20100921
المحيط
عواصم: ذكرت تقارير صحفية ان اعتقال سلطات الأمن المصرية لقائد جهاز الأمن العام في حركة حماس الفلسطينية، محمد دبابش، والذي يعد أحد أبرز القيادات الأمنية التابعة للحركة في قطاع غزة، يهدد بإشعال فتيل أزمة جديدة بين الحركة والحكومة المصرية في وقت تمر فيه العلاقات بين الجانبين بمرحلة هي الأسوأ بينهما منذ فترة طويلة، بحسب مراقبين.
وفجر اعتقال دبابش "ابو رضوان" والملقب بـ"الضبع"، نهاية الأسبوع الماضي خلافات بين مصر وحماس التي هددت في بداية اعتقاله بتدهور أكبر في العلاقة، محذرة من أنها ستلجأ إلى خطوات لم تفسرها من أجل إطلاق دبابش.
وفي الوقت الذي التزمت فيه حماس رسميا الصمت بشأن اعتقال دبابش، واصلت المواقع المحسوبة على الحركة شن هجوم على مصر بطريقة غير مباشرة.
وحتى الأمس لم يتمكن قياديو الحركة من إقناع المسئولين المصريين بإطلاق سراح دبابش، وهو قائد جهاز الأمن العام التابع لحماس في قطاع، التي تسيطر عليه الحركة منذ يونيو/حزيران 2007.
ويعد جهاز الامن العام في حماس من أبرز وأهم الأذرع الامنية التي تعتمد عليها الحركة في القطاع، كما يعد دبابش من الأعضاء البارزين في المجلس الأمني الأعلى الذي يترأسه وزير الداخلية في الحكومة المقالة فتحي حماد
وكانت صحيفة "الأهرام" المصرية نقلت في عددها الصادر أمس الاثنين عن مصدر أمني لم تذكر اسمه، أنه تم اعتقال دبابش لدى وصوله إلى العاصمة المصرية قادماً من دمشق وأن تحقيقات تجرى معه "بعدما توافرت معلومات عن وقوفه وراء محاولة تهريب كميات كبيرة من أجهزة اللاسلكي المتقدمة التي تصل قيمتها إلى ملايين الجنيهات".
وأكدت "الأهرام" أن "اعترافات بعض الذين شاركوا في عملية التهريب التي أحبطتها أجهزة الأمن المصرية أشارت إلى وقوف دبابش خلفها".
وقالت الصحيفة الحكومية إن التحقيقات تجرى معه على أساس أنه "كان يقود قوات الأمن التابعة لحكومة حماس التي تعتبر حراسة الحدود مع مصر إحدى مهامها".
وكانت العلاقات بين القاهرة وحماس تدهورت منذ أن رفضت الأخيرة التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية أسوة بحركة فتح.
وصعدت حماس من لهجتها ضد الحكومة المصرية واتهمتها بتعمد تعطيل المصالحة الفلسطينية وتعذيب عناصرها المعتقلين في السجون المصرية بتهمة استخدام شبه جزيرة سيناء لإطلاق صواريخ على مدينتي إيلات والعقبة.
ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، سامي خاطر، قوله في مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة السورية دمشق في شهر اغسطس/اب الماضي، بحضور رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل: "لا يخفى أن المصالحة اليوم ممنوعة أمريكياً في المقام الأول ثم هناك أطراف عربية تقف الموقف نفسه".
واشار إلى أن "الجميع يعلم وفي مقدمتهم الأمين العام لجامعة لدول العربية عمرو موسى بوجود ورقة تفاهمات فلسطينية كمقدمة للتوقيع على الورقة المصرية وتبين أن الموقف المصري والأمريكي إضافة إلى السلطة الفلسطينية ممثلة بمحمود عباس الرئيس الفلسطيني هم من عطل المصالحة".
تضارب حول أسباب اعتقال "الضبع"
في هذه الأثناء تضاربت الأنباء حول أسباب اعتقال دبابش، فقد زعم موقع "ديبكا" الإسرائيلي الذي يعرف نفسه على أنه موقع استخباري، إن دبابش اعتقل في محاولة للوصول إلى معلومات حول "من في حماس أطلق صواريخ الجراد على العقبة وإيلات يوم الثالث من أغسطس/آب الماضي؟".
ونقل "ديبكا" عن مصادر استخباراتية شرق أوسطية أنه لا يوجد شك في أن دبابش يعلم أيضا تفاصيل حول خلايا حماس التي تعمل حاليا في الضفة الغربية والتي قتلت أربعة إسرائيليين يوم 30 أغسطس الماضي.
وفي مصر، قالت مصادر مصرية إن دبابش يخضع إلى التحقيق في قضايا تتعلق بأمن مصر القومي، من بينها مقتل الجندي المصري أحمد شعبان في مواجهات اندلعت برفح في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث كان دبابش يقود قوات الأمن التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة التي تعتبر حراسة الحدود مع الجانب المصري من الحدود مع غزة إحدى مهامها.
وطالب عدد من رفاق الجندي شعبان الذي قتل على يد قناص في رفح خلال بيان لهم السلطات الأمنية المصرية بضرورة إعادة فتح ملف مقتل زميلهم واستكمال التحقيق في القضية بهدف الوصول إلى أسماء القتلة الحقيقيين للجندي المصري.
وحسبما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، جاءت هذه المطالبات عبر بيان وقع باسم "رفاق أحمد شعبان"، بعد أن تأكدت الأنباء عن تمكن جهاز الأمن المصري من اعتقال دبابش.
وقال رفاق شعبان إن دبابش قد تم تكليفه في حينه برئاسة لجنة التحقيق التي شكلها وزير داخلية حماس، فتحي حماد، وإن دبابش قد أوصى حينها في التقرير النهائي للجنة التحقيق بأن يتم التكتم على أسماء اثنين من مقاتلي حماس اللذين تأكد للجنة التحقيق أنهما شاركا في عملية قنص الجندي المصري.
أما في رام الله، فقالت مصادر أمنية فلسطينية إن اعتقاله جاء بعد الكشف عن عملية كبيرة لتهريب أجهزة لا سلكية تقدر بملايين الدولارات عبر الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر.
وفي السياق، تضاربت المعلومات حول دخول دبابش مصر بوثائق مزورة أم صحيحة، وهل كان عائدا من السعودية أو دمشق، وقالت عائلته إنه غادر لأداء العمرة.
وردت حماس بصورة غير مباشرة، أمس، عن طريق "المركز الفلسطيني للإعلام" التابع للحركة، الذي نقل بدوره عن مصادر مصرية لم يسمها قولها إن دبابش لم يعتقل على خلفية لها علاقة بالأمن القومي المصري، وإنما على خلفية الحصول على معلومات عسكرية لها علاقة بالجندي الإسرائيلي المحتجز لدى حماس جلعاد شاليط، وأيضا بسلاح الحركة.
وأضاف الموقع التابع لحماس، نقلا عن المصادر، أن "ما يؤكد هذه المعلومات أن التحقيقات التي أجراها ويجريها الأمن المصري مع المعتقلين الفلسطينيين، وخصوصا من أبناء حماس، لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالأمن القومي المصري، وإنما بالتكتيكات العسكرية ومخططات العمل العسكري المقاوم وأماكن وجود القادة العسكريين، هذه هي المعلومات المطلوبة من أي معتقل فلسطيني، خصوصا من أبناء حماس، وهي معلومات أكدتها ضربات الاحتلال لمواقع في غزة تم انتزاع معلومات بشأنها من المعتقلين".
ووصفت المصادر اعتقال دبابش بـ "الصيد الثمين" لمصر الذي يضاف إلى القيادي في كتائب القسام، أيمن نوفل، المعتقل في السجون المصرية منذ ثلاثة أعوام، قائلة إن اعتقاله جرى "بالتنسيق بين أجهزة استخبارات مصرية وفلسطينية وأميركية وإسرائيلية".
من ناحية أخرى، نفت مصادر في وزارة الخارجية المصرية أن يكون اعتقال دبابش لدى وصوله إلى القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي، جاء نتيجة للاشتباه في تورطه في أنشطة تضر بالأمن القومي المصري.
وقالت المصادر لصحيفة "الجريدة" الكويتية، إن "الاعتقال سيكون مؤقتاً لسؤال دبابش عن بعض تفاصيل اغتيال الجندي المصري أحمد شعبان على الحدود بين مصر وقطاع غزة، حيث يتولى دبابش مسؤولية رئاسة لجنة التحقيق في الحادث من قبل حماس".
حماس تتهم مصر بتعذيب معتقليها
كان القيادي في حماس، الدكتور يحيى موسى، رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي الفلسطيني، اعتبر في وقت سابق ان مواصلة الأجهزة الأمنية المصرية تعذيب المعتقلين الفلسطينيين في سجونها بأنه "يسيء للنظام السياسي في مصر، وللعلاقة بين الشعب الفلسطيني والمصري"، مطالبا القيادة المصرية إعادة النظر في هذا الأمر.
وقال موسى في تصريح صحفي، تعقيباً على أنباء تجدد التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون المصرية: "هذا ليس جديد، وإن تاريخ الأجهزة الأمنية في البلاد العربية حافل في مثل هذه الأمور، ومصر جزء من هذه المنظومة التي تعمل وفق رؤية أمنية لا تعيير اهتمام لحياة المواطن أو حقوق الإنسان في مثل هذا الأمر، وهذا ليس ادعاء منا وإنما منشور ومثبت لدى منظمات حقوق الإنسان".
وأضاف: "لقد استمعنا إلى عدد من الذين اعتقلوا في السجون المصرية وخرجوا، يتحدثوا عن أوضاع مأسوية وفيها انتهاكات صارخة وكبيرة لآدمية الإنسان وهي غير مبررة بأي حال من الأحوال وفيها إساءة للعلاقة بين شعبنا الفلسطيني والشعب المصري الشقيق، وفيها إساءة حتى للنظام السياسي المصري".
وتابع عضو المجلس التشريعي بالقول: "لذلك من منطلق العلاقات الأخوية بيننا وبين مصر، نحن دائما كنا نتمنى أن يضع النظام السياسي في مصر حد لمثل هذه الانتهاكات وان يصوب هذه الأوضاع وان يحافظ على العلاقة الحميمة بين الشعب المصري والشعب الفلسطيني ".
وحذر موسى من أن تؤثر الانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية المصرية بحق المعتقلين الفلسطينيين على العلاقة بين الشعبين المصري والفلسطيني، وأن تسيء لها، وتوجد تجارب مؤلمة في نفسية الشعب الفلسطيني المكلوم".
وأشار إلى أنهم طالبوا أكثر من مرة بوقف التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون المصرية ووقف الاعتقالات وإطلاق سراح كافة المعتقلين لكن دون جدوى. وقال موسى: "نتمنى على القيادة السياسية في مصر أن تعيد النظر في كل الأسس التي تقوم عليها التحقيقات مع المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، وموضوع هذه التحقيقات، ومنع الحريات، وكلها قضايا غير مبررة وتسيء للعلاقة بينا وبين مصر".