.
وقال قياديون في الجماعة ان مثل هذه المشاهد غير واقعية وكرروا اتهامات تنفيها الحكومة المصرية بتعرضهم لإساءة المعاملة أثناء فترة الاحتجاز. ويهون محللون من احتمال أن يكون للمسلسل أي تأثير سياسي.
"شعبية الجماعة"
في غضون ذلك، أظهر استفتاء أجراه الموقع الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين، "إخوان أون لاين"، أن مسلسل "الجماعة" ساهم فى زيادة شعبية الإخوان بنسبة 64%، فيما اعتبر 16% من المشاركين أنه لم يكن له تأثير، ورأى 11% أنه نجح فى تشويه صورة الجماعة، وقال 9% إنهم لم يتابعوا المسلسل.
وعلق عبد الجليل الشرنوبى، رئيس تحرير الموقع، على نتيجة الاستفتاء بقوله إن المسلسل زاد من شعبية الجماعة، وإنه لم يحقق هدفه، معتبراً أن التليفزيون المصرى دفع ملايين الجنيهات لتشويه صورة الجماعة لكن النتيجة جاءت عكسية.
وقال الشرنوبى لصحيفة "المصرى اليوم" المستقلة: إن المسلسل فك الحظر المفروض من الدولة على الإخوان دراميا، وساهم فى إدخالهم كل البيوت المصرية على مدار 28 يوماً، وأصبحوا مادة للحديث فى كل المقاهى والشوارع، متوقعا أن يراجع النظام نفسه فى إنتاج الجزء الثانى من المسلسل.
وقال أحمد سيف الإسلام البنا، نجل حسن البنا، مؤسس الجماعة، لـ "المصرى اليوم"، إن مسلسل الجماعة زاد من مبيعات كتب ومذكرات والده، خاصة "الرسائل"، بمعدل 10 أضعاف مما كان يباع من قبل، مشيراً إلى أن عدداً من أصحاب المكتبات أعادوا طبع الكتب والمذكرات من جديد لتلبية الإقبال على شرائها.
أضاف أن المسلسل شوّه صورة والده بدرجة كبيرة، لكن الجميع يعلم من هو حسن البنا جيداً، مشيراً إلى أنه وبمنتهى الموضوعية ليست لديه مؤشرات أو دلائل يستطيع بها إثبات زيادة شعبية والده من عدمها بعد انتهاء المسلسل.
وتابع سيف الإسلام، رداً على سؤال حول موقف القضية التى أقامها ضد السيناريست وحيد حامد، مؤلف المسلسل، والتليفزيون: "مازلت أنتظر فصل القضاء حول ما نسب لشخصية والدى فى المسلسل، وبناء عليه أستطيع التصرف حيال أسرة المسلسل".